انقلابيو اليمن يجبرون الموظفين والطلبة على زيارة مقابر القتلى

TT

انقلابيو اليمن يجبرون الموظفين والطلبة على زيارة مقابر القتلى

واصلت الميليشيات الحوثية للأسبوع الثالث على التوالي حشد أتباعها في العاصمة المختطفة صنعاء لزيارة مقابر صرعاها، بالتزامن مع إجبار الموظفين وطلبة المدارس والمعاهد والجامعات وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة وخصوصاً إلى ضريح رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد، الذي كان قتل في أبريل (نيسان) 2018 بضربة لتحالف دعم الشرعية.
وفي هذا السياق، تحدثت مصادر مطلعة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن ضغوط حوثية مورست قبل أسابيع ولا تزال بحق مسؤولين محليين خاضعين للجماعة ومديري مدارس وموظفين في مؤسسات وهيئات وجامعات ومعاهد ومدارس حكومية في العاصمة لإجبارهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.
ورغم استمرار تجاهل الجماعة للعام الخامس لما يعانيه ملايين الموظفين الحكوميين جراء حرمانهم من الحصول على رواتبهم بعد نهب الميليشيات لها، فإن ذات المصادر أكدت مواصلة الجماعة على مدى أسابيع الضغط على المؤسسات تحت سيطرتها بصنعاء لإجبار موظفيها على تنظيم زيارات لقبر الصماد الواقع بميدان السبعين في صنعاء، وذلك في سياق احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادة ما تحولها الجماعة كل عام إلى موسم جبائي لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.
وأسفرت تلك الضغوط الحوثية - بحسب المصادر - عن تنظيم العشرات من المؤسسات الحكومية تحت سيطرة الانقلابيين لزيارات جماعية إجبارية لضريح الصريع الصماد، وبعض مقابر صرعى الجماعة، إلى جانب إعداد الميليشيات برنامجاً خاصاً استهدف سكان الأحياء في العاصمة لتنفيذ مثل هذه الزيارات.
في غضون ذلك، تحدث سكان في أحياء عدة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إجبارهم قبل أيام من قبل مشرفي الحارات التابعين للميليشيات على الخروج بصورة جماعية من منازلهم لزيارة المقابر.
وأشار بعض السكان إلى أن مشرفي الميليشيات هددوا كلاً من المتقاعسين عن تنفيذ تلك التعليمات بضم أسمائهم ضمن القوائم السوداء، وبموجبها سيتم حرمانهم من الحصول على بعض المساعدات وغاز الطهي المنزلي.
ولفتوا إلى قيام مشرفي الجماعة بنقل سكان بعض الأحياء من مختلف الأعمار في صنعاء عبر حافلات كانوا قد نهبوها سابقاً من مبانٍ ومؤسسات حكومية أثناء اقتحامهم صنعاء إلى مقابر صرعاها التي باتت منتشرة بكثافة بكل منطقة ومكان في العاصمة.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة أتباعها والموظفين والسكان المحليين في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.
وكان مواطنون في صنعاء قد شكوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار الضغوط والانتهاكات الحوثية بحقهم بعدة مناطق في صنعاء لإجبارهم على القيام بزيارات جماعية للمقابر.
ويقول السكان إن الانقلابيين يسعون من خلال تلك الممارسات المتكررة إلى تضليل وخداع الرأي العام الداخلي والخارجي، بأن قتلاها في الجبهات يحظون بشعبية في أوساط المجتمع اليمني، إلى جانب استغلال مثل هذه المناسبات لاستقطاب المزيد من المجندين من صغار السن وطلبة المدارس وأقارب القتلى.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.