العراق يودّع آخر الجنود القتاليين الأميركيين

«الطرف الثالث» يدخل قفص الاتهام في قصف المنطقة الخضراء

TT

العراق يودّع آخر الجنود القتاليين الأميركيين

ما أن أصدر بيانه الوحيد بتبني قصف السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء وسط بغداد حتى دخل من أطلق على نفسه اسم «لواء فاتح خيبر» بوصفه طرفاً ثالثاً في عملية الاستهداف بهدف «خلط الأوراق» مثلما أعلن جعفر الحسيني المتحدث العسكري باسم «كتائب حزب الله».
الحسيني أضاف في تصريحات له أن «استهداف السفارة الأميركية في بغداد جاء لخلط الأوراق» متهماً «جهات مشبوهة نفذت العملية في توقيت مريب لتحقيق أجندات خارجية». وبين أن «أسلوب الاستهداف وتعمد قصف المدنيين بحجة ضرب السفارة يكشف أن المستفيد هو العدو الأميركي» على حد وصفه.
من جهتها، فإن الحكومة العراقية تواصل تطبيق بنود اتفاق الحوار الاستراتيجي في جولته الرابعة التي قضت بمغادرة القوات القتالية الأميركية العراق نهاية الشهر الحالي. وفي هذا السياق فإنه في الوقت الذي غادرت آخر الوحدات القتالية الأميركية العراق من الأماكن التي تتواجد فيها في قادة «عين الأسد» والمطار فإن وفداً عسكرياً سوف يشرف خلال الأيام القليلة المتبقية على انسحاب القوات الأميركية التي تتواجد في قاعدة حرير قرب مطار أربيل في إقليم كردستان. وطبقاً لمصدر أمني فإن الهدف من «زيارة أربيل هو تفقد قاعدة حرير لمتابعة سير عملية انسحاب القوات القتالية الأميركية من القاعدة بحسب الاتفاق الأخير بين بغداد وواشنطن».
وبينما لم يعلن أي من الفصائل المسلحة المعروفة والتي تشكك بدوافع الانسحاب الأميركي من العراق نهاية الشهر الحالي مسؤوليته عن استهداف الخضراء فإن الأنظار تتجه إلى ما بعد الموعد المقرر للانسحاب وهو يوم 31/12/ الحالي. فطبقاً لما أعلنته «كتائب سيد الشهداء» فإنها سوف تبدأ باستهداف الأميركيين بعد منتصف الليل ومع مطلع العام المقبل لكن السؤال الذي ينتظر الجميع الإجابة عنه هو: هل ستعلن الفصائل المسلحة التي بقيت تنفي مسؤوليتها عن أي استهداف الأميركيين عن مسؤوليتها بعد استئناف عمليات القصف؟ وهل ستكون عملية الاستهداف عبر صواريخ الكاتيوشا أم لديها أسلحة جديدة سوف يتم الكشف عنها؟ وكيف سيكون موقف الحكومة العراقية والقوى السياسية العراقية التي لا تتفق مع ما تذهب إليه الفصائل المسلحة من عملية الاستهداف القادمة في وقت تصر بغداد على انسحاب كل القوات القتالية الأميركية من العراق؟
وفي هذا السياق يقول الدكتور حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون إصلاح القطاع الأمني لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة العراقية الحالية تعمل على إعادة بناء الدولة العراقية وبعد مخاض طويل عادت العلاقات العراقية - الأميركية إلى مسارها الطبيعي في ضوء اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين حكومة العراق وحكومة الولايات المتحدة». وأضاف علاوي أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي «نجح في إعادة العلاقات العراقية - الأميركية من المسار العسكري إلى المسار المتعدد الشامل (السياسي، الاقتصادي، الثقافي، الصحة والبيئة، التعليم، الشراكة في بناء القدرات العسكرية والأمنية والاستخبارية والطاقة) إلى مرحلة ما قبل سقوط الموصل عام 2014 عندما تشكل التحالف الدولي لمساعدة العراق في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي واستمر بالعمل على الإسناد والدعم والتجهيز». وأوضح «كان من المفروض منذ عام 2017 أن تخرج القوات القتالية وتنتهي مهامها لكن الحكومتين السابقتين لم تنجحا في طي ملف التحالف الدولي حتى جاء الكاظمي ليأخذ على عاتقه منذ الأشهر الأولى لعمر حكومته في عام 2020 استئناف جولات الحوار الاستراتيجي العراقي - الأميركي الذي تطور كثيراً وصنع مساراً جديداً للسياسة العراقية تجاه التعامل مع القوات القتالية من خلال الوصول إلى نقطة أساسية هو خروج القوات القتالية بصورة نهائية هذا العام وأن تركز العلاقات على الاستشارة والمساعدة والتمكين، وبذلك تعود العلاقات العراقية - الأميركية إلى طبيعتها».
وبشأن آخر خطوات الانسحاب أكد مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط» أن «عملية انتهاء مهمة القوات القتالية الأميركية دخلت حيز التنفيذ» مبيناً أن «الإجراءات مستمرة ومتواصلة، وآخرها كان تسلم الأجهزة الأمنية العراقية المواقع والمعدات من القوات المنسحبة». وأوضح أن «لجنة عراقية زارت قاعدة عين الأسد الجوية واطلعت على أماكن جمع المعدات، كما تم الاطلاع على نماذج من الآليات والأجهزة الفنية التي بدأت قوات التحالف تسليمها إلى الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب والقوات الأمنية العراقية». وأكد المصدر الحكومي أنه «في الوقت الذي يرى فيه البعض أن الانسحاب الأميركي شكلي وأن كل الذي حصل هو تغيير تسمية القوات من قتالية إلى استشارية فإن الواقع كان مخالفاً لمثل هذه التوقعات حيث تم الانسحاب بخطوات أسرع من المتوقع ولم تبق سوى أيام قلائل ليتم إعلان الانسحاب الكامل وانتهاء المهام القتالية لتلك القوات».
وبين المصدر الحكومي أن «الانسحاب دليل على قدرة الحكومة وفاعليتها الدبلوماسية إضافة إلى ثقة المجتمع الدولي بالقوات العراقية والتي وصلت إلى مرحلة تؤهلها مسك زمام الأمور بشكل تام دون الحاجة إلى تواجد أجنبي»، مشيراً إلى أن «التغييرات التي طرأت في تنسيق المهام بين الأجهزة الأمنية والعسكرية واللمسات الأمنية أعطت طابعاً مهنياً متميزاً للقوات العراقية في العام الأخير».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.