«أحزاب دينية» توقف الحفلات الغنائية في العراق

إلغاء سهرات لفنانين عرب بينهم عاصي الحلاني وسط صمت حكومي

حفلة للمغنية العراقية ساجدة عبيد في نادي اليرموك ببغداد قبل أسبوع (أ.ب)
حفلة للمغنية العراقية ساجدة عبيد في نادي اليرموك ببغداد قبل أسبوع (أ.ب)
TT

«أحزاب دينية» توقف الحفلات الغنائية في العراق

حفلة للمغنية العراقية ساجدة عبيد في نادي اليرموك ببغداد قبل أسبوع (أ.ب)
حفلة للمغنية العراقية ساجدة عبيد في نادي اليرموك ببغداد قبل أسبوع (أ.ب)

اضطرت شركة عراقية للخدمات الترفيهية إلى وقف حفلاتها الغنائية في بغداد، وألغت عقودها مع شركات عربية كان من المفترض أن تنظم سهرات استعراضية لفنانين عرب.
الشركة كانت قد تعرضت إلى ضغوط من جهات دينية طالبت بوقف حفلات «منافية للأخلاق والدين».
وخلال الأسبوع الماضي، تجمع المئات من المتظاهرين أمام مجمع «سندباد لاند» الترفيهية ومسرح حفلاتها، في بغداد، وأقاموا الصلاة هناك احتجاجاً على برنامج غنائي ضم مجموعة من الفنانين، كان آخرهم المصري محمد رمضان. وقال أحد المحتجين، إن «الحفل جزء من مخطط صهيوني لتدمير المجتمع العراقي»، وقالت سيدة شاركت في الاحتجاج وتحمل لافتة كتب عليها «وأعدوا لهم ما استطعتم»، إن «رفض الحفلات ليس لتزامنها مع المناسبات الدينية وحسب، بل نرفضها طوال السنة (…) لن تقام أبداً».
وأوضحت مصادر متقاطعة، أن جهات حزبية نافذة هددت منظمي الحفلات بإغلاق المجمع الترفيهي «ما لم يوقفوها ويلغوا العقود»، وبهذا أجبرت الشركة على إلغاء عقودها مع فنانين آخرين كان من المفترض أن يحيوا حفلاتهم في الأيام الأخيرة من هذا العام، أبرزهم اللبناني عاصي الحلاني.
وقالت الشركة في بيان مقتضب: «نعتذر للجمهور العراقي (…) تم إلغاء جميع الحفلات احتراماً لكل المراجع».
وصوب رجال دين نحو الحفلات بالتركيز على حفلة محمد رمضان، التي شهدت حضور آلاف الشباب، واتهمه بعضهم بالترويج لـ«الخلاعة في مجتمع محافظ»، فيما أطلق رجل الدين جعفر الإبراهيمي وصفاً عنصرياً، يتعلق بلون بشرة رمضان، وطالب بمنعه من الغناء، فيما حذر خطيب في أحد مساجد بغداد من «انهيار تام لأخلاق المجتمع العراقي».
وتحولت القضية إلى جدال عام بشأن الحريات العامة، وفيما إذا كان لجهة ما فرض وصاية على الحريات العامة، وقالت حركة «امتداد» المعارضة إن «أي طرف لا يمتلك الحق بمصادرة حقوق كفلها الدستور».
ويتخوف ناشطون عراقيون من أن يكون إجبار الشركة العراقية على إلغاء حفلاتها مناسبة لتخويف الآخرين من تنظيم أنشطة فنية مماثلة.
ولم تتدخل السلطات العراقية في الواقعة، سوى أن وزارة الثقافة العراقية تحاشت في بيانها الخوض في الجدل المطروح بشأن «الوصاية على الأنشطة العامة التي ينظمها القطاع الخاص»، لكنها اكتفت بأنها «تدعم فقط الأنشطة ذات القيمة الفنية الرفيعة»، وأن «العروض الفنية الأخرى تنظمها الشركات الخاصة، ولا تمولها الوزارة».
لكن التدخل الأبرز، جاء من جهة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي ظهر في كلمة متلفزة وهو يصب غضبه على الحفلات التي أقيمت في بغداد، وقال إن «تدافع الشباب العراقيين بالآلاف على حفل ماجن يعد أمراً مخيفاً»، وزاد، «لا يمكن للأمة أن تسكت (…) هذه ليست مسؤولية الحكمة، بل نحن، الحركيين والعلماء»، في إشارة إلى أنصار التيار الإسلامي.
وقال رجل الدين أوس الخفاجي، إن «الحركات الإسلامية خسرت في معركتها ضد الحفلات الغنائية، لأن عليها الاحتجاج على الفساد والمخدرات، وليس محمد رمضان».
وينشط الرأي العام المحلي بتفسيرات متعددة عن سبب حماسة القوى الدينية ضد الأنشطة العامة هذه الأيام، رجح طيف منها محاولة تلك الجهات صناعة استقطاب اجتماعي جديد في لحظة سياسية مأزومة بفعل نتائج الانتخابات، لكن آخرين عبروا عن مخاوف جدية من استمرار تأويل الحريات في الدستور العراقي. ويقول النائب المستقبل سجاد سالم، إن «الدستور العراقي يحقق التوازن بين الحريات العامة والخصوصيات الدينية، وما حدث أخيراً يمثل محاولة لفرض سطوة دينية على المجتمع».



