وزراء الثقافة العرب يدعون لبناء اقتصاد معرفي مستدام وتوحيد الجهود

السعودية تعلن استضافة الدورة المقبلة للمؤتمر وتؤكد دعمها لمواصلة دور القطاع في التنمية

TT

وزراء الثقافة العرب يدعون لبناء اقتصاد معرفي مستدام وتوحيد الجهود

دعا وزراء الشؤون الثقافية في الوطن العربي إلى أهمية بناء اقتصاد معرفي مستدام، وتوحيد الجهود العربية لتطوير منظومة الصناعات الثقافية والإبداعية، وذلك من خلال الخطة الشاملة للثقافة العربية وتحديثها، إلى جانب ضرورة توحيد الجهود العربية في المجالات الثقافية المختلفة، بما في ذلك التعاون في سبيل تسجيل التراث غير المادي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو».
وجاءت دعوة الوزراء خلال الدورة الـ22 لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الدول العربية، التي عقدت أمس في مركز أرض المعارض بـ«إكسبو 2020 دبي»، بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو».
وأكدت السعودية تقديرها للدول الأعضاء في الالتزام بمواصلة النقاش الثقافي ضمن إطار المنظمة، مشيدة بجهود فريق العمل المكلف بمراجعة وتحديث الخطة الشاملة للثقافة العربية بشكل يتيح للدول الأعضاء الاسترشاد بها في وضع السياسات والخطط الثقافية. حيث تتطلع من خلال رئاستها للمجلس التنفيذي للمنظمة للإسهام في تحقيق المستهدفات الاستراتيجية المشتركة.
وجاءت تأكيدات المملكة من خلال كلمة للأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، ألقاها نيابة عنه حامد فايز نائب وزير الثقافة؛ حيث أشار إلى أن «الثقافة تشكل مكوناً أساسياً في (رؤية المملكة 2030). ومن هنا تلتزم بالتعاون مع منظمة الألكسو والدول الأعضاء لدعم الصناعات الثقافية والإبداعية، وتعزيز دور الثقافة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة».
ونقل حرص «الرياض» على التعاون مع الدول الأعضاء لتعزيز جهود المحافظة على المعارف والمهارات والممارسات المتصلة بالتراث، ودعم المؤسسات والجمعيات وقطاعات التعليم والتدريب والبحث ذات الصلة، والإسهام في دعم المنظمات الدولية المعنية بذلك، خاصة في ظل انتخاب السعودية نائباً لرئيس لجنة التراث العالمي التابعة لمنظّمة «اليونيسكو».
وأضاف: «في هذا الصدد، نثمن جهود فريق عمل (خريطة العمل الخمسية لملفات التراث غير المادي العربية المشتركة)»، مقدماً التهنئة لنجاح الجهود المشتركة في تسجيل ملف الخط العربي في قائمة التراث غير المادي بمنظمة اليونيسكو كعنصرٍ ثقافي مشترك، ومعلناً ترحيب المملكة باستضافة المؤتمر المقبل للوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي في دورته المقبلة.
من جهتها، قالت نورة الكعبي وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية: «اجتماعنا يكتسب أهمية كبرى، تأتي من حجم المهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقنا، فنحن نحمل على أكتافنا عبء المستقبل بمتطلباته كافة، لذا يتوجب علينا أن نعمل على صياغة استراتيجيات تركز على ما يخدم تطلعاتنا في مجال الثقافة من حيث الاحتفاء بالإبداع، ليكون جزءاً من هويتنا الثقافية، والعمل معاً من أجل الحفاظ على التراث، وتوفير الأرضية اللازمة لتعزيز مساهمة الثقافة في دعم اقتصاداتنا الوطنية وخدمة مجتمعاتنا».
وأضافت: «عملنا المشترك وجهودنا لتحقيق الأهداف المشتركة يجب أن توحد اليوم خطابنا بينياً وقُطرياً، والذي نؤكد فيه على إرساء قيم التسامح والتعايش وتقبل الآخر، ونبذ العنف والتهميش والتطرف».
وشددت على أهمية دور المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو» في تنسيق العمل الثقافي العربي المشترك، ووضع قرارات الاجتماعات والمبادرات موضع التنفيذ، ومتابعتها والتدقيق عليها والتأكد من نجاحها من خلال تقييم موضوعي يسهم في تحقيق الأهداف المرجوة.
وأوضحت أن مراجعة الخطة الشاملة للثقافة العربية وتطويرها سيكون موضوعاً رئيساً للدورة، التي تستعرض برنامج «سفير فوق العادة» للثقافة العربية.
وتابعت: «ليكن اجتماعنا هذا، المنصة التي نطلق منها مبادرات وبرامج مشتركة نسعى إلى تنفيذها، وتحقيقها، ودعمها بكل ما يلزم، وليكن ما لدينا اليوم، هو أن نفهم الحقيقة وأن ندركها، ففهمها يعني أننا تعلمنا تفاصيلها، وإدراكها يعني أننا اكتسبنا منها المعرفة، واليوم نقول الغد لا ينتظر، فهو آتٍ لا محالة، والمستقبل عندما يصل فهو يأخذ هوية وشكل وطابع ما قدمناه له، وهو ما بنيناه بأيدينا وعقولنا، لما فكرنا به ونفذناه أو نسينا عنه أو أغفلناه».
من جهته، قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية: «لقد مرت على العالم العربي عشرية صعبة، ما زالت آثارها تتداعى، وتأثيراتها تتدافع وتتوالى على المجتمعات، مستعرضاً آثار هذه العشرية الصعبة على الثقافة والفكر».
وتابع: «في نظري، الآثار ليست كلها سلبية، فأوقات الأزمة كثيراً ما تكون دافعاً للتأمل والمراجعة، والزمن الصعب يدفع أهله لإعمال الفكر بحثاً عن الحلول، ويحملهم على الخروج من أسر المسلمات والأفكار المعلبة سعياً وراء مخرج واقعي وعملي من الأزمة».
وأضاف: «3 نقاط أصبحت لها أهمية كبيرة في حاضر الثقافة العربية ومستقبلها، وهي الإصلاح الديني، ومفهوم الدولة الوطنية، والانفتاح على الثقافة العالمية، 3 قضايا مترابطة متشابكة».
وأشار إلى بيانات اليونيسكو بأن نسبة إسهام العالم العربي في إنتاج الكتاب لا تتجاوز 0.9 في المائة من الإنتاج العالمي خلال الربع المنصرم من القرن الحالي، فيما النسبة في أوروبا هي 50 في المائة، وعدد كتب الثقافة العامة التي تُنشر سنوياً في العالم العربي لا يتجاوز 5 آلاف عنوان، بينما يصدر مثلاً في الولايات المتحدة نحو 300 ألف عنوان سنوياً، وهي فجوة كبيرة، يزيد من حدتها أيضاً ضعف المحتوى العربي على الفضاء الرقمي.
من جهتها، أكدت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة في مصر، أهمية العلاقات الوطيدة والرؤى والأهداف المشتركة بين الأعضاء كافة ومصر، مشيرة إلى أن تونس قد استضافت الدورة العشرين لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي في ديسمبر (كانون الأول) 2016، وصدر عنها إعلان تونس ضد الإرهاب ومن أجل التسامح والتضامن بين الشعوب والثقافات والأديان.
بدوره، قال الدكتور محمد ولد أعمر المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو»؛ إن «الألكسو» منذ أن عكفت على مراجعة الخطة الشاملة للثقافة العربية وتحديثها شرعت في الاستجابة لمتطلبات أخرى تلبية لأولويات الدول العربية واحتياجاتها طبقاً لما أقره المؤتمر العام للمنظمة، وما تضمنته ميزانيتها للدورة المالية 2020 - 2021 من برامج وأنشطة.
وأوضح أنه بمبادرة رائدة من السعودية ومساعدة نوعية من الدول العربية، أشرفت المنظمة على إعداد ملف فنون الخط العربي الذي تمّ تسجيله يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) 2021 على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لمنظمة اليونيسكو، ونجحت مع الدول العربية في اعتماد الأسبوع العالمي للرواية من قبل المؤتمر العام لليونيسكو.


