دهشة يمنية من دعم أممي لزارعي الألغام بذريعة نزعها

TT

دهشة يمنية من دعم أممي لزارعي الألغام بذريعة نزعها

ندّدت الأوساط السياسية والحقوقية في اليمن باعتزام الأمم المتحدة تخصيص 1.5 مليون دولار للميليشيات الحوثية بذريعة مساعدتها في نزع الألغام؛ حيث أكدت الأوساط اليمنية، بعدما أبدت دهشتها، أن الميليشيات منذ انقلابها على الشرعية لا تقوم بنزع الألغام، بل بتصنيع وزرع مئات الآلاف منها على امتداد المناطق التي تسيطر عليها.
وكان القيادي في الجماعة الحوثية محسن طاووس المعين أميناً عاماً لما يسمى المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية (الجهة الانقلابية المتحكمة في نشاط المنظمات الدولية) صرح قبل يومين لوسائل إعلام جماعته أن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة قرر تخصيص 1.5 مليون دولار للميليشيات بمزاعم أنها ستنفق على عمليات نزع الألغام.
وفي أول ردّ فعل من الحكومة الشرعية، ندّد وكيل وزارة حقوق الإنسان ماجد فضائل بالسلوك الأممي الداعم للميليشيات، وقال في تغريدات على «تويتر» إن وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية «ترفع تقارير باستمرار إلى مجلس حقوق الإنسان، والأمم المتحدة، في قضايا تتعلق بالانتهاكات الخطيرة والجسيمة التي ترتكبها ميليشيا الحوثي ضد المدنيين، وعلى رأسها زرع الألغام القاتل الخفي التي تفردت بزراعتها الميليشيات بطرق مموهة تستهدف القتل والتدمير».
وأضاف فضائل: «ندين ونرفض مساعي تقديم مليون و500 ألف دولار، أو أي مبالغ، أو تمرير أي منح مالية من الأمم المتحدة لميليشيا الحوثي بكذبة نزع الألغام، لأن هذه المبالغ سوف تستغل لزراعة مزيد من الألغام وقتل الأطفال والنساء، وستكون الأمم المتحدة ومنظماتها شريكة في هذا الجرم والانتهاك بحق الإنسان اليمني».
ودعا المسؤول اليمني الأمم المتحدة لتخصيص هذا الدعم لضحايا الألغام الذين قال عنهم إنهم «يسقطون يومياً بالعشرات، ومعظمهم يفقدون أطرافهم ويصابون بعاهات دائمة وهم في حاجة ماسة للتأهيل الصحي والنفسي».
من جهته، انتقد المتحدث باسم قوات المقاومة الشعبية في الساحل الغربي صادق دويد، المنحة الأممية المقرر تسليمها للحوثيين، وقال في تغريدة على «تويتر» إن «تخصيص الأمم المتحدة 1.5 مليون دولار لمساعدة ميليشيات الحوثي لإزالة الألغام فضيحة أممية». بحسب تعبيره.
وأوضح دويد أن «الميليشيات الحوثية هي التي افتتحت معامل لتصنيع الألغام، واستعرض قادتها قدراتهم في أكثر من معرض، وزرعوها بتركيز عالٍ جداً لقتل اليمنيين».
من جهته، استغرب الحقوقي اليمني والقيادي في تحالف رصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن مطهر البذيجي الدعم المالي المقدم من الأمم المتحدة للميليشيا الحوثية بدواعي نزع الألغام في اليمن.
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمم المتحدة لديها كل المعلومات بأن الميليشيا زرعت نحو مليون لغم مضاد للأفراد والمركبات، وعملت على صناعة المتفجرات والأشراك الخداعية في عموم محافظات اليمن، التي أدت إلى إصابات وإعاقات سمعية وبصرية، وأدت إلى بتر أطراف مئات من المدنيين، بينهم أطفال ونساء ومسنون».
وأوضح البذيجي أنه «بحسب إحصائيات (تحالف رصد) خلال العامين الماضين، قتل وأصيب 678 مدنياً، بينهم 21 طفلاً و8 نساء و5 مسنين».
وتابع بالقول: «هذا التصرف من قبل الأمم المتحدة باعتقادي هو سقطة ويضرب جهود المجتمع المدني الذي عمل، ولا يزال، لمدة 7 سنوات في رصد وتوثيق انتهاكات الميليشيا في زراعة وصناعة الألغام والمتفجرات، كما أنه يضرب بعرض الحائط كل التقارير الحقوقية التي صدرت حول هذا الموضوع».
وأكد البذيجي أن هذا الدعم الأممي المقدم من البرنامج الإنمائي سيعمل على تحفيز الميليشيا على صناعة وزراعة مزيد من الألغام لحصد أرواح المدنيين الأبرياء. وفق تعبيره.
وفي حين تتهم الحكومة الشرعية الميليشيات الحوثية بزرع أكثر من مليون لغم في المناطق التي سيطرت عليها، كان ناشطون يمنيون وجّهوا انتقادات لوكالات الأمم المتحدة لجهة الدعم الذي تقدمه للجماعة تحت غطاء المساعدة في برامج نزع الألغام، إذ إن الجماعة هي المسؤولة عن زرع الألغام، وليس عن نزعها.
وسبق للأمم المتحدة أن قدّمت عبر برنامجها الإنمائي أسطولاً من عربات الدفع الرباعي للميليشيات الحوثية، وهو الدعم الذي قال الناشطون اليمنيون إن الجماعة الانقلابية سخرته لدعم المجهود الحربي ونقل آلاف الألغام لزرعها، خاصة في الساحل الغربي وخطوط التماس الأخرى مع القوات الحكومية.
وكان تقرير صادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في اليمن، بالاشتراك مع البعثة الأممية العاملة في الحديدة، كشف عن مقتل 348 يمنياً بألغام الميليشيات الحوثية خلال العام 2020 دون أن يتهم الجماعة صراحة بالمسؤولية.
التقرير الأممي سالف الذكر تحاشى الإشارة إلى جهود الحكومة اليمنية، بالشراكة مع مشروع «مسام» السعودي في نزع الألغام، كما تحاشى الإشارة إلى مسؤولية الجماعة الحوثية عن كارثة الألغام التي تهدد حياة الآلاف من المدنيين في أغلب المحافظات التي سيطرت عليها الجماعة.
على صعيد متصل، أفاد مشروع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية «مسام» بأنه تمكن خلال الأسبوع الثالث من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، من انتزاع 2620 لغماً زرعتها ميليشيا الحوثي في مختلف مناطق اليمن، منها 4 ألغام مضادة للأفراد، و1035 لغماً مضاداً للدبابات، و1541 ذخيرة غير متفجرة، و40 عبوة ناسفة.
وأكد «مسام» أن عدد الألغام التي جرى نزعها منذ بداية المشروع بلغ حتى الآن 296 ألفاً و181 لغماً، زرعتها الميليشيا الحوثية بعشوائية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.