محافظ ذي قار: نفتح أبواب الاستثمار واسعة أمام الخليجيين

قال إن آثار سومر تتعرض للسرقة.. ولا أحد يهتم بها

يحيى الناصري
يحيى الناصري
TT

محافظ ذي قار: نفتح أبواب الاستثمار واسعة أمام الخليجيين

يحيى الناصري
يحيى الناصري

قال محافظ ذي قار (375 كم جنوب العاصمة العراقية بغداد)، يحيى الناصري، إن إدارته تعمل على تقديم كل التسهيلات في جذب رؤوس الأموال، داعيا كل الدول التي ترغب في الاستثمار سواء السعودية أو البحرين، والتي تريد استثمار أموالها بالمحافظة، إلى الإقدام على الخطوة مع الاستعداد التام للتعاون معها.
وقال الناصري في حديث لـ«الشرق الأوسط» بمكتبه بمدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار التي تعد رابع أكبر محافظة عراقية من حيث عدد السكان والأولى في عدد المواقع الأثرية والبالغة أكثر من 1350 موقعا أثريا يعود تاريخها إلى ستة آلاف عام، إنه يوجد نقص في الكوادر المتخصصة في حماية آثار محافظة ذي قار، مشيرا إلى أن آثار المحافظة تتعرض للسرقة لحد الآن.
وبشأن مقدار الموازنة المخصصة للمحافظة لعام 2014، أجاب الناصري بأن «موازنة عام 2014 أكثر من 446 مليار دينار عراقي (أكثر من 350 مليون دولار أميركي) أي تفوق موازنة العام الماضي والتي كانت 340 مليار دينار عراقي»، مشيرا إلى أن «الموازنة غير منصفة لمحافظة ذي قار وذلك بسبب التعداد السكاني». وتابع أن «تعداد سكان ذي قار يفوق مليونين ونصف المليون نسمة، لكن التعداد السكاني المعتمد بحسب وزارة التجارة هو مليون وتسعمائة ألف نسمة، وهذا ما أقر حسب عدد مقاعد البرلمان 19 مقعدا لهذا العام، وهذا غير منصف لنا لأن 500 ألف شخص يعيشون من دون موازنة، لا سيما أن محافظة ذي قار هي رابع محافظة من حيث التعداد السكاني».
وحول مشكلة حماية آثار محافظة ذي قار قال الناصري إن «المحافظة تحوي أكثر من 1350 موقعا أثريا تعود للحضارة السومرية، وهي الأهم في تاريخ الإنسانية، وبالتالي هذه مناطق كبيرة جدا وبحاجة إلى حماية متخصصة، حيث إن القوات الإيطالية دربت في الفترات الماضية أكثر من 200 عنصر»، مبينا أن «قوة حماية الآثار تحتاج إلى دعم كبير وأجهزة ومعدات وعناصر إضافية، وأيضا أسوار لحجز تلك المناطق الأثرية». وتابع «للأسف أن القوات الأمنية لم ترع هذه الحقوق، ولم تهتم بقوات حماية الآثار بشكل صحيح، ولم تمنحها عناصر كافية.. ونطالب وزارة السياحة والآثار بأن تكون لها كلمة في هذه القضية ولكن حتى الآن لم تستجب الوزارة، وكذلك لم تستجب وزارة الداخلية»، كاشفا أن «آثار المحافظة لا تزال تتعرض للسرقة لحد الآن».
وعن مدى وجود دعوات لدول خليجية للاستثمار في محافظة ذي قار قال الناصري إن «آفاق الاستثمار كبيرة جدا في المحافظة، وهي من المحافظات الجاذبة لرؤوس الأموال خصوصا في المجالات النفطية والسكن والتجارة، وإدارة المحافظة تشجع على جذب رؤوس الأموال». وأضاف أن «الدول الأقرب من حيث الطبائع والأعراف هي دول الجوار خاصة الخليجية منها، ونتمنى أن تكون لها بصمة في المحافظة، ونحن على استعداد أن نعمل مؤتمرات في تلك الدول».
ودعا الناصري كل الدول التي ترغب في الاستثمار سواء السعودية أو البحرين والتي تريد استثمار أموالها بالمحافظة للقدوم، مؤكدا استعداده التام للتعاون معها وتوفير بيئة مناسبة لتلك الاستثمارات.
وعن موضوع وجود دعوات في السابق من مسؤولين في ذي قار لفتح منفذ حدودي مع السعودية من خلال ضم منطقة بصية التابعة لمحافظة المثنى إلى ذي قار، قال الناصري «نحن جادون بأن يكون هناك منفذ حدودي للمحافظة، كأن يكون هذا المنفذ باتجاه السعودية.. كما نريد أن يكون لنا مطار ذي قار الذي يعتبر أحد المنافذ للمحافظة لجلب الشركات والسياحة الدينية والأثرية للمحافظة».
وعن حجم الاستثمارات الخليجية في محافظة ذي قار أجاب الناصري «لدينا استثمارات خليجية ولكن ضعيفة ولا تتناسب مع ما نطرحه من تسهيلات للدول الخليجية، ونريد أن تكون بشكل أكبر وأوسع»، مبينا أن «لدينا تعاملا واحدا مع شركة (الصدارة) الإماراتية والتي لديها استثمار أكثر من 850 وحدة سكنية في المحافظة». وأضاف «نتوقع من الشركات الخليجية الأخرى أن تكون لديها بصمة في المستقبل، لكن المحافظة لديها تعاملات مع شركات عالمية أخرى من تركيا وإيران وفرنسا وأميركا وماليزية ويابانية».
وعن حقيقة ما حصل لعشيرة السعدون في الناصرية مؤخرا قال الناصري إن «عشيرة السعدون ضُخمت كثيرا واستغلت سياسيا وطائفيا»، مبينا «نعتقد أن هناك من استغل هذا الموضوع إما طائفيا أو سياسيا أو حسبما قيل من داخل العشيرة، لكن نؤكد أن المحافظة من شمالها لجنوبها ومن شرقها إلى غربها هي أسرة واحدة، وما يحصل لآل السعدون هو مؤثر جدا للمحافظة، ولن نسمح لأي أحد بأن يسيء لهم».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.