«محفظة واتساب» تثير تساؤلات بشأن مستقبل التعاملات المالية

«محفظة واتساب» تثير تساؤلات بشأن مستقبل التعاملات المالية
TT

«محفظة واتساب» تثير تساؤلات بشأن مستقبل التعاملات المالية

«محفظة واتساب» تثير تساؤلات بشأن مستقبل التعاملات المالية

في خطوة تثير كثيراً من التساؤلات بشأن مستقبل التعاملات المالية، أعلن تطبيق التواصل الاجتماعي «واتساب» بدء تجربة محفظته المالية الرقمية في أجزاء من الولايات المتحدة الأميركية. وجاء الإعلان وسط تكهنات حول أهمية العملات الرقمية كبديل للعملات التقليدية، في ظل زيادة أعداد مستخدمي تطبيق «واتساب» والشركة المالكة له «ميتا» (فيسبوك سابقاً). وفي حين يعلق خبراء ومتخصصون عن التجربة الجديدة بقولهم إن العملات الرقمية سوف تكون مستقبل الأموال في العالم، يرى آخرون أنها «لا تستطيع المنافسة بسبب المعوقات التكنولوجية».
«واتساب» كشف عن خدمته الجديدة، فذكر أن «الخدمة الجديدة تسمح لعدد محدود من المستخدمين في الولايات بإرسال واستقبال العملات الرقمية، عبر المحفظة الإلكترونية الجديدة (نوفي) بشكل مباشر أثناء محادثاتهم عبر (واتساب) من دون رسوم». و«نوفي» هي محفظة رقمية أطلقتها أخيراً شركة «ميتا»، وتسمح للأفراد بإرسال الأموال واستقبالها دولياً. وبحسب موقع «نوفي»، فقد «بدأ اختبار المحفظة قبل سبعة أسابيع بين مجموعة من المستخدمين في غواتيمالا والولايات المتحدة».
الإعلان عن التجربة الجديدة جاء عبر تغريدة مشتركة خلال الأسبوع الماضي للرئيس التنفيذي لشركة «واتساب» ويل كاثكارت، والرئيس التنفيذي لشركة «نوفي» ستيفان كاسريل، قالا فيها إن «نوفي ستكون متاحة لبعض مستخدمي واتساب في الولايات المتحدة في إطار التجربة، وستساعد هذه الخدمة مستخدمي واتساب على إرسال واستقبال الأموال بشكل آمن وفوري وبلا رسوم».
إسلام غانم، الخبير المصري في تكنولوجيا المعلومات والمنصات الرقمية، يرى أنه «إذا طبقت هذه التجربة على نطاق أوسع لتشمل عملاء واتساب وفيسبوك فيما بعد، فسيكون ذلك ثورة في مجال العملات الرقمية، نظراً لكثرة عدد مستخدمي هذه التطبيقات». وأردف غانم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كثيراً من الدول تحارب العملات الرقمية أو تحظر تداولها، لأنها تحد من سيطرة الدولة على الاقتصاد، وتجعله في يد شركات أخرى... وثمة دول مثل السلفادور واليابان اعتمدت العملات الرقمية، بينما أصدرت الصين عملتها الرقمية الخاصة لتكون تحت سيطرتها اقتصادياً».
من جهة ثانية، وفق موقع «نوفي»، فإن «المستخدم سوف يتبادل الأموال عن طريق العملة المشفّرة يو باكس دولار، وهي عملة رقمية صادرة عن شركة باكسوس ترست نيويورك، وقيمتها مرتبطة بالدولار الأميركي... ما يعني أن كل يو باكس دولار يساوي دولاراً أميركياً. والهدف من هذا الربط تجنب تقلب الأسعار الذي تعاني منه العملات الرقمية الأخرى مثل البيتكوين. ويضيف المستخدمون الأموال إلى حساب نوفي الخاص بهم، الذي بدوره يحولها إلى عملات رقمية، يمكّن من مستخدمي واتساب التعامل عليها».
موقع «نوفي» أكد أنه «لا توجد رسوم لإرسال الأموال أو تلقيها، ولا يوجد حدّ لعدد المرات التي يمكن فيها سداد الأموال... بل تتيح محفظة واتساب الرقمية إرسال الأموال كمرفق في الدردشة». أيضاً ذكر «نوفي» أن خدمته ستعمل الفترة المقبلة على مساعدة 1.7 مليار شخص لا يملكون حسابات مصرفية. وهنا يترقب الخبراء والمتخصصون نتيجة اختبار محفظة واتساب الرقمية، حيث يرى بعضهم أن «استمرار التجربة يعني دخول تطبيق جديد إلى سوق تطبيقات تحويل الأموال المزدحم... الذي يضم تطبيقات مثل زيللا وفينمو وكاش». ويشير كاسريل إلى أن «الاختبار التجريبي لنوفي يسمح لها بمعرفة الميزات والوظائف الأكثر أهمية للناس، وهو ما سيركز جهودنا على تحسينها».
