تركيا تتهم أوروبا بـ«العمى الاستراتيجي» بعد تعليق مفاوضات عضويتها

رجل يبيع أعلاماً تركية في سوق بإسطنبول الجمعة (د.ب.أ)
رجل يبيع أعلاماً تركية في سوق بإسطنبول الجمعة (د.ب.أ)
TT

تركيا تتهم أوروبا بـ«العمى الاستراتيجي» بعد تعليق مفاوضات عضويتها

رجل يبيع أعلاماً تركية في سوق بإسطنبول الجمعة (د.ب.أ)
رجل يبيع أعلاماً تركية في سوق بإسطنبول الجمعة (د.ب.أ)

رفضت تركيا قرارات مجلس الشؤون العامة بالاتحاد الأوروبي تتضمن تعليق مفاوضات انضمامها إلى عضوية الاتحاد، واتهمت المجلس بـ«العمى الاستراتيجي». في الوقت ذاته، حذر الزعيم الكردي المعارض صلاح الدين دميرتاش من الانهيار الكامل للدولة حال لم تتوجه تركيا إلى الانتخابات المبكرة. وأعلنت «الخارجية» التركية رفضها القرارات الصادرة عن مجلس الشؤون العامة بالاتحاد الأوروبي بشأن توسعة العضوية المتعلقة بتركيا. واعتبرت أن تلك القرارات لم تسهم في العلاقات بين التكتل وأنقرة، وأن الاتحاد يتعامل مع التوسع في إطار تضامن الأعضاء، لا من وجهة نظر استراتيجية.
وأضافت الوزارة، في بيان، أن «القرارات المتعلقة بتركيا تجاهلت إجراء أنقرة مفاوضات نيل عضوية الاتحاد الأوروبي، وأنكرت أهمية تركيا في الاتحاد والسلام الإقليمي والاستقرار»، وعدّتها «مثالاً جديداً على استخدام بعض الدول الأعضاء للاتحاد الأوروبي من أجل مصالح ضيقة».
وعبّر البيان عن دهشة تركيا من تحرك الاتحاد الأوروبي كـ«تكتل مصالح قائم على المساومة وليس على المبادئ والقيم أثناء اتخاذ هذه القرارات». واعتبر أن الجزء المتعلق بقضية شرق المتوسط وقبرص هو عبارة عن «قرارات منفصلة عن الواقع، أحادية الجانب وغير متسقة، وتعكس الموقف المتطرف للثنائي اليوناني القبرصي».
وفي ختام اجتماع له، الثلاثاء الماضي، أكد مجلس الشؤون العامة بالاتحاد الأوروبي إن فرص انضمام تركيا للاتحاد لا تبدو جيدة، وأن سياساتها الخارجية تتعارض مع مصالح التكتل، مرجعاً ذلك إلى انتهاكات تركية للاتحاد الجمركي، وتراجع الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وأدان المجلس «الإجراءات الأحادية» لتركيا حيال منطقة فاروشا السياحية (ماراش حسب التسمية التركية)، الواقعة على الخط الفاصل بين شطري جزيرة قبرص، التي كانت أغلقت عقب عملية عسكرية نفذتها تركيا في الجزيرة عام 1974، وشدد على ضرورة الاحترام الكامل لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
وأعادت «جمهورية شمال قبرص التركية»، غير المعترف بها دولياً، فتح جزء من فاروشا، بدعم من تركيا، في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2020.
وتركيا مرشحة للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي منذ أكثر من 15 عاماً، لكن مساعيها للانضمام تجمدت منذ عام 2012 وحتى الآن، لعديد من الأسباب، منها ابتعاد تركيا عن المسار الديمقراطي، وقمع حرية الرأي والتعبير، وانتهاك المعايير الأوروبية لحقوق الإنسان، إلى جانب التوترات في شرق البحر المتوسط وبحر إيجة مع اليونان، ودخول تركيا في الصراع في كل من سوريا وليبيا وبين أذربيجان وأرمينيا، كما يلقي ملف الهجرة بظلاله على مسار مفاوضات الانضمام.
