جدل في تونس بعد كشف قيس سعيد مخطط اغتيالات

الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ف.ب)
TT

جدل في تونس بعد كشف قيس سعيد مخطط اغتيالات

الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ف.ب)

طالبت قيادات سياسية وأمنية الرئيس التونسي قيس سعيد بالكشف عن مخطط اغتيال عدد من المسؤولين الحكوميين، الذي قال إن وزير الداخلية أكد له رصد مكالمة تتحدث عن «يوم تنفيذ الاغتيال» ما خلف تساؤلات حول الأطراف التي تقف وراء هذا المخطط.
واعتبر القيادي في حركة «النهضة» عبد اللطيف المكي، أن حديث الرئيس عن رصد مكالمة هاتفية تتحدث عن الاغتيالات، وعن علاقة أجهزة استخبارات أجنبية، مسألة شديدة الخطورة. وأكد أنه كان من المفترض أن يتم القبض على المتهمين وإحالتهم على القضاء قبل الإعلان عن هذا المخطط، علاوة على ضرورة قطع العلاقات الدبلوماسية بهذه الدولة الأجنبية المتآمرة على تونس. وأضاف أن الأجهزة الأمنية نفسها كان عليها أن تعقد مؤتمراً صحافياً لكشف كل هذه المعطيات.
ودعت «النقابة العامة للحرس الوطني» وزير الداخلية توفيق شرف الدين إلى توضيح ما يتم تداوله عن الاغتيال وساعته. وشددت النقابة في بيان مقتضب على أن «أبناء المؤسسة الأمنية لن يكونوا كبش فداء». وقالت: «الحقيقة وحدها تفند الإشاعات والأمن القومي خط أحمر». وكان الرئيس سعيد أكد أن ما يُدبر في تونس من مؤامرات وصل إلى حد اقتراح بعضهم الاغتيال، ودعا التونسيين إلى «الانتباه إلى ما يدبره الخونة الذين باعوا ضمائرهم ويدبرون مع الاستخبارات الأجنبية لاغتيال بعض المسؤولين». وقال خلال مجلس وزاري في قصر قرطاج: «لا تهمنا الحياة بل يهمنا أن نكون في مستوى ثقة التونسيين ووزير الداخلية أكد لي أن هناك مكالمة هاتفية تم رصدها وتتحدث عن يوم تنفيذ الاغتيال».
على صعيد آخر، واصل ناشطون ضمن مبادرة «مواطنون ضد الانقلاب» وسياسيون، منهم رئيس الجمهورية الأسبق منصف المرزوقي، تنفيذ «إضراب جوع» لليوم الثاني على التوالي، احتجاجاً على ما وصفوه بالمسار الانقلابي لرئيس الجمهورية، وطالبوا بإطلاق سراح النواب المسجونين وإيقاف المحاكمات العسكرية، وإطلاق سراح الموقوفين يوم 18 ديسمبر (كانون الأول) إثر منع ناشطين في هذا الحراك من نصب خيام للاعتصام في شارع بورقيبة ضد مؤسسة الرئاسة، والكف عن تهديد القضاء وتوظيفه لتصفية خصوم سياسيين، والكف عن توظيف المؤسسة الأمنية وإقحامها في الصراع السياسي واختراقها بتعيينات قائمة على الولاء وتعطيل حرية الإعلام والهيئات الدستورية.
وتشارك في هذا الإضراب مجموعة من الناشطين: رفيق عمارة ويسري الدالي وفائزة بوهلال وأمين العيساوي والعجمي الوريمي وعز الدين بن مبارك.
في غضون ذلك، دعا الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين أنطوني بيلانجي السلطات التونسية إلى السحب الفوري للمنشور الصادر عن رئيسة الحكومة نجلاء بودن والمتعلق بقواعد الاتصال الحكومي. وقال إن هذا المنشور «يهدف إلى الحد من تعددية وسائل الإعلام»، واصفاً حرية الصحافة في تونس بأنها في حالة «سقوط حر منذ عدة أشهر». واعتبر أن هذه الخطوة «تقيد بشكل كبير حق الوصول إلى المعلومات، ويمكن أن تخلق الخوف لدى أعضاء الحكومة الراغبين في التواصل مع الصحافة».
وكانت بودن قد أصدرت في العاشر من هذا الشهر منشوراً يطالب أعضاء الحكومة بالتنسيق المسبق مع مصالح الاتصال برئاسة الحكومة بخصوص شكل ومضمون كل ظهور إعلامي، والامتناع عن الحضور والمشاركة في القنوات التلفزية والإذاعات المخالفة للقانون ولقرارات الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا).



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.