الحوثيون يعسكرون قرى حول الحديدة ويهجرون سكانها

الحوثيون حولوا التجمعات السكانية إلى مواقع لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا التجمعات السكانية إلى مواقع لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة (إعلام محلي)
TT

الحوثيون يعسكرون قرى حول الحديدة ويهجرون سكانها

الحوثيون حولوا التجمعات السكانية إلى مواقع لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا التجمعات السكانية إلى مواقع لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة (إعلام محلي)

كشفت مصادر حكومية يمنية عن تهجير الحوثيين الآلاف من السكان في ريف محافظة الحديدة الساحلية لاستخدام قراهم مواقع عسكرية ولتخزين الأسلحة واستهداف سفن الشحن التجاري في جنوب البحر الأحمر.

وأدانت السلطة المحلية التابعة للحكومة الشرعية في محافظة الحديدة ما سمته عمليات التهجير القسري التي تقوم بها «ميليشيات الحوثي» لسكان عدد من القرى في المديريات الساحلية، جنوب وشمال المحافظة، منذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن مسلسل جرائمها وانتهاكاتها اليومية الجسيمة لحقوق الإنسان.

ميناء اصطياد سمكي في الحديدة حوله الحوثيون إلى منطقة عسكرية مغلقة (إعلام حكومي)

ونقل الإعلام الرسمي عن بيان السلطة المحلية القول إن الحوثيين أجبروا خلال اليومين الماضيين سكان 5 قرى جنوب مديرية الجراحي، تضم 350 أسرة، أي نحو 1750 نسمة، على إخلاء منازلهم تحت تهديد السلاح، للشروع في حفر أنفاق وبناء تحصينات عسكرية في تلك المناطق السكنية.

ووفقاً للبيان، فإن سكان تلك القرى باتوا يعيشون في العراء بعد أن هجّروا بالقوة من منازلهم ومزارعهم ومصادر عيشهم، في ظل تجاهل وصمت مطبق من قبل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية تجاه هذه الممارسات والانتهاكات السافرة.

ويعتمد سكان هذه القرى -بحسب السلطات المحلية- على الزراعة بوصفها مصدر دخل رئيسياً، وسيؤدي هذا التهجير إلى حرمان أبناء هذه القرى من مصدر رزقهم ويعمّق معاناتهم الإنسانية، فضلاً عن إلحاق الخراب بمئات الأراضي والحيازات الزراعية.

تهجير مماثل

بحسب بيان السلطة المحلية في الحديدة، فإن عمليات التهجير القسري لسكان مناطق وقرى مديريات الجراحي جاءت بعد أيام من عمليات تهجير مماثلة طالت المئات من سكان بلدة المنظر الساحلية التابعة لمديرية الحوك والواقعة في الأطراف الجنوبية لمدينة الحديدة، حيث قام الحوثيون ببناء سور حول البلدة التي يبلغ عدد سكانها 4500 نسمة تقريباً، وأغلقوا جميع المنافذ والطرقات المؤدية إليها، وأجبروا قاطنيها على النزوح.

ونبّه بيان السلطة المحلية إلى أن الحوثيين كانوا قد أقدموا في وقت سابق هذا العام على تهجير سكان قرية الدُّقاوِنة الواقعة على الخط الرئيس الرابط بين مديرية حرض والحديدة، التابعة لمديرية باجل، التي يبلغ عدد سكانها 70 أسرة، أي ما يقارب 350 نسمة.

السلطة المحلية اليمنية في الحديدة انتقدت صمت المجتمع الدولي على عملية التهجير (إعلام حكومي)

كما قامت الجماعة بتحويل ميناء الخوبة السمكي في مديرية اللحية شمالي المحافظة إلى منطقة عسكرية مغلقة بعد منع الصيادين من إرساء قواربهم وممارسة نشاطهم السمكي.

وناشدت السلطة المحلية المجتمع الإقليمي والدولي وهيئة الأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية والإنسانية والحقوقية بالوقوف أمام هذه الانتهاكات التي يرتكبها الحوثيون بحق سكان محافظة الحديدة، التي تتعارض مع القانون الدولي الإنساني ومبادئ واتفاقيات حقوق الإنسان، والمبادئ العالمية الخاصة بحماية المدنيين أثناء النزاعات.

وأكد البيان أن هذه الانتهاكات وما سبقها من استهداف للمدنيين تعد «جرائم حرب»، داعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان إلى إدانة هذه الجرائم.

من جهته أكد العميد محمد الكميم، مستشار لوزير الدفاع اليمني، أن الحوثيين هجّروا نحو 6 آلاف مدني من قراهم في محافظة الحديدة خلال الأيام الماضية، من بينهم سكان 5 قرى في جنوب مديرية الجراحي وبلدة منظر في أطراف مدينة الحديدة، وقرية الدُّقاوِنة التابعة لمديرية باجل.

وأوضح الكميم أن الغرض الواضح من هذه العملية هو حفر الخنادق والأنفاق لمعارك الجماعة الوهمية، لكنه جزم بأن الغرض الحقيقي لهذه العملية هو نهب أراضي السكان في تلك القرى.