في سياق متصل، فتحت النيابة العامة في إزمير، غرب تركيا، أمس (السبت) تحقيقاً قضائياً، بشأن طالبة جامعية تركية، تدعى إليف يرليكايا بتهمتي «إهانة أجهزة ومؤسسات الدولة علناً»، و«تحريض المواطنين على الكراهية والعداوة»، وذلك على خلفية قيامها بنشر تغريدة على موقع «تويتر» تتضمن صورة لتذكرة طيران إلى جزيرة قبرص، معلقة عليها «الوداع، أنا ذاهبة»، ولكنها كتبت حرفاً خطأ إملائياً في كلمة «الوادع» باللغة التركية.
واعتبرت السلطات أن طريقة كتابة العبارة تعمدت بها الطالبة السخرية من رئيس الوزراء التركي السابق النائب بحزب العدالة والتنمية الحاكم، بن علي يلدريم، خلال زيارته لمدرسة ابتدائية في مسقط رأسه في أرزينجان (شرق)، في افتتاح العام الدراسي 2016 – 2017، حيث كتب على السبورة عبارة: «إلى اللقاء، أنا ذاهب» بخطأ إملائي. واستدعى مكتب المدعي العام بمدينة إزمير يرليكايا، للإدلاء بشهادتها، بسبب منشورها الساخر من يلدريم، وقالت خلال التحقيق معها: «تم فتح تحقيق ضدي لمجرد كتابتي لجملة بها خطأ إملائي على مواقع التواصل الاجتماعي، وبدلاً من أن يرسلوا أوراق استدعائي إلى منزلي، قامت الشرطة بمداهمة منزلي وجامعتي».
على صعيد آخر، دعا الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية التركي المعارض المؤيد للأكراد، صلاح الدين دميرتاش، إلى ضرورة إجراء انتخابات مبكرة قبل الانهيار الكامل للدولة، وذلك بعد تدهور الوضع الاقتصادي وسقوط الليرة التركية إلى قاع تاريخي غير مسبوق مقابل العملات الأجنبية.
وقال دميرتاش، المعتقل منذ عام 2016 باتهامات تتعلق بدعم الإرهاب، في تغريدة كتبها حسابه الرسمي على «تويتر»: «لا شيء سوى الانتخابات يمكن أن يحل الأزمة التي تسبب بها هذا النظام... المشكلة الرئيسة هي أزمة الثقة والقانون... لا يمكن لرفع الحد الأدنى للأجور أن يغلق الثقب الأسود الذي تسبب به هذا النظام... الوضع مريع، يجب إجراء انتخابات مبكرة قبل الانهيار الكامل للدولة».
وهبطت الليرة التركية إلى مستوى 17 ليرة مقابل الدولار وأكثر من 19 ليرة مقابل اليورو، بسبب ما يرجعه الخبراء إلى تدخلات الرئيس رجب طيب إردوغان في القرارات الاقتصادية والسياسة المالية والضغط على البنك المركزي وهزّ استقلاليته من أجل المضي في خفض سعر الفائدة رغم ارتفاع التضخم إلى أكثر من 20 في المائة، بهدف تحفيز النمو الاقتصادي وتشجيع التصدير وتوفير فرص عمل جديدة. لكن الاقتصاد ومستوى المعيشة تضررا بشدة جراء هذه القرارات، ما دفع حكومة إردوغان إلى التدخل للحد من الآثار الاجتماعية للسياسة الاقتصادية عبر رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50 في المائة، بينما تواصل الليرة التركية فقدان قيمتها، بعد خسائر تجاوزت 50 في المائة منذ بداية العام، منها 30 في المائة في الشهر الأخير.
وتضغط المعارضة التركية من أجل التوجه إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة وعدم انتظار موعدها المحدد سلفاً في يونيو (حزيران) 2023، لإنقاذ البلاد من التردي الاقتصادي الذي تسببت فيه سياسات حكومة إردوغان، كما تطالب بالعودة إلى نظام برلماني معزز بديلاً عن النظام الرئاسي، الذي منح الرئيس صلاحيات شبه مطلقة، بينما يرفض إردوغان الانتخابات المبكرة، ويؤكد على طرح دستور جديد مطلع العام المقبل لتعزيز النظام الرئاسي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».