«حماس» ترفض اشتراطات إسرائيل من أجل دفع التهدئة

فلسطينية مع ابنتها بانتظار فحص «كورونا» قبل الدخول من معبر إيريز في غزة إلى إسرائيل
فلسطينية مع ابنتها بانتظار فحص «كورونا» قبل الدخول من معبر إيريز في غزة إلى إسرائيل
TT

«حماس» ترفض اشتراطات إسرائيل من أجل دفع التهدئة

فلسطينية مع ابنتها بانتظار فحص «كورونا» قبل الدخول من معبر إيريز في غزة إلى إسرائيل
فلسطينية مع ابنتها بانتظار فحص «كورونا» قبل الدخول من معبر إيريز في غزة إلى إسرائيل

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن مهمة الوفد الأمني المصري في قطاع غزة كانت صعبة ومعقدة، في ظل طلب إسرائيل أن تتوقف الفصائل الفلسطينية عن التصعيد في الضفة الغربية وإعادة الأسرى قبل أي تقدم.
وبحسب المصادر، فإن الفصائل أبلغت الوفد المصري أنها ترفض كل الاشتراطات الإسرائيلية، وإن صبرها آخذ بالنفاد لأنه لا يوجد تقدم، ورفضت أي حديث حول الضفة الغربية طالما لا تلتزم إسرائيل بوقف تصعيدها هناك ولا تلتزم بإدخال تسهيلات في قطاع.
وحمل الوفد المصري تحذيراً إسرائيلياً بأن استمرار التصعيد في الضفة قد يتم الرد عليه في غزة، في إشارة إلى استئناف عمليات اغتيال لقادة، وحذرت الفصائل من أن ذلك سيقود إلى مواجهة جديدة. وأعادت الفصائل تأكيد رفضها ربط ملف إعادة الإعمار بملف الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.
واجتمع الوفد الأمني المصري بقيادات من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» والجبهة الشعبية، من أجل تجنب تصعيد محتمل. وكان وفد أمني مصري وصل إلى قطاع غزة، في وقت تشهد فيه الضفة توترات متصاعدة أثارت مخاوف من انتقال التوتر إلى القطاع والداخل.
وجاء وصول الوفد بعد اجتماع لحركتي «حماس» و«الجهاد»، حذرتا فيه من أن صبر المقاومة آخذ في النفاد، جراء مماطلة الاحتلال في رفع الحصار، وكذلك ممارساته في القدس والضفة. والأسبوع الماضي، أطلقت كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، مناورة كبيرة في قطاع غزة، قالت إنها تحاكي سيناريوهات مختلفة. وجاءت التدريبات بعد تهديدات لـ«حماس» بتصعيد جديد مع إسرائيل بسبب عدم التقدم في ملف إعمار غزة، في وقت تستعد فيه إسرائيل لمثل هذا التصعيد.
وإضافة إلى الوضع الأمني، تناولت المباحثات ملفات إعادة إعمار قطاع غزة وإدخال المزيد من التسهيلات الاقتصادية على القطاع، بما في ذلك زيادة التبادل التجاري مع مصر ودفع مشاريع في القطاع بما يسمح بخلق فرص عمل.
وترفض إسرائيل دفع جهود التهدئة إلى الأمام، دون استعادة جنودها في قطاع غزة، وعرضت تسهيلات سياسية والسماح بإعادة إعمار القطاع على نطاق واسع وإقامة مشاريع، مقابل استعادة جنودها من القطاع، لكن «حماس» رفضت وقالت إنها لن تفرج عن أسرى إلا مقابل أسرى فلسطينيين.
من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، أمس، إنه «في مواجهة التحذيرات المتزايدة، نفذنا عمليات مكثفة لمكافحة (الإرهاب)، قلّصت من قدرات ونوايا الهجمات، وإن هذه العمليات ستستمر، وسنعزز من وجود القوات على الأرض. إننا نعمل على وقف (الإرهاب)، وسنفرض ثمناً على مَن يحاول التحريض عليه، سنعمل ضد أي محاولة من قبل (حمـاس) لإلحاق الأذى بالإسرائيليين، وضد تعاظم قوتها في أي مكان وفي أي وقت». وتعهد غانتس بأن «تجبي إسرائيل ثمناً باهظاً من كل من يحاول تأجيج الأوضاع».
تتجدر الإشارة إلى أنه بالتزامن مع وصول الوفد الأمني، كان وفد هندسي مصري قد وصل أيضاً إلى غزة لمتابعة واستكمال المرحلة الثانية من مشاريع إعادة إعمار القطاع غزة، بحسب ما أعلنت وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة.
وذكر وكيل الوزارة ناجي سرحان أن وصول الوفد الهندسي المصري يأتي في إطار استكمال الجهود في دفع إعمار القطاع، مشيراً إلى أنه سيتم البدء قريباً في صرف تعويضات الهدم الكلي للمتضررين. وأعلنت اللجنة المصرية لإعادة إعمار غزة، الأسبوع المنصرم، إتمام المرحلة الأولى من إزالة الركام المهدم جراء الهجوم الإسرائيلي الأخير، وانطلاق المرحلة الثانية من إعادة الإعمار التي تشمل ستة مشاريع سكنية ودعم البنى التحتية.
وتعمل مصر بمنحة 500 مليون دولار على إنشاء ثلاثة مجمعات سكنية في قطاع غزة، سبق أن أعلنت عنها القاهرة، وهي: المدرسة الأميركية شمال غزة، ومنطقة المحاربين القدامى في الكرامة، والزهراء في المنطقة الوسطى ويزيد عدد مساكنها على 3 آلاف وحدة سكنية، كما أطلقت عملياً عملية تطوير الكورنيش وشارع الرشيد.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».