حشود للنظام وحلفائه استعداداً لإطلاق عملية ضد «داعش» في البادية

الميليشيات الإيرانية جلبت تعزيزات من دير الزور... وروسيا تدعم مواقعها في تدمر بمدرعات

دمار في بلدة القريتين التي احتلها تنظيم «داعش» عام 2015 في بادية حمص (أ.ف.ب)
دمار في بلدة القريتين التي احتلها تنظيم «داعش» عام 2015 في بادية حمص (أ.ف.ب)
TT

حشود للنظام وحلفائه استعداداً لإطلاق عملية ضد «داعش» في البادية

دمار في بلدة القريتين التي احتلها تنظيم «داعش» عام 2015 في بادية حمص (أ.ف.ب)
دمار في بلدة القريتين التي احتلها تنظيم «داعش» عام 2015 في بادية حمص (أ.ف.ب)

بدأت قوات النظام مسنودة بميليشيات محلية مساندة لها وميليشيا «فاغنر» الروسية وميليشيات موالية لإيران، بالتحضيرات العسكرية لاستئناف العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش» في البادية السورية، بعد تزايد نشاط الأخير واستهدافه المتكرر للقوافل والمنشآت النفطية والمواقع العسكرية للنظام والميليشيات الإيرانية.
وقال مصدر خاص لـ«الشرق الأوسط» إن ميليشيات لواء «الباقر» العراقي ولواء «فاطميون» الأفغاني جلبت، خلال اليومين الماضيين، تعزيزات عسكرية ضخمة من دير الزور إلى مواقعها في منطقة السخنة ومحيطها (مثل جبل الأبتر وجبل أبو دلة وأبو الرجمين) شرق حمص. وتضم التعزيزات أكثر من 400 عنصر وآليات عسكرية مصفحة وسيارات مزودة برشاشات ثقيلة ومتوسطة، فيما يبدو استعداداً لإطلاق عملية عسكرية جديدة ضد «داعش» في بادية حمص، وسط البلاد.
وأضاف المصدر ذاته أنه، في مقابل ذلك، عززت القوات الروسية مواقعها بمحيط مدينة تدمر ومنطقة السخنة بعدد من الآليات، بينها مدرعات وناقلات جند، بالإضافة إلى عدد كبير من عناصر ميليشيا «فاغنر»، وعدد من عناصر (الفرقة 25) المدعومة من روسيا، معتبراً أن ذلك يأتي بهدف المشاركة إلى جانب الميليشيات الموالية لإيران في العملية المرتقبة ضد «داعش». ويأتي ذلك بالتزامن مع استعدادات مماثلة لقوات النظام وميليشيا الدفاع الوطني في منطقة مسكنة وخناصر جنوب محافظة حلب شمال سوريا.
وأوضح المصدر أن من المتوقع أن تنطلق في غضون الأيام القليلة عملية عسكرية واسعة لمطاردة فلول «داعش» عبر 3 محاور كمرحلة أولى، وتشمل تطهير المنطقة الممتدة من ريف حلب الجنوبي (مسكنة وخناصر) مروراً بمنطقة (أثريا ومحمية الغزلان) شرقي حماة، وصولاً إلى منطقة السخنة شرقي حمص، والتقدم نحو منطقة حقول النفط جنوب مدينة الطبقة ومنطقة الرصافة جنوب غربي محافظة الرقة، وذلك عقب تدريبات عسكرية برية خضع لها عناصر التشكيلات المشاركة في العملية المرتقبة، ومناورات جوية وبرية شاركت فيها طائرات مروحية وحربية روسية وأخرى سورية، لملاحقة فلول التنظيم أثناء البدء بالعملية العسكرية.
وأشار المصدر إلى أنه «بعد الانتهاء من تطهير باديتي حماة وحمص من فلول تنظيم داعش، من قبل قوات النظام السوري والقوات الروسية والميليشيات الموالية لإيران، سيتم التجهيز لعملية عسكرية لاحقة من شأنها تطهير المناطق الواقعة بين مناطق السخنة وتدمر ودير الزور والرقة، وصولاً إلى الحدود السورية العراقية بمشاركة عدد كبير من طائرات الاستطلاع للقضاء على داعش من كل البادية السورية».
من جهته، قال الناشط مؤيد سلوم، في منطقة سلمية بريف حماة الشرقي، إن أعداداً كبيرة من عناصر قوات النظام وعناصر من لواء «القدس» الفلسطيني، ترافقها آليات مزودة برشاشات ثقيلة، وصلت خلال الساعات الماضية إلى منطقة السعن شرقي حماة، استعداداً للمشاركة في العملية المرتقبة ضد «داعش».
وأضاف أن «تزايد وتيرة هجمات تنظيم داعش على المواقع العسكرية لقوات النظام والميليشيات الإيرانية في باديتي حماة وحمص خلال الآونة الأخيرة، واستهدافه للقوافل البرية للنظام على طريق خناصر - أثريا وطريق الرصافة - الرقة - حماة، أسفر عن مقتل وجرح أكثر من 200 عنصر، بالإضافة إلى تدمير عدد من الآليات العسكرية والصهاريج بالأسلحة الرشاشة والصواريخ، وذلك رغم كثافة الغارات الجوية للمقاتلات الروسية على المواقع التي يشتبه في اختباء خلايا داعش فيها».
وأوضح أن «التنظيم هاجم خلال الفترة الأخيرة 8 مواقع عسكرية تتبع للميليشيات الإيرانية في منطقة السخنة شرقي حمص، كما شن 4 هجمات مباغتة استهدفت مواقع وسيارات عسكرية للنظام على طريق أثريا - حلب، وترافق ذلك مع هجمات مماثلة استهدفت 3 مواقع تابعة لميليشيا لواء (فاطميون) الأفغاني في منطقة الطيبة والكوم والكدر شمال شرقي مدينة تدمر في بادية حمص». ولفت إلى أنه «رغم عشرات الغارات الجوية بالصواريخ الفراغية والصواريخ شديدة الانفجار التي تنفذها المقاتلات الروسية على مواقع جبلية وسط البادية السورية، حيث يتحصن مقاتلو تنظيم داعش، فإن ذلك لم يحد من نشاطه واستهدافه لمواقع النظام والميليشيات الإيرانية». وقال إن «التنظيم يعتمد في عملياته وتكتيكه القتالي على أسلوب المباغتة والهجمات المفاجئة بعد منتصف الليل، بعد قطع كل الطرق المؤدية إلى الموقع المستهدف لمنع وصول المؤازرات من مواقع عسكرية أخرى مجاورة».
وقال ناشطون سوريون إن العام الجاري (2021) شهد مقتل أكثر من 420 عنصراً من قوات النظام والميليشيات الموالية لها من جنسيات فلسطينية ولبنانية، و7 من القوات التابعة لروسيا، بالإضافة إلى مقتل أكثر من 190 عنصراً من الميليشيات الموالية لإيران (عراقية وأفغانية)، بهجمات وكمائن لـ«داعش» في البادية السورية، لا سيما في محافظات دير الزور والرقة وحمص وحماة وحلب. في المقابل، قُتل أكثر من 650 عنصراً من «داعش» خلال الاستهدافات الجوية الروسية والعمليات العسكرية البرية وسط البادية السورية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».