مقالات ذات صلة

إردوغان: دمشق هدف فصائل المعارضة ونأمل استكمال مسيرتها دون مشكلات

المشرق العربي إردوغان متحدثاً عن التطورات في سوريا في إسطنبول الجمعة (إعلام تركي)

إردوغان: دمشق هدف فصائل المعارضة ونأمل استكمال مسيرتها دون مشكلات

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن إدلب وحماة وحمص أصبحت بيد فصائل المعارضة السورية، وإن هدف المعارضة بالطبع هو دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)

خاص ما حدود الدعم العربي لسوريا بمواجهة الفصائل المسلحة؟

اتصالات عربية مع دمشق تتواصل بشأن التطورات الميدانية في شمال سوريا، كان أحدثها مناقشات وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره السوري بسام صباغ.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد جانب من اجتماع المجلس الوزاري العربي للكهرباء في القاهرة (الجامعة العربية)

«الجامعة العربية» تطلق «السوق المشتركة للكهرباء» لتعزيز الإمدادات وخفض التكاليف

بهدف تعزيز الإمدادات وخفض التكاليف، أطلقت جامعة الدول العربية، الاثنين، «السوق العربية المشتركة للكهرباء»، عبر اتفاقية وقعتها 11 دولة، بينها السعودية ومصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (الجامعة)

أبو الغيط: الموقف الأميركي «ضوء أخضر» لاستمرار «الحملة الدموية» الإسرائيلية

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لعرقلة قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».