ليبيا وتشاد تتفقان على تأمين الحدود لوقف «الاتجار بالبشر»

نجلاء المنقوش ونظيرها التشادي على هامش قمة الشراكات التركية - الأفريقية بإسطنبول (الخارجية الليبية)
نجلاء المنقوش ونظيرها التشادي على هامش قمة الشراكات التركية - الأفريقية بإسطنبول (الخارجية الليبية)
TT

ليبيا وتشاد تتفقان على تأمين الحدود لوقف «الاتجار بالبشر»

نجلاء المنقوش ونظيرها التشادي على هامش قمة الشراكات التركية - الأفريقية بإسطنبول (الخارجية الليبية)
نجلاء المنقوش ونظيرها التشادي على هامش قمة الشراكات التركية - الأفريقية بإسطنبول (الخارجية الليبية)

للحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين على البلاد، ناقشت نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية والتعاون الدولي الليبية مع نظيرها التشادي، محمد زين شريف، سبل تأمين الحدود بين البلدين لمنع الخروقات الأمنية، والتصدي للعصابات «المتاجرة بالبشر».
وقالت وزارة الخارجية الليبية، أمس، إن المنقوش بحثت مع الشريف سبل العمل المشترك لتأمين الحدود، خلال لقائهما على هامش قمة الشراكات التركية - الأفريقية بإسطنبول، أول من أمس. مشيرة إلى أن الجانبين اتفقا على أن «أمن ليبيا جزء لا يتجزأ من أمن تشاد، وبالتالي يجب العمل المشترك لمنع أي تجاوزات أو خروقات أمنية، ووقف عمليات التهريب، ومواجهة عصابات الاتجار بالبشر».
كما لفتت الوزارة إلى أن المنقوش والشريف بحثا إمكانية تشكيل قوة مشتركة لحماية الحدود، بالتنسيق بين الجهات المختصة في البلدين. وقالت المنقوش إن أمن الحدود «يُعد من أولويات حكومة الوحدة الوطنية»، مبرزة أن الأمن بوجه عام هو المدخل للاستقرار والتنمية.
وسبق لرئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، أن بحث مع رئيس المجلس العسكري الانتقالي في تشاد محمد ديبي، خلال لقائهما في العاصمة الفرنسية باريس منتصف الشهر الماضي، «تنسيق مزيد الجهود للتعاون الأمني، ومراقبة الحدود المشتركة، وزيادة التنسيق في مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة».
كما اقترح إدريس ديبي في لقاء آخر مع موسى الكوني، نائب رئيس المجلس الرئاسي، «إعادة إحياء الاتفاق الرباعي بين ليبيا والسودان والنيجر وتشاد، من خلال تشكيل قوة عسكرية مشتركة على الحدود مع ليبيا؛ بهدف منع توغل جماعات متمردة»، على غرار ما حصل في أبريل (نيسان) الماضي، وأدى إلى مقتل والده.
وقُتل الرئيس التشادي على يد متمردين متمركزين على الحدود مع ليبيا، بعد توغلهم داخل البلاد، بعد يوم من إعلان فوزه بفترة رئاسة سادسة.
في شأن آخر، قالت وزارة الخارجية إن اللجنة الدائمة لمتابعة قضايا السجناء الليبيين في الخارج تواصل أعمالها، الهادفة إلى تحسين أوضاعهم، وتذليل ما قد يواجهونه من مصاعب، مشيرة إلى أن وكيل وزارة الخارجية لشؤون المغتربين رئيس اللجنة، محمد زيدان، زار مدينة ميلانو الإيطالية، واجتمع بمقر القنصلية الليبية بالقنصل العام سالم جموم، وتعرف منه على آخر تطور ملف السجناء الليبيين في الشمال الإيطالي، الذين يقعون داخل الاختصاص الإداري للقنصلية، وعددهم 88 سجيناً.
وبحث زيدان مع القنصل العام آلية متابعة الموقوفين الليبيين لدى السلطات الإيطالية المختصة أثناء التحقيق معهم، والاحتياجات المالية التي تصرف لتغطية احتياجات السجناء والموقوفين، سواء كان ذلك في مرحلة التحقيق، أو بعد صدور أحكام ضدهم.
من جانبها، قالت وزارة الداخلية الليبية إن ثمانية أطفال من عائلة واحدة لقوا حتفهم، فيما أصيب آخرون نتيجة انفجار إحدى «مخلفات الحرب» بمنطقة الطويبية بالجفارة بطرابلس التاريخية.
وأضحت الوزارة في وقت متأخر من مساء أول من أمس تلقيها بلاغاً بوقوع انفجار في منطقة الطويبية بمنزل عائلة التومي، وتبين بالفحص أن سبب الانفجار كان نتيجة أحد مخلفات الحروب منذ عام 2014، ما أدى لوفاة ثمانية أطفال وإصابة ثلاثة آخرين.
وناشدت الوزارة المواطنين كافة بضرورة الابتعاد عن أي «أجسام مشبوهة»، وإبلاغ الجهات المختصة لمنع وقوع مثل هذه الكوارث، والمحافظة على أرواحهم وممتلكاتهم.
وخيمت حالة من الحزن على الليبيين فور انتشار الخبر، وسط مطالب حقوقية بضرورة التخلص من هذه المخلفات لحماية المواطنين.
وسبق أن أحصت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا عدداً من قضى بسبب الألغام، وقالت إن الإحصائيات تشير إلى مقتل 99 شخصاً، وإصابة 147 آخرين خلال الفترة الممتدة من أبريل 2020 وحتى مايو (أيار) الماضي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم