«آلاف المدنيين» قتلوا في ضربات لطائرات مسيرة أميركية

«نيويورك تايمز» كشفت عن معلومات استخبارية مغلوطة واستهداف متسرع وغير دقيق

حسن سلطان البالغ من العمر 16 عاما كان أصيب بضربة جوية استهدفت مجندًا لـ«داعش» في الموصل 29 أبريل 2016 (نيويورك تايمز)
حسن سلطان البالغ من العمر 16 عاما كان أصيب بضربة جوية استهدفت مجندًا لـ«داعش» في الموصل 29 أبريل 2016 (نيويورك تايمز)
TT

«آلاف المدنيين» قتلوا في ضربات لطائرات مسيرة أميركية

حسن سلطان البالغ من العمر 16 عاما كان أصيب بضربة جوية استهدفت مجندًا لـ«داعش» في الموصل 29 أبريل 2016 (نيويورك تايمز)
حسن سلطان البالغ من العمر 16 عاما كان أصيب بضربة جوية استهدفت مجندًا لـ«داعش» في الموصل 29 أبريل 2016 (نيويورك تايمز)

نشرت صحيفة «نيويورك تايمز»، السبت، تحقيقا حول ضربات الطائرات المسيرة، الوسيلة المفضلة للجيش الأميركي منذ 2014 في حربه ضد الجماعات الإرهابية في أفغانستان والعراق وسوريا، كاشفة عن مقتل آلاف المدنيين، ومعلومات استخبارية خاطئة، وأضرار جانبية حتمية.
واستنادا إلى 1300 تقرير لوزارة الدفاع الأميركية البنتاغون حول حوادث أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين، حصلت عليها الصحيفة الأميركية بموجب قانون الشفافية في الإدارات، يشكل هذا التحقيق ضربة لتصور «الضربات الدقيقة» للطائرات المسيرة الذي تقدمه الحكومة الأميركية.
وكشفت الوثائق المستخرجة من أرشيف البنتاغون الخفي للحرب الجوية الأميركية في الشرق الأوسط منذ عام 2014، عن معلومات استخبارية مغلوطة، واستهداف متسرع وغير دقيق في كثير من الأحيان، ومقتل آلاف المدنيين، بينهم عدد كبير من الأطفال.
وبدلا من الوعود بالشفافية في عهد باراك أوباما الذي كان أول رئيس أميركي يرجح اللجوء إلى ضربات الطائرات المسيرة لتجنب مقتل جنود أميركيين، حل «التعتيم والإفلات من العقاب»، بحسب الصحيفة الأميركية التي لجأت إلى رفع عدد من الدعاوى القضائية على البنتاغون والقيادة المركزية للجيش الأميركي سانتكوم للحصول على هذه الوثائق.
وخلال خمس سنوات، شن الجيش الأميركي أكثر من خمسين ألف غارة جوية في أفغانستان وسوريا والعراق، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وقد اعترف بقتل 1417 مدنيا خطأ في غارات جوية في سوريا والعراق منذ 2014. والعدد الرسمي للقتلى في أفغانستان 188 مدنيا سقطوا منذ 2018.
وفي هذا التحقيق الذي استغرق أشهرا، حللت الصحيفة الوثائق التي حصلت عليها، وتحققت من الوقائع على الأرض، ودققت في المعلومات الرسمية حول أكثر من مائة موقع تعرض للقصف. وكانت العديد من الوقائع المذكورة معروفة من قبل، لكن التحقيق كشف أن عدد الضحايا المدنيين الذين اعترف بهم البنتاغون «أقل من الحقيقة بشكل واضح».
وأشارت الصحيفة إلى أنه تم اعتبار أشخاص يجرون باتجاه موقع تم قصفه مقاتلين لتنظيم داعش، بينما كانوا رجال إنقاذ. فيما اعتبر تحرك راكبي دراجات نارية، على أنه استعداد لهجوم وشيك. وتفيد وثائق وزارة الدفاع الأميركية أن 4 في المائة فقط من الأخطاء في تحديد العدو أدت إلى سقوط مدنيين. لكن التحقيق الميداني الذي أجرته الصحيفة يدل على أن نسبة هذه الحوادث تبلغ 17 في المائة، وسقط خلالها ثلث القتلى والجرحى المدنيين.
