«الوطني الحر» يخوض معركة مقاعد المغتربين وحيداً

المجلس الدستوري يبتّ بالطعن في تعديلات قانون الانتخابات اليوم

TT

«الوطني الحر» يخوض معركة مقاعد المغتربين وحيداً

يصدر المجلس الدستوري اليوم (الثلاثاء)، قراره بطعن «تكتل لبنان القوي» المؤيد للرئيس اللبناني ميشال عون، بالتعديلات التي أقرها البرلمان على قانون الانتخابات، وألغت انتخاب ستة نواب يمثلون المغتربين، وسط دفع من «التيار» لتطبيق هذا البند.
ويختلف «التيار» وخصومه حول أسباب إصراره على انتخاب النواب الستة، ففي حين يؤكد التيار أن التعديلات حرمت المغتربين من «الحقّ في أن يتمثّلوا بـ6 نواب من بينهم، يحملون همومهم ويحصّلون حقوقهم التي تعيد ربطهم بالوطن الأم»، يرى خصومه أن إلغاء هذا البند سيجبر المغتربين وفق القانون على الاقتراع عن ممثليهم في الداخل، كل بحسب دائرته الانتخابية، بما يؤثر في نتائج الانتخابات، ومن بينها توقعات بتقليص كتلة «التيار» العددية في المجلس النيابي، فضلاً عن أنه ليس هناك أي اتفاق بعد على توزيع مقاعد المغتربين الستة على الطوائف الست الكبرى بحسب القارات، وهو ما أدى إلى إرجائها لدورات انتخابية لاحقة.
وطعن نواب «تكتل لبنان القوي» بالتعديلات أمام المجلس الدستوري في الشهر الماضي، بعد أن أعاد البرلمان تأكيد التعديلات إثر ردها من قبل رئيس الجمهورية في الشهر الماضي. ويتشعب طعن نواب «التيار» بالتعديلات من إلغاء تمثيل المغتربين بستة نواب، ما يرفع عدد أعضاء البرلمان اللبناني إلى 134 بدلاً من 128، مروراً بالتوصية البرلمانية بإجراء الانتخابات في مارس (آذار) المقبل، بينما يطالب التيار بأن تكون في مايو (أيار). كما يطعن بالأكثرية العددية التي صوتت على التعديلات في ظل استقالة ووفاة 10 نواب، وسط خلاف دستوري حول عدد الأكثرية النيابية (النصف زائداً واحداً)، ويقول إن الأكثرية هي 65 وليس 59 نائباً.
واجتمع المجلس الدستوري أمس، وهو محكمة عليا تنظر في دستورية القوانين، بكامل أعضائه للبت بالطعن، على أن يصدر قراره اليوم، حسبما قال رئيسه القاضي طنوس مشلب.
ويواجه «التيار» الذي يرأسه صهر عون النائب جبران باسيل، معركة الطعن بالتعديلات على قانون الانتخاب وحيداً، ويتحدث التيار عن أن هناك «محاولة لعزله» إثر «تكتّل الأغلبية النيابية ضده»، بحسب ما يقول مقرر المجلس السياسي للتيار الوزير الأسبق يعقوب الصراف، مؤكداً لـ«الشرق الاوسط» أن «الأكثرية الموجودة في الحكم ترفض أن نحاسب الفساد ونسترجع المال المهدور، وكل ما يطلبونه هو التستّر على الماضي في ظل الأزمة الخانقة التي تهدد اللبنانيين بالجوع والفقر». وأكد الصراف أن التيار «يرفض كل التغاضي عن الماضي، ويصرّ على المحاسبة والتدقيق الجنائي، وهو يدفع ثمن قناعاته بتكتّل معظم قوى السلطة ضده».
وفيما لا تستبعد مصادر نيابية إرجاء موعد الانتخابات إلى مايو المقبل، يبدو أن الصورة المتعلقة بانتخاب ستة نواب يمثلون الاغتراب ضبابية حتى الآن، وسط نفي «التيار» لـ«أي مساومة أو مقايضة بين الملف وملفات أخرى»، في إشارة إلى ملف دعمه للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار.
وفي حال رد المجلس الدستوري الطعن المرتبط بتمثيل المغتربين، سيصوت أكثر من 225 ألف لبناني ينتشرون في الخارج، لمرشحين في الداخل بحسب جذورهم في الدوائر الانتخابية التي ينتمون إليها. ويتفق خبراء انتخابيون على أن التقديرات الأولى لتوزيع الناخبين في الخارج، تشير إلى تأثير وازن على نتائج الانتخابات المقبلة، بالنظر إلى أن أكثريتهم يصوتون في دوائر ينشط فيها «التيار الوطني الحر» وخصومه من المدنيين أو الأحزاب أو شخصيات ربطتها في الانتخابات الماضية تحالفات مع «التيار».
وتشير التقديرات إلى أن أعداد المسجلين للاقتراع في الخارج، يمكن، في حال اقترعوا جميعهم، أن توفر حاصلين انتخابيين (يؤهلان وصول نائبين) في دوائر الشوف - عاليه، و«الشمال الثالثة»، و«بيروت الأولى»، فضلاً عن تأثيرات على النتائج في دائرة صيدا - جزين (الجنوب الأولى) ودائرة عكار (الشمال الأولى)، ما قد يؤثر في نتائج الانتخابات، وتقليص كتلة «التيار» البرلمانية في المجلس المقبل.
ويقلل الصراف من وقع تلك التقديرات المبكرة، بالنظر إلى أن التيار «قد يفوز انتخابياً في دوائر لم يكن في الدورة الماضية قد فاز بها بسبب نقص في التحضيرات، أو التنسيق في التحالفات»، مشيراً إلى أن التجربة اللبنانية الأهم أثبتت أن الكتلة العددية من غير توافقات مع كتل سياسية في البرلمان، لا يمكن أن تحقق التغيير المطلوب لإصلاح البلاد، موضحاً أن الإنجازات «تتطلب توافقات مع كتل نيابية أخرى». ويؤكد أن الأولوية الآن ليست للتفكير بنتائج الانتخابات، بل «لإنقاذ البلاد من الأزمات المعيشية والاجتماعية، ونحمي الناس من الجوع والفقر والعوز»، في إشارة إلى مطالب التيار بتفعيل جلسات مجلس الوزراء وإجراء التدقيق الجنائي وغيرها.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».