الإدارة الأميركية أكدت التزامها حل الدولتين وفتح القنصلية في القدس

سوليفان أبلغ بنيت وعباس بالأمر

لقاء الرئيس محمود عباس ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان (د.ب.أ)
لقاء الرئيس محمود عباس ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان (د.ب.أ)
TT

الإدارة الأميركية أكدت التزامها حل الدولتين وفتح القنصلية في القدس

لقاء الرئيس محمود عباس ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان (د.ب.أ)
لقاء الرئيس محمود عباس ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان (د.ب.أ)

قال الناطق باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، إن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أكد للرئيس محمود عباس، أن الرئيس الأميركي جو بايدن ملتزم بكل وعوده التي قطعها، بما في ذلك إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس.
ووصف أبو ردينة اللقاء، بالصراحة والوضوح، أكد خلاله (الرئيس الفلسطيني)، أننا في انتظار ما وعد به الرئيس جو بايدن فيما يتعلق بحل الدولتين ووقف الاستيطان، والحفاظ على «الأستاتيسكو» وعدم تهجير المواطنين المقدسيين، وإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية. المستشار الأميركي، بحسب أبو ردينة، أكد أن إدارة الرئيس بايدن ملتزمة بكل الوعود التي أطلقتها، وأنها تعمل بجهد كبير للوصول إلى نتائج في كافة هذه القضايا. وأن مستشار الأمن القومي الأميركي، قال، إنه أبلغ رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بنيت، أن الرئيس بايدن ملتزم بحل الدولتين، ومعني بإعادة فتح القنصلية الأميركية بالقدس الشرقية ومتحفظ على كل الإجراءات الاستيطانية.
لقاء عباس بسوليفان، تم بعد لقاءات عقدها الأخير مع المسؤولين الإسرائيليين انصبت حول الملف النووي الإيراني. وجاء في بيان للرئاسة الفلسطينية، أن عباس وسوليفان، اتفقا على أهمية العمل المشترك من قِبل جميع الأطراف للمضي قدماً لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وقالت الرئاسة الفلسطينية، إن سوليفان، نقل تحيات الرئيس جو بايدن للرئيس محمود عباس، وتأكيده على التزام الولايات المتحدة الأميركية بحل الدولتين، وتابعت أن عباس، أطلع الضيف الأميركي على آخر التطورات الجارية في الأراضي الفلسطينية، وطالب بوقف النشاطات الاستيطانية، ووقف اعتداءات المستوطنين.
وأكد عباس أهمية احترام الوضع التاريخي في الحرم الشريف المسجد الأقصى، ووقف طرد السكان الفلسطينيين من أحياء القدس، ووقف اقتطاع الضرائب وخنق الاقتصاد الفلسطيني. وذكر البيان، أن محمود عباس، أكد ضرورة وقف هذه الممارسات الإسرائيلية أحادية الجانب التي تقوّض حل الدولتين، والانتقال لتطبيق الاتفاقيات الموقّعة من أجل البدء بعملية سياسية حقيقية وفق قرارات الشرعية الدولية.
وأضافت الرئاسة الفلسطينية، أن عباس أشار إلى أهمية مواصلة العمل على تعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة الأميركية، وتذليل العقبات التي تعترض طريق هذه العلاقات. لكن أبو ردينة قال أمس، إن عباس أطلع ضيفه على نية القيادة الفلسطينية اتخاذ قرارات، وأنها أمام استحقاقات كبيرة، خاصة انعقاد المجلس المركزي؛ ولذلك لا بد أن تكون الأمور السياسية واضحة.
وجدد أبو ردينة الموقف الذي تم إبلاغ المستشار الأميركي به، بأن أقل من دولة فلسطينية مستقلة على حدود الـ67 والقدس الشرقية عاصمة لها غير مقبول. موضحاً، أن المجلس المركزي سيُقدم على اتخاذ قرارات مهمة وتاريخية، وربما نكون في منعطف مهم أمام المرحلة المقبلة في ظل انسداد الأفق السياسي مع الحكومة الإسرائيلية.
ونوّه أبو ردينة إلى خطة الرئيس التي أطلقها في خطابه أمام الأمم المتحدة، وفيها أعطى دولة الاحتلال مهلة سنة لإنهاء احتلالها لأراضي عام 67، ووقف جرائمها بحق شعبنا. وأضاف، أن الجانب الأميركي يقول إنه مستمر في بذل الجهود، وإنه في حاجة إلى بعض الوقت لوجود تعقيدات مع الكونغرس وبعض القضايا السياسية الداخلية، إضافة إلى عناد الحكومة الإسرائيلية. وتابع، أن الموقف الأميركي يتطور في العلاقة بعد مرحلة ترمب، والاتصالات الفلسطينية - الأميركية مستمرة، إلا أن القيادة بانتظار استحقاقات ووعود مضى عليها أكثر من 7 أشهر.
في السياق، هاجم أبو ردينة الحكومة الإسرائيلية الحالية، وقال، إن على المجتمع الدولي أن يفهم بأن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تختلف عن سابقاتها، وأن القيادة الفلسطينية تواصل جهودها واتصالاتها، سواء على مستوى القمة العربية المقبلة في الجزائر، أو على مستوى الأمم المتحدة والجمعية العامة ومجلس الأمن؛ بهدف تعزيز الموقف الفلسطيني وتعزيز صموده في مواجهة التعنت الإسرائيلي.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.