وكان للعوامل الثقافية أيضاً تأثير كبير. فقد اعتبر العسكريون الأميركيون أن منزلا كانوا يراقبونه في دولة لم تحددها الصحيفة، لم يكن به مدنيون خلال أحد أيام رمضان، بينما كانت عائلات عدة نائمة أثناء النهار في داخله خلال شهر الصوم للاحتماء من الحر.
وفي أغلب الأحيان، ساهمت صور رديئة أو عمليات مراقبة لمدة غير كافية في الضربات التي أدت إلى سقوط مدنيين. كما أنها كبحت محاولات التحقيق. وأكد الجيش الأميركي «صدقية» 216 من أصل 1311 حالة درستها الصحيفة.
ورفض الجيش تقارير متعلقة بسقوط ضحايا مدنيين، لأنها لم تظهر في مقاطع الفيديو جثث تحت الأنقاض أو لأنها لم تكن طويلة بما يكفي لاستخلاص نتائج. وبين الوقائع الواردة، ضربات نفذتها قوات خاصة أميركية في 19 يوليو (تموز) 2016 استهدفت ما كان يعتقد أنها ثلاث مناطق في شمال سوريا يستخدمها تنظيم داعش للتحضير لهجماته. لكن الضربات أسفرت عن مقتل 120 مزارعا وقرويا.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن الناطق باسم القيادة المركزية الأميركية بيل أوربان، قوله إنه «حتى بوجود أفضل التقنيات في العالم، تحدث أخطاء، إما بسبب معلومات خاطئة أو تفسير خاطئ للمعلومات المتوافرة». وأضاف «نبذل أقصى جهودنا لتجنب إلحاق الضرر، ونحقق في كل القضايا التي تتمتع بصدقية ونأسف لكل خسارة في أرواح أبرياء».
في مثال آخر، نفذت ضربة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 في منطقة الرمادي في العراق بعد رصد رجل وهو يجر «غرضاً مجهولا وثقيلا» إلى موقع تابع لتنظيم «داعش». وتبين في تقرير أعد بعد مراجعة أن الغرض كان طفلا قتل في غارة.
وأخيرا، اضطرت الولايات المتحدة إلى التراجع عن تأكيدها أن سيارة دمرتها طائرة مسيرة في أحد شوارع كابل في أغسطس (آب) الماضي كانت محملة بقنابل. وقد تبين لاحقا أن ضحايا الضربة كانوا عشرة من أفراد عائلة واحدة. ويشير التقرير إلى أن عدداً كبيرا من المدنيين الذين أصيبوا في ضربات أميركية وبقوا على قيد الحياة يعانون إعاقات تتطلب علاجا مكلفا، وأن أقل من 12 منهم تلقوا تعويضات مالية.
وقبل شن ضربات جوية، يفترض أن يدقق الجيش في تقارير مفصلة لتقدير وتقليل الوفيات بين المدنيين. لكن المعلومات المتوفرة يمكن أن تؤدي إلى أخطاء. وأكد المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية أن مخططي الحرب الجوية يبذلون أقصى جهودهم في ظل ظروف بالغة الصعوبة. وأضاف: «لكن في كثير من الأوضاع القتالية، حيث يواجه المستهدفون تهديدات عديدة موثوقة ولا يملكون متسعا من الوقت، يمكن أن يؤدي ضباب الحرب إلى قرارات تفضي بشكل مأساوي إلى إلحاق الأذى بالمدنيين». ورأت الصحيفة أن «ما يظهر في نهاية الاطلاع على أكثر من 5400 صفحة من الوثائق، هو أن الجيش مؤسسة تقبل بأن تكون أضرار جانبية حتمية».
وتستعد الصحيفة لنشر الجزء الثاني من التحقيق، لتركز على حجم الخسائر البشرية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».