5 محاور لاستراتيجية «مركز محمد بن سلمان العالمي للخط العربي»

جانب من الحفل الذي نظمته وزارة الثقافة (واس)
جانب من الحفل الذي نظمته وزارة الثقافة (واس)
TT

5 محاور لاستراتيجية «مركز محمد بن سلمان العالمي للخط العربي»

جانب من الحفل الذي نظمته وزارة الثقافة (واس)
جانب من الحفل الذي نظمته وزارة الثقافة (واس)

دشن نائب وزير الثقافة السعودي، حامد فايز، اليوم (الأربعاء)، استراتيجية «مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي» (دار القلم)، الهادفة إلى تحويله لمنصة عالمية للخط والخطاطين دولياً، عبر 5 محاور تتمثل في «المعرفة والتطوير»، و«تنمية المهارات»، و«المشاركة المجتمعية»، و«الأعمال والفرص»، و«الابتكار»، يندرج تحتها عشرة برامج رئيسية بخطط تنفيذية ومعالم مفصلة.
ويسعى المركز لأن يصبح منصة ترسيخ عالمية لدعم الخط العربي وفنونه المتعددة، بوصفه وسيلة تواصل عالمية عابرة للثقافات في مجال التراث والفنون والعمارة والتصميم، مع تعزيز مكانة السعودية وتأثيرها في حفظه وتطويره، إلى جانب احتضان المواهب وتنمية المعارف في مجالات الخط العربي.
وتتمثل برامج المركز في: وحدة البحث والأرشفة المتخصصة في محاور متعلقة بالخط العربي، ووحدة تطوير المعايير المتعلقة به، وبرنامج تعلم الخط العربي، ومِنح «دار القلم» للدراسات والأبحاث، ومتحف الخط العربي الدائم والمعارض المصاحبة والمتنقلة، وبرنامج الأنشطة المجتمعية ذات الصلة به، والجمعية الدولية للخط العربي، وملتقى ومقرّ أعمال «دار القلم» للخطّاطين بالمدينة المنورة، وحاضنة للأعمال المرتبطة بالخط العربي، ووحدة الابتكار والتكنولوجيا في مجاله.
من جانب آخر، احتفلت الوزارة بختام مبادرة «عام الخط العربي»، في حفل أقيم برعاية الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، حيث نوّه حامد فايز، في مستهله «بالدعم غير المحدود الذي تحظى به القطاعات الثقافية من القيادة وبحرصها الدائم على دعم وتعزيز الثقافة العربية بجميع جوانبها، وعنايتهما الخاصة برعاية الإرث الثقافي العربي».
واستشهد بالمنجزات التي حققتها المبادرة على مدى عامي 2020 و2021. وتُوجت مؤخراً بنجاح قيادة السعودية بالتعاون مع 15 دولة عربية في تسجيل «الخط العربي» على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لمنظمة «اليونيسكو»، مؤكداً أن اختتام المبادرة اليوم «لا يعني أبداً التوقف، فعلى عاتق بلادنا مسؤولية عظيمة ودائمة بوصفها مصدر الثقافة العربية».
وأضاف أنه بفضل الجهود المتكاملة والمقدرة مع جميع الشركاء، نفّذت المبادرة 57 مشروعاً وطنياً مباشراً و107 مشروعات فرعية تُظهر جمال الخط العربي وتعزز دوره في المجالات كافة، وقال: «كلنا يدرك مكانة الخط العربي في تاريخ الحضارة العربية، فهو الناقل الأمين للثقافة، وأداة حفظها، فضلاً عن كونه فناً جميلاً بأشكاله المتعددة وجمالياته اللافتة، وهو ما يؤكد ضرورة ابتكار وسائل عصرية تُسهم في تعزيز حضوره المتألق في حياتنا المعاصرة».
بدوره، أوضح عميد الخطاطين بالسعودية ناصر الميمون في كلمة له، أن الخط العربي يُمثل الركيزة الأولى للفنون الإسلامية، وهو تاج فنون الإسلام وتراثه، مشيراً إلى أن انتشار الإسلام كان له الأثر الأكبر في تطوره وتعدد أساليبه ونماذجه «حيث اختزل الخط العربي الجمال، لما يتميز به من دقة ومهارة، حتى تبوَّأ منزلة رفيعة بين فنون العالم أجمع».
يشار إلى أن وزارة الثقافة كانت قد أطلقت مبادرة عام الخط العربي في العام 2020 ضمن مبادرات برنامج جودة الحياة، أحد برامج تحقيق «رؤية السعودية 2030»، ومددتها لعامٍ إضافي، وذلك بهدف ترسيخ مكانة المملكة بوصفها الحامية للخط العربي والحاضنة له على مستوى العالم. وتضمنت مشروعات ومبادرات كثيرة أسهمت في تعزيز حضور الخط العربي في كثير من مفاصل الحياة المعاصرة.



معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

في الجزء الأول من مجموعة أحمد منشاوي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».