مقتل أكثر من 300 حوثي بضربات «التحالف» وتدمير آليات ومخازن ذخيرة

TT

مقتل أكثر من 300 حوثي بضربات «التحالف» وتدمير آليات ومخازن ذخيرة

مع اشتداد المعارك التي يخوضها الجيش اليمني ضد الميليشيات الحوثية لا سيما في جبهات مأرب، وتواصل العمليات العسكرية للقوات المشتركة في الساحل الغربي خارج حدود «اتفاق استوكهولم» أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن (الأربعاء) تنفيذ عشرات الضربات الإسنادية في سياق دعمه للقوات اليمنية وحماية المدنيين، مؤكدا مقتل 310 من العناصر الإرهابية وتدمير 28 آلية عسكرية ومستودعات للذخيرة.
وأكد التحالف في تغريد بثته «واس» أنه نفذ 33 عملية استهداف ضد الميليشيات الحوثية في جبهات مأرب والجوف خلال 24 ساعة، موضحا أن عمليات الاستهداف أدت إلى مقتل 280 عنصر إرهابيا وتدمير 25 آلية عسكرية إضافة إلى تدمير دفاعات جوية.
وفي جبهات الساحل الغربي خارج حدود «اتفاق استوكهولم» أفاد تحالف دعم الشرعية بأنه نفذ أربع عمليات استهداف لدعم القوات المشتركة وحماية المدنيين، مؤكدا أن الاستهدافات دمرت ثلاث آليات عسكرية ومخازن ذخيرة وكبدت الميليشيات أكثر من 30 قتيلا.
وكان التحالف أفاد (الثلاثاء) بأنه نفذ 40 عملية استهداف ضد الميليشيا في مأرب والجوف خلال 24 ساعة، وأن عمليات الاستهداف أدت إلى تدمير 29 آلية عسكرية والقضاء على أكثر من 250 عنصرا إرهابيا.
وجاء إعلان التحالف السالف الذكر بعد ساعات من إعلانه استهداف مواقع الميليشيات في محيط مطار صنعاء الذي حولته الميليشيات قاعدة لتدريب عناصرها على إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، إلى جانب استخدامه لتخزين القدرات النوعية من الأسلحة.
في غضون ذلك، أفاد الإعلام العسكري للجيش اليمني (الأربعاء) بأن جبهات القتال جنوب مأرب وغربها شهدت معارك عنيفة خلال الساعات الماضية تكبّدت خلالها الميليشيات الحوثية خسائر لا حصر لها بنيران الجيش والمقاومة وبغارات لطيران تحالف دعم الشرعية.
ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية عن مصادر عسكرية قولها إن عناصر الجيش والمقاومة كسروا هجوماً للميليشيا الحوثية في جبهة الكسارة وأجبروها على الفرار بعد تكبّدها خسائر فادحة في العتاد والأرواح. وفي الجبهات الجنوبية، قالت المصادر نفسها، إن عناصر الجيش والمقاومة خاضوا ملاحم بطولية ضد الميليشيا الحوثية وألحقوا بها خسائر بشرية ومادية كبيرة منها تدمير ثلاث عربات عسكرية بما عليها من عتاد وأفراد. وبالتزامن، شن طيران التحالف الداعم للشرعية - بحسب المصادر نفسها - عدّة غارات استهدفت تجمعات وتعزيزات معادية في مواقع متفرقة جنوب مأرب وغربها ونتج عنها خسائر كبيرة في صفوف الميليشيا منها تدمير ثلاث عربات مدرّعة مع مصرع جميع من كانوا على متنها.
إلى ذلك، أفاد الموقع الرسمي للجيش اليمني (سبتمبر. نت) بأن خسائر الميليشيات الحوثية تواصلت (الأربعاء) على مستوى الأفراد والعتاد بنيران الجيش وغارات جوية لتحالف دعم الشرعية جنوب محافظة مأرب.
وذكر الموقع أن الجبهة الجنوبية من مأرب شهدت معارك عنيفة بين الجيش والمقاومة من جهة وميليشيا الحوثي من جهة أخرى عقب هجمات فاشلة للأخيرة تكبدت خلالها عشرات القتلى والجرحى مع تدمير وإعطاب آليات مختلفة.
ونقل موقع الجيش اليمني عن مساعد قائد المنطقة العسكرية الثالثة، لشؤون التوجيه المعنوي، العميد محمد المكروب تأكيده أن ميليشيا الحوثي تلقت ضربات موجعة، وخسائر بشرية ومادية كبيرة في معركة (الأربعاء) التي استمرت لساعات.
وقال المكروب إن عناصر الجيش والمقاومة ورجال القبائل «يخوضون أقدس وأشرف معركة عبر التاريخ، من خلال مواجهتهم إيران وميليشياتها الحوثية على مسرح العمليات العسكرية والقتالية في جبهات مأرب الجنوبية».
وأشار المسؤول العسكري اليمني إلى أن مقاتلات تحالف دعم الشرعية استهدفت تجمعات وتعزيزات وآليات الميليشيا، وأسفرت الغارات الجوية عن تدمير ثماني عربات قتالية، وثلاث مدرعات كانت تحمل تعزيزات عسكرية مع مصرع جميع من كانوا على متنها.
في الأثناء، ذكر الإعلام العسكري اليمني أن 21 عنصراً من ميليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا بينهم قيادات ميدانية، قتلوا (الأربعاء) وأصيب آخرون، بغارات جوية للتحالف الداعم للشرعية في جبهة مقبنة غرب مدينة تعز.
ونقلت وكالة «سبأ» عن مصدر عسكري قوله إن مقاتلات التحالف نفذت ثلاث غارات استهدفت تعزيزات عسكرية للميليشيات مكونة من ثلاث عربات في محلة الفازعي بعزلة «أخدوع أسفل»، وأسفرت عن مقتل 21 من العناصر بينهم القائد الميداني عبد السلام يحيى المتوكل المنتحل رتبة عقيد ومرافقيه وإصابة آخرين مع احتراق العربات بشكل كامل.
وبحسب المصدر، «نفذت مقاتلات تحالف دعم الشرعية غارة أخرى في أعلى قمة في سقم استهدفت مجاميع للميليشيات الحوثية». وتأتي ضربات تحالف دعم الشرعية في سياق تكثيفه من العمليات ضد الميليشيات الحوثية خلال الأسابيع الأخيرة ردا على تصعيد الجماعة العدواني وإسنادا للجيش اليمني، حيث قدرت مصادر عسكرية مقتل أكثر من ستة آلاف عنصر حوثي خلال الأسابيع الخمسة الماضية أغلبهم قضوا في جبهات مأرب والجوف.
وعلى الرغم من خسائر الجماعة المدعومة إيرانيا فإنها تواصل حملاتها في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها لحشد المزيد من المجندين تلبية لدعوة زعيمها عبد الملك الحوثي الذي جدد في أحدث خطبه رفضه وقف القتال إلا بعد السيطرة على جميع المناطق اليمنية بما فيها مأرب.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.