في السياق نفسه، عن التجربة الجديدة، نشر موقع «فوربز» قبل أيام مقالاً للمستشار المتخصص في الخدمات المالية الرقمية ديفيد ج دبليو بريتش. في المقال كتب بريتش أن «على شركة ميتا (فيسبوك سابقاً)، التي تسمح حالياً بتداول العملة الرقمية على واتساب عبر نوفي في بعض الولايات الأميركية، وغيرها من الشركات التي تعمد إلى تطوير العملات الرقمية، التفكير في جعل تداول هذه العملات بعيداً عن شبكة الإنترنت». وأردف أن «انقطاع الإنترنت أو قلة ثبات أو قوة الشبكة، أو حتى المشاكل التقنية المتعلقة بالتحديثات، تعني أن العملات الرقمية لن تكون بديلاً حقيقياً للعملات التقليدية». ومن ثم، ضرب المثل بـ«الانقطاع الذي عانى منه فيسبوك أخيراً، وتسبب في توقف الخدمة لمدة ست ساعات». ثم تساءل بريتش: ماذا سيحدث لو كان انقطاع كهذا حدث في وقت يعتمد فيه المستثمرون على العملات المشفّرة؟
الجدير بالذكر أن طموحات شركة «ميتا» (فيسبوك سابقاً) بدخول سوق العملات المشفّرة تعود إلى منتصف عام 2019، عندما أعلنت «فيسبوك» عن عملتها الرقمية «ليبرا»؛ لكن «الفكرة واجهت ضغوطاً من المشرعين الأميركيين فجرى تقليصها»، كذلك اتهم آخرون «فيسبوك» بإمكانية استخدامها في التجسس على عمليات بيع وشراء المستخدمين لصالح توجيه إعلانات خاصة لهم. ومن ثم، حاول «فيسبوك» تحسين سمعة عملته الرقمية وغير اسمها إلى «دايم»، إلا أنه لم يطلقها بشكل رسمي حتى الآن، بل استخدم الباكس بدلاً منها على تطبيق «نوفي». ويأتي إعلان «واتساب» بينما تشهد العملات الرقمية رواجاً في مختلف أنحاء العالم، بحسب الخبراء، وإن كانت استطلاعات الرأي تشير إلى أن المستثمرين لا يفضلونها لكونها شديدة التقلب. وذكر مجلس العلاقات الخارجية الأميركي في تقرير له حول العملات الرقمية، في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «الصعود الأخير للعملات الرقمية والبيتكوين شكّل تحديّاً جديداً للحكومات والبنوك المركزية، وبعضها استجاب بفرض عملته الرقمية الخاصة».
على صعيد آخر، قال الصحافي المغربي الحسين أولباز، مدير شركة تواصل وإنتاج تلفزيوني في العاصمة الأميركية واشنطن لـ«الشرق الأوسط»، معلقاً، إن «تطبيق واتساب للمحفظة الرقمية يعد نقطة انطلاق ستغير منظومة النقد عالمياً، وستفتح المجال أمام التطور التكنولوجي في مجال التعاملات المالية أخذاً في الاعتبار الأعداد الكبيرة من مستخدمي واتساب وفيسبوك... إلا أن العملات الرقمية قد تكون لها تأثيرات سلبية على الاقتصاد، نظراً لتفاوت سعرها من فترة لأخرى».
وأخيراً، ثمة تقرير صدر عن «مجلس الأطلسي» حول انتشار العملات الرقمية على مستوى العالم، أفاد بأنه «بينما تزداد شعبية العملات الرقمية على مستوى العالم، فإن البنوك المركزية أدركت أن عليها توفير بدائل، أو أن تترك الساحة لمستقبل التعاملات المالية». ووفق التقرير، فإنه «في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أصدر البنك المركزي النيجيري العملة الرقمية آيه نايرا، وهي عملة يمكن فقط لمن لديهم حسابات بنكية استخدامها حالياً، وسيصار في المرحلة المقبلة إلى دمج من ليست لديهم حسابات رقمية في النظام».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.