الدعم الغربي للحكومة الليبية يثير تساؤلات حول «قانونيتها»

«النواب» يعقد غداً جلسة رسمية لبحث مصيرها

احتفالات الليبيين بالذكرى السبعين لعيد الاستقلال في «ساحة الشهداء» بطرابلس أول من أمس (أ.ب)
احتفالات الليبيين بالذكرى السبعين لعيد الاستقلال في «ساحة الشهداء» بطرابلس أول من أمس (أ.ب)
TT

الدعم الغربي للحكومة الليبية يثير تساؤلات حول «قانونيتها»

احتفالات الليبيين بالذكرى السبعين لعيد الاستقلال في «ساحة الشهداء» بطرابلس أول من أمس (أ.ب)
احتفالات الليبيين بالذكرى السبعين لعيد الاستقلال في «ساحة الشهداء» بطرابلس أول من أمس (أ.ب)

حصلت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، على دعم أميركي وغربي لافت للانتباه، في وقت يثير فيه انتهاء ولايتها القانونية جدلاً واسعاً داخل الرأي العام المحلي، بينما دعا مجلس النواب أعضاءه لعقد جلسة رسمية غدا بمقره في مدينة طبرق، يعتقد أنها ستتناول مصير هذه الحكومة.
ووجه فوزي النويري، الرئيس المكلف للمجلس، دعوة مقتضبة لهذه الجلسة، ونقلها عبد الله بليحق المتحدث الرسمي باسم المجلس، لكنه لم يحدد جدول أعمالها. لكن مصادر برلمانية توقعت أن يتركز النقاش على مصير العملية الانتخابية، ومحاولة إعادة النظر في قوانينها المنظمة. بالإضافة إلى حسم مصير الحكومة الوحدة.
وكان فتحي المريمي، المستشار الإعلامي لرئيس المجلس، قد أعلن أن مجلس النواب سيتحمل مسؤوليته، بوصفه جسما تشريعيا، تجاه عرقلة الانتخابات، وعبر تعديل بعض القوانين من أجل تسهيل المهمة أمام مفوضية الانتخابات لإجرائها بصورة مرضية.
وأثار إعلان أميركا ودولا غربية عدة، وعلى رأسها بريطانيا، التمسك باستمرار حكومة الدبيبة خلال المرحلة المقبلة جدلا واسعا بين الليبيين، لكون ولايتها القانونية انتهت أول من أمس.
وكان بيان مشترك لحكومات أميركا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا قد قال إنّ نقل السلطة من الحكومة المؤقتة الحالية إلى السلطة التنفيذية الجديدة «يجب أن يتم بعد إعلان نتائج هذه الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة والسريعة».
وسعيا لاستباق أي محاولة للإطاحة بحكومة الدبيبة، أوضح البيان مساء أول من أمس أنه «يتعين استمرارها». بينما أعلنت بريطانيا على لسان سفارتها، مساء أول من أمس، بأنها ستواصل الاعتراف بحكومة الوحدة كسلطة مكلفة بقيادة ليبيا حتى الانتخابات.
وأثار هذا التصريح غضب عدد من الصحافيين والسياسيين والنشطاء الليبيين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبروه انتهاكاً لسيادة البلاد، وتدخلا في شؤونها الداخلية، وطالبوا بطرد السفيرة البريطانية لدى ليبيا، معتبرين تصريحاتها التي صادفت «يوم الاستقلال» «إهانة وتدخلا سافرا»، طبقا لما نقلته وسائل إعلام محلية.
وبحسب مراقبين، فإن إعلان استمرار الاعتراف الأميركي والغربي بحكومة الوحدة المؤقتة، التي تشكلت في شهر مارس (آذار) الماضي، في إطار عملية سلام مدعومة من الأمم المتحدة، بعد تأجيل الانتخابات الرئاسية، يعد قبلة الحياة للحكومة، التي تولت السلطة منذ نحو ثمانية شهور، وأصبح مصيرها مصدرا رئيسيا للخلاف في ظل تداعيات انهيار الانتخابات.
ويرى متابعون للشأن المحلي أنه سيتعين عند بذل أي جهود جديدة لاستئناف العملية الانتخابية إنجاز موازنة بين مخاطر التأخير، مقابل مخاطر معاودة المحاولة مرة أخرى، دون وجود إجماع على قواعد العملية.
وكان البرلمان الليبي قد أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي أنه لن يعترف بحكومة «الوحدة الوطنية» بعد 24 ديسمبر (كانون الأول)، وهو التاريخ الذي كان محددا لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي تأجلت لمدة شهر إضافي، وسط مخاوف من أنه لن يكون التأجيل الأخير لها.
في شأن آخر، أعلن المتحدث باسم جهاز الإسعاف والطوارئ إصابة عامل أفريقي الجنسية بجروح خطيرة، نقل على أثرها إلى مستشفى طرابلس الطبي، نتيجة انفجار لغم أرضي في منطقة عين زارة، جنوب العاصمة طرابلس.
وقال المتحدث إن الحادثة، التي وقعت أول من أمس، ليست الأولى في مناطق جنوب المدينة، مبرزا أنها وقعت لدى تنظيف قطعة الأرض التي زُرع بها اللغم.
من جهة أخرى، اعتبر اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»، أن ما تقوم به قواته في دعم بسط الأمن، والقضاء على الجريمة المنظمة والظواهر السلبية في منطقة البطنان، وسبها بجنوب البلاد، «كان له دور في فضح المتسترين، الذين يستفيدون من ذلك الواقع، ويتشدقون ويدّعون وطنيتهم التي سقط عنها الستار».
وانتقد المحجوب صدور بيانات وكتابات معادية من جهات خارج المشهد، قال إنها «لا تريد الأمن والقانون ودولة المؤسسات، بل الفوضى والنهب أو الشماتة».
وكان المحجوب قد أعلن أنه، بناء على تعليمات قيادة الجيش، فقد تم أمس تسليم مقر المعهد العالي للمهن الشاملة (معسكر الكتيبة 116 سابقا) في مدينة سبها، لإدارة التعليم العالي والجامعات لاستئناف الدراسة به، بعد توقف دام لأكثر من خمس سنوات، لافتا إلى بدء تفعيل مديرية الأمن في المدينة لتقوم بمهامها في بسط الأمن، والمجاهرة به ضمن خطة الغرفة الأمنية المشتركة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).