آلاف المتظاهرين يتجهون إلى القصر الرئاسي في الخرطوم

قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين

جانب من تظاهرات الخرطوم اليوم (أ.ف.ب)
جانب من تظاهرات الخرطوم اليوم (أ.ف.ب)
TT

آلاف المتظاهرين يتجهون إلى القصر الرئاسي في الخرطوم

جانب من تظاهرات الخرطوم اليوم (أ.ف.ب)
جانب من تظاهرات الخرطوم اليوم (أ.ف.ب)

نزل آلاف السودانيين إلى الشوارع، اليوم السبت، في الخرطوم وضواحيها وفي مدن أخرى، احتجاجاً على الحكم العسكري، حسب ما قال شهود في السودان، حيث قطعت السلطات خدمات الإنترنت والهاتف.
ورغم الانتشار الأمني الواسع في العاصمة تشكلت قوافل المتظاهرين وبدأت تتجه إلى القصر الرئاسي في ذكرى مرور شهرين على إطاحة قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان بشركائه المدنيين في السلطة الانتقالية التي تشكلت بعد إطاحة عمر البشير، التي يفترض أن تقود البلاد نحو انتخابات حرة تفضي إلى حكومة مدنية منتخبة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وذكرت الوكالة أن قوات الأمن السودانية أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين.

وقبيل ساعات من التظاهرات، قُطعت شبكة الإنترنت للأجهزة المحمولة والاتصالات الهاتفية في أنحاء البلاد.
يأتي ذلك بعد أقل من أسبوع من الذكرى الثالثة لانطلاق «الثورة» التي أرغمت الجيش في عام 2019 على إنهاء 30 عاماً من الديكتاتورية العسكرية في ظل عمر البشير.
في ذلك اليوم، أطلقت قوات الأمن الذخيرة الحية وقنابل الغاز المسيل للدموع على مئات الآلاف من المتظاهرين، بل لجأت، وفقاً للأمم المتحدة، إلى سلاح الاغتصاب الذي استخدم خلال النزاع في دارفور.
هذا السبت، لجأت السلطات إلى أداة أخرى كبيرة. فمثلما فعلت خلال ما يقرب من شهر من الانقلاب، قطعت الاتصالات الهاتفية والإنترنت للهاتف المحمول، وحرمت النشطاء من إمكانية بث صور حية، وعزلت السودانيين عن الخارج في اليوم التالي لاحتفالات عيد الميلاد في جميع أنحاء العالم.
احتج مبعوث الأمم المتحدة فولكر بيرثيس، على هذه الإجراءات، مؤكداً أن «حرية التعبير حق من حقوق الإنسان، وهذا يشمل الوصول الكامل إلى الإنترنت».
وبينما أبلغ المدافعون عن حقوق الإنسان عن اعتقالات منذ مساء الجمعة بين النشطاء وأقاربهم، أضاف بيرثيس أنه «وحسب المواثيق الدولية، فيجب ألا يُعتقل أي شخص بسبب نيته في الاحتجاج السلمي»، وحث «السلطات السودانية وقوات الأمن على حماية المظاهرات المخطط لها اليوم».

في بداية هذا اليوم من التعبئة تحت شعاري «لا تفاوض» مع الجيش و«الجنود إلى ثكناتهم»، أعربت نقابة الأطباء المؤيدة للديمقراطية، التي ترصد ضحايا القمع منذ 2018 عن قلقها من التعتيم.
وأكدت في بيان: «نلفت نظر العالم أجمع للانتباه لما جرى وسيجري في السودان حيال حراك شعبنا الثوري من أجل الحرية والديمقراطية وإسقاط كافة أشكال الحكم العسكري والديكتاتوري».
هذا لأن الإغلاق ذهب إلى أبعد من ذلك. ففي حين قامت مركبات مدرعة تابعة لقوات الأمن في كل مظاهرة بإغلاق الجسور التي تربط الخرطوم بضواحيها، فقد استخدمت هذه المرة رافعات لوضع حاويات ضخمة أمامها.
بالإضافة إلى ذلك، أغلقت قوات الأمن الطرق الرئيسية المؤدية إلى مركز المدينة، حيث يقع القصر الرئاسي الذي يخطط المتظاهرون للسير نحوه بعد أن بات مقر السلطات الانتقالية برئاسة البرهان.
منذ الجمعة، أعلنت ولاية الخرطوم إغلاق جميع الجسور على النيل، مؤكدة أن أجهزة الأمن ستتعامل «مع الفوضى والتجاوزات»، وأن «المساس بالمواقع السيادية مخالف للقانون»، في حين أنه في كل مظاهرة، كانت الطلقات الأولى تُطلق أمام البرلمان والقصر الرئاسي أو مقر قيادة الجيش.

بعد إدانة العالم انقلابه، أعاد البرهان رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك إلى منصبه، لكن السودان ما زال من دون حكومة وهو شرط لاستئناف المساعدات الدولية للبلد الذي يعد من الأفقر في العالم.
بالإضافة إلى ذلك، وعد البرهان بإجراء أول انتخابات تعددية منذ عقود في يوليو (تموز) 2023، لكن هذا لم يُقنع أنصار الحكم المدني في بلد عاش تحت حكم الجيش تقريباً دون انقطاع طيلة 65 عاماً بعد الاستقلال.
وأعلن المحتجون أنهم بعد السبت سيتظاهرون مجدداً في 30 ديسمبر (كانون الأول). فهم وإن وافقوا على العمل مع الجيش في عام 2019 لتحسين الوضع في البلاد، التي تعاني من ركود سياسي ومن تضخم تجاوز 300 في المائة، فإنهم يريدون العودة بسرعة إلى حكم مدني صرف.
ويوم الأحد الماضي، ورغم كل شيء، سجل مناهضو الانقلاب خطوة رمزية مهمة بإعلانهم في المساء وعلى أبواب القصر الرئاسي عن «اعتصام مفتوح»، عودة إلى نهج «ثورة» 2019 التي أطاحت بالبشير في نهاية أشهر من الاعتصام.
لكن في غضون ساعات، تمكنت قوات الأمن من تفريق آلاف المتظاهرين باستخدام العصي.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.