في معرض «سينتيز» الكهوف تعانق الحديد والسيراميك

يشارك فيه أربعة فنانين تشكيليين والأعمال الفنية تخرج عن المألوف

TT

في معرض «سينتيز» الكهوف تعانق الحديد والسيراميك

عادة ما تشكل معارض الرسم والنحت مساحة ترفيهية. فهي تجذب العين وتثقف العقل وتأسر الناظر بموضوعاتها الدافئة مرات والتجريدية مرات أخرى. ولكن في معرض «سينتيز» (Synthese) في غاليري «كاف» بالأشرفية تجتمع فنون مختلفة تأخذ المتفرج إلى عالم أخاذ.
أربعة فنانين تشكيليين يشاركون في هذا الحدث وهم: ألدا ورندة شويري وفادي سلامة وأندريا نصار. لكل منهم أسلوبه وطريقته في ترجمة أفكاره الفنية بحيث تتميز ألدا شويري برسوم زيتية مخلوطة بتقنية الميكسد ميديا. فيما يتفرد سلامة في تطويع الحديد ومواد الـ«ستيل» والنحاس الأحمر والأصفر لولادة تصاميمه. ومع أندريا نلاحظ تداخل الفن المعاصر مع الحديث، من خلال منحوتات السيراميك الأبيض. وتغرد رندة شويري خارج السرب، ومن خلال تجهيز فني يمزج بين عناصر الطبيعة ومواد حديثة براقة، كي تقول كلمتها وتمشي.
ومع شخصيات ألدا شويري من عالم الـ«دراويش» والكهوف تكشف لنا الفنانة التشكيلية عن مكنوناتها تجاه المجتمعات والطبيعة. وتعطي المرأة المصرية (الدرويشة) حيزاً كبيراً من أعمالها.
لماذا اخترت نماذج اجتماعية من مصر؟ «لأنني ببساطة عشت في مدينة القاهرة ولفتني هذا المجتمع بغناه وثراء تقاليده وعاداته». تشرح ألدا لـ«الشرق الأوسط» وتتابع: «تنقلت بين عدة بلدان مثل باريس ولندن وغيرها، لكن مصر حاكت خيالي وخاطبت أفكاري بتنوع مجتمعاتها». ترسم ألدا شويري نساء الدراويش متأثرة بحياتهن البسيطة والأنيقة معا. «هو مجتمع متحد وزاهد في الوقت نفسه، نساؤه كما رجاله يشكلون نموذجاً عن ذوبان المجتمعات ببعضها».
تمزج ألدا شويري في لوحاتها بين الريشة الزيتية الزاهية الألوان وتقنية الميكسد ميديا المعاصرة. وتقول «أحب الغوص في الخيال والتفاني بالشكل الخارجي لشخصيات لوحاتي. أما في تلك الخاصة بالكهوف التي أطلقت عليها أسماء «سحر الكهف» و«الفتاة المجهولة» وغيرها، رغبت بتحفيز خيال الناظر. فهي من نوع الفن التجريدي الذي يسمح لمشاهده بأن يغرق فيه ويسبح في أفاقه».
يطالعك عند باب المدخل للمعرض تجهيز فني لرندة شويري معلقاً وراء واجهته الزجاجية. فهي مصممة مجوهرات ونحاتة وحرفية في نفخ الزجاج. «التجهيز ولد من رحم الأعياد، وتدخل في صناعته مواد الـ«ستيل» والبرونز والزجاج. وهو كناية عن غصن شجرة يحمل مجسمات الملاك الحارس الذي يرنم بالبوق احتفالاً بمناسبة الأعياد» تشرح رندة غجر صاحبة غاليري «كاف» لـ«الشرق الأوسط».
وفي رحلتك مع مصابيح فادي سلامة المزخرفة. يقول المهندس اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: «القطع الفنية التي ينفذها المصمم مغايرة لتلك التي يوقعها الفنان التشكيلي. هدف الأول عادة ما يصب في وظيفة تحملها قطعته الفنية إضافة إلى وجهها المبدع. أما الثاني فتأتي أعماله لتترجم أسلوبه في ترجمة أفكاره الفنية».
فادي المهندس المعماري رأى في فن التصاميم هروبا من المحدودية، يضع لها قواعدها بنفسه من دون التقيد بالمطلوب لتنفيذها. «إنها بمثابة تمارين شخصية أقوم بها وتطورت مع الوقت لتتحول إلى فن».
تلمس ما يقوله سلامة عن كثب في مصابيح من تنفيذه، تنتصب في إحدى زوايا الغاليري. وزعها هنا وهناك لتؤلف عائلة تشع بأضوائها الخافتة بعد أن غلفها بتصميم يخرج عن المألوف. «إنها تجمع الحداثة مع الطابع الشرقي، ومبنية من مجموعة مواد، يتداخل فيها الستنالس ستيل والحديد والنحاسين الأحمر والأصفر لتبدو في أحلى حلة، ولكنها في الوقت نفسه تولد إضاءة تشبه الفوانيس». إحدى هذه القطع وهي كناية عن مكعب يتسلل النور من فراغات هندسية تغطيه، تقترب منها وتبحث في داخلها عن سبب انجذابك نحوها. فتراها معززة ببراغ حديدية تزيد من ثباتها. «أجمع جوانبه الأربعة بعد أن يمر التصميم بمراحل مختلفة. أرسمه أولاً وأجلي المواد المصنوعة منه وأنظفها. أجففها كي تحافظ على لونها الأصلي ومن ثم أرشها بمادة حافظة. إنها مرحلة طويلة، ولكن الأهم أن تأتي جميع القطع متناسقة. هي موقعة بالحرفية، ولكني أستخدم تقنية الليزر لتقطيعها بقياسات واحدة وتتشابه مع بعضها».
تترك المصابيح وأنت تتأمل مقعداً يتوسط المكان، وتتساءل إذا ما هو مصباح من نوع آخر مستطيل الشكل عكس المصابيح الأخرى. «لا هو مقعد تعالي واستريحي عليه» تشرح لي هناء بو حمدان المشرفة على المعرض. بالفعل هو مقعد تخرج منه مسامير بلاستيكية ماكنة، تتحرك مع حركة الجالس عليها صعوداً ونزولاً بواسطة «ريسورات» في داخله. «لقد استوحيتها من فن الفقير الهندي وهي كناية عن فرشة مسامير أهل الهند معروفون باستخدامها. كل ما يهمني في قطعي، أن تحمل وظيفة معينة. لذلك كان هدفي الرئيسي في جميع القطع التي ترينها أن تضفي الراحة إلى أسلوب الحياة اليومي».
وما يقوله سلامة يترجمه أيضاً في كرسيين عاليين ومنفصلين، يرتكزان على قاعدة ثلاثية من «الستانلس ستيل»، وإلى جانبها تلفتك خزانة مركبة من عدة مكعبات، كناية عن أدراج تلتصق ببعضها لتؤلف الشكل. وفي داخل كل درج منها صحن زجاجي تضع فيه الحلويات أو الطبق الذي ترغب في أن يتناوله مدعويك.
يستمر المعرض لغاية أوائل يناير (كانون الثاني) 2022.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».