عملية أمنية للجيش العراقي لملاحقة «داعش» في 4 محافظات

TT

عملية أمنية للجيش العراقي لملاحقة «داعش» في 4 محافظات

أعلنت السلطات العراقية أمس الأحد إطلاق 3 عمليات لملاحقة تنظيم «داعش» الإرهابي، في محافظات الأنبار (غرب) ونينوى وصلاح الدين (شمال) وديالى (شرق). وقال بيان لخلية الإعلام الأمني التابعة لوزارة الدفاع إن «القطعات العسكرية شرعت في تنفيذ 3 عمليات استباقية لملاحقة فلول تنظيم داعش».
وأضاف البيان أن «العملية الأولى انطلقت في جنوب غربي قضاء الرطبة في محافظة الأنبار، أما الثانية فانطلقت غرب مدينة الثرثار بمحافظة صلاح الدين فيما انطلقت العملية الثالثة جنوب قضاء الحضر بمحافظة نينوى». وأوضح أن «هذه العمليات تأتي لملاحقة بقايا عصابات داعش الإرهابية، وتطهير الأراضي، ومكافحة الجريمة بمختلف صورها من أجل خلق بيئة آمنة».
من جهتها، أعلنت هيئة الحشد الشعبي إطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق، لملاحقة فلول تنظيم «داعش» في منطقة جبال حمرين الوعرة بمحافظة ديالى (65 كم شرق العاصمة بغداد). وقال بيان لقيادة الحشد إن «خطط العملية وُضعت بالتنسيق مع قيادة عمليات ديالى للجيش العراقي، إذ انطلقت قوات الحشد في العملية من 5 محاور، وبغطاء جوي من طيران الجيش». وأضاف أن «العملية تهدف لملاحقة فلول العدو والقضاء على مضافته (موقع التجمع) في تلك المنطقة لتقييد حركته التي ينفذ من خلالها هجمات على القوات الأمنية والمدنيين على حد سواء».
وتأتي العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش العراقي عقب تزايد وتيرة هجمات «داعش» على القوات العراقية خلال الأسابيع الماضية، خصوصاً في المنطقة الحدودية الفاصلة بين السلطات الاتحادية وإقليم كردستان شمال البلاد.
وكان وفد عسكري رفيع المستوى برئاسة نائب قائد العمليات المشتركة في الجيش العراقي الفريق الركن عبد الأمير الشمري وصل إلى محافظة ديالى بهدف الإشراف على هذه العمليات بمن فيها عملية حمرين التي انطلقت من 5 محاور. ويأتي إطلاق هذه العمليات قبل 3 أيام من الموعد الأخير لانسحاب آخر الجنود القتاليين الأميركيين من العراق. ومع أن العراق أعلن عن تعزيز تعاونه مع التحالف الدولي (الناتو) كبديل عن الانسحاب الأميركي فإن الفصائل المسلحة الموالية لإيران لا تزال تشكك في الانسحاب الأميركي معتبرة أن الأمر لا يعدو أن يكون تغيير التسمية من القوات القتالية إلى الاستشارية.
ورغم تنفيذ العشرات من العمليات العسكرية من قبل الجيش العراقي وبمساعدة التحالف الدولي لا سيما طيران التحالف فإن تنظيم داعش لا يزال ينشط في العديد من المناطق المستهدفة وهي محافظات ديالى وكركوك ونينوى وصلاح الدين والأنبار مستفيداً من البيئة الوعرة التي يتمكن من التخفي فيها فضلاً عن الحدود شبه المفتوحة بين العراق وسوريا التي تسمح بعمليات التسلل بين البلدين. وكان العراق أعلن الأسبوع الماضي أنه تمكن من تحصين ما نسبته 80 في المائة من تحصين الحدود مع سوريا.
وطبقاً لما أعلنه الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول للوكالة الرسمية للأنباء في العراق أن «الأجهزة الأمنية مستمرة في التحكيمات وتحصين الحدود مع سوريا»، مؤكداً أنه «لم يتبق سوى القليل سواء كانت سواتر ترابية أو تحصينات... وأبراج مراقبة حرارية». وبين أنه «إضافة إلى مسلك الحدود العراقية بمساندة قطعات الجيش العراقي، فقد وصلت نسبة إنجاز تحصينها بنسبة 80 في المائة حتى الآن».
وكان مجلس الوزراء العراقي قد قرر زيادة التخصيص المالي لإكمال التحصينات على الحدود العراقية السورية. إلى ذلك من المقرر أن تصل وجبة جديدة من أسر تنظيم داعش هذا الأسبوع من مخيم الهول السوري إلى محافظة نينوى. وطبقاً لما كشفه عضو البرلمان العراقي السابق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني شيروان الدوبرداني في بيان له أن «مركز تأهيل مخيم الجدعة سوف يستقبل الوجبة الرابعة من أسر داعش» مبيناً أن «هذه الوجبة من المؤمل أن تصل يوم الخميس القادم من مخيم الهول السوري».
وكانت الحكومة العراقية نقلت في نهاية شهر مايو (أيار) الماضي عشرات الأسر العراقية التي ينتمي أفراد منها إلى تنظيم داعش من المخيم السوري.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.