«كاسا أند كن»... فرصة المطبخ الفلبيني للانتشار من لندن

مخبز ومطعم يغزو حي «سوهو» بنكهات جنوب شرقي آسيا

بينتو بوكس مشكلة تضم تشكيلة من الطعام الفلبيني
بينتو بوكس مشكلة تضم تشكيلة من الطعام الفلبيني
TT

«كاسا أند كن»... فرصة المطبخ الفلبيني للانتشار من لندن

بينتو بوكس مشكلة تضم تشكيلة من الطعام الفلبيني
بينتو بوكس مشكلة تضم تشكيلة من الطعام الفلبيني

لم يستطع المطبخ الفلبيني بعد من جذب الذائقة العالمية على غرار جيرانه في الدول الآسيوية الأخرى، غير أن هذا الوضع قد يتغير قريباً، خاصة بعدما اجتاحت الولايات المتحدة الأميركية موجة من افتتاح المطاعم الفلبينية العام الماضي، واليوم تبدو لندن أنها تسير على نفس الخطى بعدما شهد حي «سوهو» الشهير بتنوع مقاصف الطعام فيه افتتاح مخبز ومطعم «كاسا أند كن» Kasa and Kin في الثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي واستطاع هذا العنوان وفي وقت زمني قصير لفت الأنظار واستقطاب الباحثين عن نكهات جديدة في عاصمة الطعام لندن.
يطلق المطعم على نفسه اسم مخبز أيضاً، لأنه متخصص في تقديم المخبوزات الفلبينية، بالإضافة إلى قوائم طعام تختلف بحسب توقيت اليوم، ففيه يمكنك تناول القهوة مع نوع من المخبوزات أو الفطور، وفترة الغداء يمكنك طلب أطباق خاصة بتلك الفترة، أما قائمة الطعام المخصصة للعشاء فتقدم أطباقاً مختلفة بما فيها المشاوي على الطريقة الفلبينية.
يقع المطعم في شارع «بولاند ستريت» المتشعب من شارع «أكسفورد ستريت» الشهير الخاص بالتبضع، مما يجعل هذا العنوان مناسباً جداً للأكل خلال التبضع وأخذ قسط من الراحة لمتابعة مهمة التبضع بعدها.
تشدك واجهة المطعم بجلسات خارجية وباللون البرتقالي الذي يطغى على الديكور، عند دخولك تجد المخبوزات إلى يمينك ويتوسط المطعم مطبخ مفتوح تستطيع أن ترى فيه الطهاة وهم يحضرون الأطباق.
الشيء المحير في هذا المكان هو شكله، لأنه يشبه المطعم أكثر من كونه مخبزاً، وتعمل الإدارة حالياً على حل هذه المشكلة التي لا تؤثر على نكهات الأطباق التي جربنا بعضها وفاجأتنا بلذتها.
هذا المطعم تابع لـRomulo Café الحائز على العديد من الجوائز والواقع في منطقة Kensington.
وتعني كلمة «كاسا» المنزل، أما كلمة «كن» بالفلبينية تعنى العائلة وهذا ما يسعى إليه المطعم من خلال تقديم مأكولات فلبينية كتلك التي تؤكل في المنزل.
يشرف على المطعم الشيف والمستشار الحائز على نجمة ميشلان بات ماكدونالد، والطاهي التنفيذي اللامع في «رومولوا»، جيريمي فيلانويفا. ويفتح أبوابه من الساعة 10 صباحاً حتى وقت متأخر من الليل.
وفي حديث مع كريس جوزيف، المؤسس الشريك لروينا رومولو إحدى أصحاب «رومولو كافيه»، وخلال وجوده في المطعم خلال زيارتنا، قال إنه يملك شغفاً كبيراً لنشر الطعام الفلبيني لأنه ليس معروفاً في الغرب كما يجب. وقال إنه يعمل على مزج المخبز مع المطعم في الوقت نفسه، وأثناء تكلم كريس سألناه عن علاقته بالمطبخ الفلبيني فجاوب: «أنا فلبيني لكن ملامحي ليست آسيوية لأن عائلة أبي ليست من أصول فلبينية»، وبالسؤال عن أصل عائلة والد كريس تبين أن أصول العائلة من لبنان وهذا ما دعا كريس إلى الذهاب إلى لبنان لتقصي تاريخ شجرة العائلة ولا يزال يعمل على هذا الموضوع.
بدأ كريس في عام 2016 حياة جديدة كصاحب مطعم جنباً إلى جنب مع روينا وجيريمي فيلانويفا، الشيف التنفيذي المولود في كويزون سيتي بالفلبين، وعمل الشيف فيلانويفا في أهم مطاعم لندن مثل «رو» و«لو غافروش» و«وولبروك كلوب».
وهو نادٍ خاص للأعضاء في قلب Square Mile، وأصباح رئيساً للطهاة بعد بضعة أشهر. قرر جيريمي أنه بحاجة إلى المزيد من الخبرة في مطبخ أكبر، فاغتنم فرصة العمل في براسيري «رو ألبرت رو» في سوفياتيل سانت جيمس، لينضم جيريمي بعدها إلى Romulo Café في ربيع 2018 ولمع بتقديم الطعام الفلبيني، واليوم وبعد افتتاح «كاسا أند كن» يتفنن بالشغف الذي يحمله في قلبه للمطبخ الفلبيني.


مقالات ذات صلة

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».