محمد المجذوب: الناس تحتاج اليوم إلى أغنيات فيها جرعات من الفرح

توقع عودة أدهم النابلسي عن قراره الاعتزال

يقف المجذوب عند رأي الأطفال في أغانيه «لأنهم صادقون»
يقف المجذوب عند رأي الأطفال في أغانيه «لأنهم صادقون»
TT

محمد المجذوب: الناس تحتاج اليوم إلى أغنيات فيها جرعات من الفرح

يقف المجذوب عند رأي الأطفال في أغانيه «لأنهم صادقون»
يقف المجذوب عند رأي الأطفال في أغانيه «لأنهم صادقون»

يحقق الفنان محمد المجذوب في الفترة الأخيرة نجاحات متتالية من خلال مجموعة أغان يقدمها بين فترة وأخرى. وكان أحدثها «راجعلك» التي حصدت أكثر من 10 ملايين مشاهدة في فترة لم تتجاوز شهراً واحداً.
ويتحدث محمد المجذوب لـ«الشرق الأوسط» شارحاً طريقة اختياره أغانيه: «تعتمد خياراتي على الإحساس والخبرة والسمع. فهذه العناصر مجتمعة تؤلف ركيزتها الأساسية، والأهم هو أن تخاطب الناس ببساطة». يعتز المجذوب بانتمائه إلى شركة الإنتاج والتوزيع العالمية «يونيفرسال مينا». ويعلق: «أنا سعيد لهذه المكانة التي خصتني بها، وهي تحرص دائماً على أن أقدم الجديد».
في رأي الفنان السوري أن الكلمة تلعب دوراً رئيسياً في الترويج للأغنية، إضافة إلى اللحن والتوزيع... «فكلما كانت قريبة من قلب مستمعها، حققت انتشاراً أوسع».
وما يعنيه المجذوب هو «الابتعاد عن الشعر الكلاسيكي الذي لا نستعمل كلماته في يومياتنا، ولذلك يفضل الركون إلى الكلام الجميل والمعاصر مع استخدام مصطلحات جديدة». ويرى أنه في أغنيته الأخيرة «راجعلك» تحدث عن التحدي في الحب بطريقة مغايرة «وبأسلوب خفيف الظل لا يتسبب في التوتر أو في التهديد، مما يؤذي الآخر. فموضوع الحب يشد الناس عادة، ولكن علينا أن نتناوله بطريقة غير مستهلكة».
لا يعدّ محمد المجذوب نفسه من أصحاب «موجة التكنو»، ويقول في سياق حديثه: «ولكني في الوقت نفسه أواكب عصري على طريقتي. فمن الضروري أينما ذهبت في أغنياتي أن تكون تشبهني، وهذا الأمر يصب في مصداقية الفنان. وعندما تلمس الناس هذا الصدق تنجذب نحوه».
«متأثر جداً بالراحل محمد عبد الوهاب»، يؤكد محمد أن أي تطور تشهده الألحان اليوم سبق أن ابتكره العملاق الراحل فكان سباقاً إليه... «إنه يمثل التطور بحد ذاته، وكل ما نقدمه اليوم هو مقتبس من أعماله. ومرات كثيرة أسأل نفسي كيف استطاع أن يتوصل إلى هذا المستوى من الألحان سابقاً عصره. فأهم عمالقة اللحن تأثروا بعبد الوهاب، واستوحوا جملاً ونوتات موسيقية منه؛ فأبدعوا. الرعيل القديم يشكل حالة فنية لن تتكرر، وهذا الأمر ينطبق على الراحلين أم كلثوم وعبد الحليم وفريد الأطرش ووديع الصافي. فهذا الأخير كان يتمتع بصوت لم ولن نشهد مثله عبر التاريخ. هؤلاء برأي هم المؤسسون للموسيقى الشرقية، والملحنون من بعدهم عملوا على تقليدهم».
وعما إذا كان هناك من تعاون منتظر بينه وبين الملحن مروان خوري كما تمنى دائماً؛ يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «سبق أن تواصلت معه، وتكلمنا عن هذا الأمر ضمن مقابلة تلفزيونية من حلقة (طرب). الفكرة واردة، ومن المفروض أن نبدأ في التحضير لها قريباً». يتعاون محمد المجذوب مع عدد من الملحنين؛ بينهم علي صابر الذي يعدّه الأقرب إلى روحه وينسجم مع ألحانه.
ويضيف: «كذلك الأمر بالنسبة لرامي الشافعي الذي تعاونت معه من قبل. كما أتمنى أن يحصل تعاون بيني وبين وليد سعد ومدين من مصر، فهناك أعمال كثيرة أحضر لها. وعندما أقول إن هذا الملحن أو ذاك قريب من روحي فأعني بذلك أنه يبدع في فهمي تماماً كما لو كنت أنا من يلحن لنفسي».
كان محمد المجذوب منذ صغره يهوى الغناء، وتبلورت موهبته وهو في سن السادسة عشرة إثر نيله لقب «ذا إكس فاكتور»؛ فكيف يصف هذا المجال بعد خبرته الطويلة؟ يرد: «إنه مجال يتطلب التطور والاستمرارية والحفاظ على النجومية. صار من الصعب جداً أن ننتج ألبوماً أو حتى أغنية. أنا شخصياً عانيت من هذا الأمر وغبت عن الساحة لفترة 3 سنوات. غيابي لم يؤثر على محبي؛ لأنهم كانوا يتذكرونني دائماً في أعمال سابقة مثل (الله شو بحبك) و(بحسك معي)».
