تأزم علاقة «حزب الله» بمعظم القوى السياسية في لبنان

بعد توالي الأزمات... وآخرها مع دول الخليج

TT

تأزم علاقة «حزب الله» بمعظم القوى السياسية في لبنان

للمرة الأولى منذ سنوات، يشعر حزب الله بأنه يفقد القسم الأكبر من تحالفاته وعلاقاته السياسية الداخلية ما يؤدي لتضييق الخناق عليه خصوصاً أن ذلك يترافق مع عزلة وحصار خارجي وعقوبات تنهكه. وباتت القوى التي أيدته ووقفت في صفه لفترات تحاول الابتعاد والتمايز عنه خوفاً على مصالحها الخارجية ومن أن تطالها عقوبات هي بغنى عنها.
وشكلت الأزمة الأخيرة مع الخليج نقطة تحول في هذا المجال، بحيث بات الحزب يقف وحيداً في هذه المواجهة بعد إجماع معظم القوى السياسية اللبنانية على وجوب معالجة كل الأسباب التي تؤدي لابتعاد دول الخليج عن لبنان.
وبعدما كان هناك نوع من ربط النزاع بين الحزب وكل من تيار «المستقبل» والحزب «التقدمي الاشتراكي» لفترة ليست بقصيرة، عادت الجبهات لتشتعل بين الطرفين. ويقول النائب عن الحزب «التقدمي الاشتراكي» بلال عبد الله إن «العلاقة مع الحزب مستمرة على نفس الوتيرة، وتيرة الخلاف السياسي مع تنظيم هذا الخلاف، بحيث نتقاطع على بعض الملفات الداخلية ونتباين على الملفات الخارجية تحت سقف الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي، دون تغييب مسؤولية حزب الله والمحور الذي ينتمي له عن جزء أساسي من العزلة التي يعاني منها لبنان ومشاكلنا الداخلية وخصوصاً تثبيت دعائم الدولة الواحدة والقادرة على القيام بالمهام المطلوبة منها داخلياً وخارجياً». ويوضح عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن حزبه ينسق في إطار لجان مشتركة أحياناً مع حزب الله لدرء الفتن»، لافتاً إلى أنه «بالموضوع السياسي الخلاف سيبقى مستمر طالما هناك مشكلة بفصل دور حزب الله الداخلي كحزب سياسي لبناني ومكون أساسي في لبنان عن دوره الإقليمي والمحور الذي يتبع له ما بات يشكل عبئاً كبيراً على البلد».
ويعتبر عبد الله أنه «منذ التسوية الرئاسية في عام 2006 بدأنا نبتعد عن عمقنا العربي ونأخذ مسافة كبيرة عن الخليج الداعم الأساسي للبنان بالمحن والصعاب، والأمر مستمر منذ انخراط الحزب بالمعارك الإقليمية المختلفة، من هنا يأتي ضرورة العمل على تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية طالما أن هناك توافقاً داخلياً على العداء مع إسرائيل لكن لا اتفاق على أن يكون البلد جزءاً من المحاور الإقليمية المتصارعة». وعما إذا كان يؤيد الدعوة لحوار وطني داخلي أو لمؤتمر دولي لحل أزمة لبنان وضمناً حزب الله، يقول عبد الله: «الأولوية للإنقاذ الاقتصادي، وألا نتحاور على أشلاء وطن وشعب فقد العيش بكرامة».
وتشهد علاقة حزب الله بحليفه «التيار الوطني الحر» فجوة كبيرة على خلفية التطورات الأخيرة وخصوصاً مسألة رفض الحزب انعقاد الحكومة قبل كف يد المحقق العدلي بقضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وهو ما يرفضه «التيار» جملة وتفصيلاً مطالباً بتحييد القضاء عن السياسة. ويتحدث النائب عن «التيار الوطني الحر» جورج عطا الله عن «علاقة ثابتة مع الحزب وإن كان هناك مآخذ نحاول معالجتها»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «التمسك بالتفاهم مع الحزب وإن كنا نعتبر أنه على مستوى إعادة بناء الدولة والمحاسبة كان هناك جهد كان يمكن للحزب أن يقوم به بشكل أكبر لذلك شكلنا لجاناً للنقاش بالموضوع». ويشير عطا الله إلى «موضوع خلافي نشأ في المرحلة الأخيرة مرتبط بتعطيل الحكومة وربط مسار السلطة التنفيذية بمسار التحقيق بانفجار المرفأ، موضحاً أن الأمور لم تصل حتى الساعة إلى حائط مسدود، كما أن الأجواء في اليومين الماضيين أفضل مما كانت عليه».
ويلفت عطا الله إلى أن «التيار» و«الحزب» «متفقان على أهمية إطلاق حوار حول الاستراتيجية الدفاعية والانتقال بمسألة سلاح الحزب من حالة الانقسام الراهنة لما كان عليه سابقاً حيث كان هناك شبه إجماع حوله»، مضيفاً «لكن لم يتم حسم توقيت إطلاق الحوار مجدداً بسبب الأوضاع التي تشهدها البلاد منذ عامين ونصف سواء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والأمني».
أما «القوات اللبنانية» فترى مصادرها أن «الواقع السياسي في لبنان بدأ يتبدل، فالمواطن بات يشعر بأن مشروع حزب الله يكلفه أكثر من طاقته على الاحتمال خصوصاً مع تبدل نمط عيشه وحياته وهو يحمل مشروع حزب الله مسؤولية عزل لبنان والانهيار». وتعتبر المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأغلبية الساحقة من الجماعة المسيحية والسنية والدرزية ترى أن الحزب يشكل عائقاً أمام وجود دولة واستقرار، تماماً كما القوى السياسية التي لم تعد قادرة على الاستمرار بالوقوف إلى جانبه خصوصاً بحربه ضد الخليج وعلى القاضي البيطار، من هنا بدأ يشعر بتراجع وضعيته الداخلية».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.