ميقاتي رفض «التسوية»... وغوتيريش امتعض من تفاصيلها

ميقاتي رفض «التسوية»... وغوتيريش امتعض من تفاصيلها
TT

ميقاتي رفض «التسوية»... وغوتيريش امتعض من تفاصيلها

ميقاتي رفض «التسوية»... وغوتيريش امتعض من تفاصيلها

أدى رفض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «التسوية» التي كانت تهدف إلى مقايضة موافقة «المجلس الدستوري» على الطعن بقانون الانتخاب في مقابل حل الخلاف حول التحقيق في انفجار المرفأ، إلى إلحاق خسارة برئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي راهن عليها لتعويم نفسه في الشارع المسيحي بدعم من الرئيس ميشال عون و«موافقة ضمنية» من «حزب الله»، كما يقول مرجع حكومي سابق لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً أن موقف ميقاتي أنقذ مجلس الوزراء وحمى القضاء وقطع الطريق على استقالة عشرات القضاة لو أتيح لهذه التسوية - الصفقة أن ترى النور، وأسهم بتحصين المجلس الدستوري برده الطعن بالتعديلات المقترحة على قانون الانتخاب الذي تقدم به «تكتل لبنان القوي» برئاسة باسيل.
ويلفت المرجع الحكومي الذي فضل عدم ذكر اسمه إلى أن «المجلس الدستوري» برده الطعن أراد تمرير رسالة بأنه ليس أداة بيد المنظومة السياسية ولا يتناغم في مراجعته للطعون مع الحسابات السياسية لباسيل.
ويؤكد أن «حزب الله» هو من أعد لتمرير الصفقة بالتفاهم مع باسيل وبغطاء من رئيس الجمهورية، ويقول إن التسوية كانت تنص على إقالة رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ورئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي إلياس، نافياً شمول الإقالة المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم.
ويكشف أن إقالتهم تتم بالإفراج عن مجلس الوزراء لتهيئة الظروف لمعاودة جلساته إفساحاً في المجال أمامه لتعيين بدلاء عن القضاة المشمولين بالإقالة، على أن يتلازم تعيينهم مع قبول «المجلس الدستوري» ببعض المواد الواردة في الطعن المقدم من كتلة باسيل وتحديداً بالنسبة إلى استحداث دائرة انتخابية جديدة تحصر حق المقيمين في الخارج بانتخاب 6 نواب يمثلونهم على أن يتوزعوا مناصفة بين المسيحيين والمسلمين.
ويقول المرجع نفسه إن تعيين قاضٍ يخلف القاضي عبود يأتي في سياق رئاسته للهيئة العليا لمحكمة التمييز لتكون لديه القدرة على فصل ملاحقة الرؤساء والوزراء عن ملاحقة المتهمين الآخرين في ملف انفجار مرفأ بيروت وإحالتهم على المجلس الأعلى لمحاكمتهم، ويؤكد أن ملاحقتهم من قبله تعفي باسيل من الإحراج في حال تقرر حصر الملاحقة بالبرلمان لأنه سيضطر لحضور الجلسة ليس لتأمين النصاب لانعقادها وإنما للتصويت وكتلته النيابية على قرار الفصل.
ويرى أن الهدف من تعيين قاضٍ خلفاً للقاضي عويدات سيفتح الباب أمام عون لملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتهمة تبييض الأموال وصولاً إلى إقالته، خصوصاً أنه كان طلب من عويدات ملاحقته لكنه لم يستجب بذريعة أن ليس لديه وثائق ومستندات تجيز له اتهامه، ويلفت إلى أنه كان يراد من التسوية التي أعدت من وراء ظهر ميقاتي توجيه ضربة إلى الجسم القضائي بالالتفاف على استقلاليته، وثانية إلى مجلس الوزراء لأنه لن يوافق على ما يملى عليه لتهديم كبرى مؤسسات الدولة، وثالثة إلى «المجلس الدستوري» لإظهاره أمام الرأي العام، كما كان خلال فترة الوصاية السورية على لبنان، بأنه أداة طيعة تأتمر بأوامر المنظومة الحاكمة.
ويكشف أن التداعيات التي ترتبت على مقاومة ميقاتي للصفقة ورفضه مبادلتها بوقف تعطيل جلسات مجلس الوزراء حضرت على هامش لقاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مع الرؤساء أمين الجميل وميشال سليمان وفؤاد السنيورة وتمام سلام الذي استفسر عن بعض تفاصيلها، ما اضطر الرؤساء لاطلاعه على بعض تفاصيلها ولاحظوا امتعاضه الشديد في ضوء اطلاعه على رد فعل ميقاتي الذي أحبطها.
وعلمت «الشرق الأوسط» بأن ميقاتي لم يكن طرفاً في الصفقة وأن بعض تفاصيلها تنامى إليه أثناء اجتماعه بـغوتيريش مع أنه لم يكن يصدق وجودها، وكان يعتقد أن الحديث عنها يأتي في سياق التسريبات، إلى أن التقى على عجل رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لم يخفِ أمامه وجود اتصالات في هذا الخصوص.
لكن ميقاتي بادر إلى رفضها وسأل بري: ما المصلحة من السير فيها؟ من دون أن يُبدي مقاومة لما سمعه من ملاحظات تتعلق بتفاصيلها من رئيس الحكومة مع أنه خرج غاضباً من اللقاء وقال إنه ليس معنياً بها.
إلا أن الاتصالات من قبل بري تسارعت مع ميقاتي مؤكداً له أنه لن يختلف معه وأن ما حصل لن يكون عائقاً أمام استمرار التعاون، وهذا يعني أن بري عرضها من دون أن يدافع عنها أو يتبناها، ما دفع عدداً من المراقبين إلى الاعتقاد بأنه طرحها لجس نبض ميقاتي بناءً لرغبة حليفه «حزب الله» الذي لم ينفك عن استخدام نفوذه السياسي، كما يقول هؤلاء لإنقاذ حليفه الآخر باسيل.
لكن ميقاتي لم يكتفِ بلقاء بري، وإنما بادر لاحقاً للاتصال بعون ليس من باب الاحتجاج فحسب، وإنما لتسجيل موقف مفاده أن لا شيء يمشي من وراء ظهره ولن يسجل على نفسه ضلوعه في تهديم المؤسسات بدلاً من الحفاظ عليها.
لذلك، بقيت التسوية حبراً على ورق ولم تكن سوى صفقة ليس لإنقاذ السنة الأخيرة من ولاية عون فحسب، وإنما لتعويم باسيل الذي وجد نفسه وحيداً في الدفاع عنها بعد أن تخلى عنه من أعدها، إذ إنها وُلدت «مكتومة القيد من أبوين مجهولين»، كما يقول المرجع الحكومي السابق.
وعليه بدأ باسيل يستهدف رئيس الحكومة و«الثنائي الشيعي» في محاولة لمعاقبتهما لأنهما تركاه وحيداً، واستحضر في هجومه «الحلف الرباعي»، ظناً منه أنه ينجح في شد العصب في الشارع المسيحي على غرار ما فعله عون فور عودته من منفاه الباريسي إلى بيروت وخوضه الانتخابات النيابية عام 2005 ضد خصومه تحت عنوان أنهم أقاموا حلفاً لإضعافه، مع أن لا وجود لمثل هذا الحلف، ما دام أن العضوين في المجلس الدستوري وينتمي كلاهما إلى الطائفة السنية وقفا إلى جانب رئيسه القاضي طنوس مشلب الذي لم يتأمن له العدد الكافي لقبول الطعن المقدم من كتلة باسيل النيابية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».