وماذا علمك هذا الغياب؟... «علمني الاجتهاد وعدم الاستسلام ولا الاستسهال. حالياً أحاول ألا أفوت أي تفصيل عن الساحة الفنية وعن هذا المجال ككل. واكتشفت في تلك الفترة تفاصيل صغيرة بإمكانها أن تقربك من الناس بشكل أفضل. وكذلك كيف يمكن أن أختار الأغنية الصائبة، وكيف عليّ أن أتخذ قراري فيما يخص اللهجة التي أقدمها. حالياً مثلاً أتدرب على الغناء باللهجة العراقية؛ ويمكنني أن أغني أي لون آخر؛ مغربي أو مصري أو خليجي. ولكن الأهم أن أتقن كل لهجة أقدمها احتراماً للبلد الذي أمثله. فإذا كنت لا أجيدها؛ فلا أفكر فيها ولا أقاربها، وقريباً جداً سأقدم أغنية عراقية وأنا متحمس جداً لذلك».
لمس محمد المجذوب، ومن خلال احتكاكه اليومي بالناس، أنهم يحتاجون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى ما ينعش قلوبهم ويشعرهم بالفرح... «لم يمر عليّ أسوأ من الفترة الحالية التي نعيشها؛ إن بسبب الأزمات التي تغزو العالم، وإن من ناحية الوباء. كل ذلك ترك أثره السلبي على المستمع. فهو لم يعد يهوى أغاني الدراما والشجن وتلك المليئة بالحزن. حالياً أعتمد في أغانيّ جرعات الفرح؛ مجبولة بكلام ولحن وتوزيع موسيقي نابض، كي يتنفس سامعها الصعداء ويروح عن نفسه وينسى همومه ولو لدقائق قليلة».
مؤخراً أعلن الفنان الأردني أدهم النابلسي اعتزاله الفن، وبغض النظر عن الأسباب التي دفعت به إلى ذلك والتي حصرها بأن الفن لا يرضي رب العالمين، واجه الفنان المعتزل موجة انتقادات، وكذلك هناك من أثنى على قراره. فما رأي محمد المجذوب في ذلك؟ يرد: «كان فناناً متميزاً وناجحاً وفي ظرف فترة قصيرة أصبح يتمتع بشعبية كبرى وبأرشيف غنائي جيد جداً. وما أقدم عليه هو قراره الخاص، وأنا شخصياً لا أتدخل فيه؛ فأنا من الفنانين الذين لا يستطيعون العيش من دون ممارسة مهنتهم؛ لأنها في رأيي نعمة وموهبة من رب العالمين. فهو زودني بها كي أنشرها وأستخدمها؛ سيما أني فنان منذ صغري، فلم أدخل إلى هذا المجال بالصدفة كبعض المغنين الآخرين. فأنا ابن عائلة فنية، وأمي كما خالاتي وخالي، يملكون صوتاً جميلاً، وأنا ورثته عنهم. أستغرب هذا الخيار بالنسبة لأدهم، وأعتقد أنه نتيجة حالة خاصة يمر بها. ولكني متأكد من أنه سيعود عن قراره هذا؛ ولو بعد حين».
وهل تسهم والدتك في خياراتك الفنية فتستمع قبل غيرها إلى أعمال تحضرها؟... «طبعاً؛ لأن والدتي صاحبة أذن دقيقة، وكذلك زوجتي. ألجأ إليهما قبل طرح أي أغنية؛ لأني أثق بذوقهما. فزوجتي يمكنها أن تتوقع لأغنية معينة النجاح أو العكس. ومرات لا أتوانى عن الوقوف عند رأي الأطفال بأغنية معينة؛ لأنهم أصحاب إحساس صادق وحقيقي».
يستمع محمد المجذوب إلى كل جديد على الساحة؛ «ولكن عندما أرغب في أن أطرب ومن دون أي بلبلة قد تزعجني وتربك رأسي، أختار أغاني أم كلثوم؛ فمعها أذهب إلى عالم آخر من دون أن أشغل ذهني بتفاصيل تتعبه. فعادة أتنبه إلى خطأ اقترفه أحدهم في الأداء، أو في استخدام النوتات الموسيقية والمقامات، ولكن مع أم كلثوم أشعر بالاسترخاء وتستمتع أذني بما تسمعه على أفضل وجه». ويتابع: «الأغاني القديمة فيها كمّ كبير من الطرب الأصيل، وكذلك كثير من الصدق والإحساس... إنها بمثابة وجبة فنية دسمة كاملة ومقنعة».
يحكي محمد المجذوب عن التزيف الذي يتخبط فيه عالم الفن ككل، ويقول: «هناك كثير من التزيف في مجالنا، ومرات يطال أغاني فنانين نجوم... فهم يغشون سامعهم في أدائهم أغنية معينة ومن دون أي إحساس. فيسخفون العمل الغنائي عن طريق الأداء أو اللحن والكلام. الغناء بشكل عام يتطلب مشاعر وأحاسيس صادقة تلامس مستمعها، وإلا فإنه يصبح بمثابة منتج أو سلعة؛ ليس أكثر».
وعمّا إذا كان يرى نفسه ممثلاً في المستقبل القريب بعد ازدهار موجة «المغني الممثل»، يقول: «لا استعداد عندي لولوج هذا المجال بتاتاً، رغم تأكيدات تأتيني من هنا وهناك تشير إلى قدرات أتمتع بها في التمثيل. فلديّ طموحات كثيرة غيرها تشغلني؛ أنكب على تحقيقها».



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».