انطلاق معرض «المسكوكات الإسلامية» بالرياض

يضم المعرض مجموعة من عملات المملكة وأندر المسكوكات (مكتبة الملك عبد العزيز العامة)
يضم المعرض مجموعة من عملات المملكة وأندر المسكوكات (مكتبة الملك عبد العزيز العامة)
TT

انطلاق معرض «المسكوكات الإسلامية» بالرياض

يضم المعرض مجموعة من عملات المملكة وأندر المسكوكات (مكتبة الملك عبد العزيز العامة)
يضم المعرض مجموعة من عملات المملكة وأندر المسكوكات (مكتبة الملك عبد العزيز العامة)

انطلقت اليوم (الثلاثاء)، فعاليات معرض: «المسكوكات الإسلامية والعملات النادرة عبر العصور»، الذي تنظمه مكتبة الملك عبد العزيز العامة في الرياض، خلال الفترة بين 21 ديسمبر (كانون الأول) الجاري وحتى 20 مارس (آذار) المقبل، برعاية وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان.
وأكد المشرف العام على المكتبة، فيصل بن معمر، في كلمة خلال حفل التدشين، أن المعرض يعكس اهتمام قيادة السعودية، بالحفاظ على كل ما يخص التاريخ العربي والإسلامي وتفاعلها مع الحضارات والثقافات المتنوعة، مشيراً إلى أن تنظيم هذه الفعالية المهمة جاء قبل أن يُطوى عامُ الخط العربي، الذي ألهم العالم بجمالياته وما يزخر به من فنون وموروث عريق، في فعاليات أطلقها وزير الثقافة وقادها وأسهم فيها أفراد ومؤسسات وجهات حكومية، على اختلاف نطاق أعمالها، ومنها بالطبع مكتبة الملك عبد العزيز العامة.

وأوضح ابن معمر أن المسكوكات الإسلامية من أهم الوثائق التي تساعد في استنباط واستكشاف الكثير من الحقائق التاريخية ومن أهم مصادر التاريخ الإسلامي وأدقها كونها تساعد في إعادة كتابة التاريخ وتلقي الأضواء على الكثير من الحوادث التاريخية؛ كذلك تبرز المسكوكات الإسلامية من حيث كونها وثائق صحيحة وسليمة.
ولفت إلى أن مكتبة الملك عبد العزيز من المؤسسات الثقافية الثرية في مجموعاتها الخاصة ومنها المسكوكات والعملات النادرة الصور التاريخية والخرائط والمخطوطات وغيرها، فضلاً عما تقتنيه من أوعية معلومات تغطي جميع فروع المعرفة البشرية، ولديها رصيد ثري من المسكوكات والعملات النادرة الأصلية من الذهب والفضة والنحاس والمعادن الأخرى، التي تجاوز عددها 8 آلاف مسكوكة وعملة نادرة، وتغطي أكثر من 14 قرناً من الزمان وتشمل مساحة جغرافية تمتد من بلاد الهند وأواسط آسيا شرقاً إلى بلاد المغرب العربي والأندلس غرباً ومن بلاد القوقاز شمالاً إلى أرض اليمن السعيد والسلطة العُمانية جنوباً.

واستعرض ابن معمر خلال كلمته، أندر المسكوكات المعروضة، منها: دينار عربي بيزنطي سك في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان في العام 73 هجرية، وهي أول عملة تحمل الكتابة العربية، وأول عملة عربية إسلامية تظهر عليها شهادة التوحيد، فيما يضم المعرض مجموعات أخرى من الدنانير والدراهم العربية الإسلامية يعود تاريخها إلى العصور الأموية والعباسية والأندلسية والفاطمية والأيوبية والأتابكية والسلجوقية والساسانية والمملوكية، ومن دول المشرق الإسلامي ودول المغرب العربي، إضافة إلى بعض النقود التي تعود إلى بعض الحضارات التي عاشت في الجزيرة العربية التي كانت تضرب في مدن سك النقود في الجزيرة العربية في مكة المكرمة والمدينة المنورة واليمامة وبيشة وغيرها من المدن، كما يضم مجموعات من عملات المملكة التي تمثل العهود السعودية خلال التاريخ السعودي المعاصر.

يُشار إلى أن المعرض يقوم على استخدام التقنية بشكل كامل، وتُسجل وتُحفَظ جميع محتوياته على منصة الأصول الرقمية، ما يساعد على حفظ حقوق المكتبة الفكرية في البيانات والصور، ويساعد على سرعة الوصول إليها.
وتقام مجموعة من الفعاليات المصاحبة على هامش المعرض؛ منها: تدشين كتاب «الخط العربي على النقود الإسلامية» للدكتور نايف الشرعان، الذي كلفته المكتبة بإنجازه، والذي يرفد المكتبة العربية بدراسة الخط العربي وتطوره على مر العصور من خلال النقود الإسلامية، وذلك في ضوء العملات الإسلامية المحفوظة في مكتبة الملك عبد العزيز العامة، إضافة إلى إقامة ندوات للمختصين والباحثين، وقراءة مأثورات النقود الإسلامية ودلالتها، والدور الذي لعبته المسكوكات العربية والإسلامية عبر التاريخ في إبراز أنماط الحياة وتطورها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والفنية.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.