11 مليون يمني حصلوا على مساعدات غذائية الشهر الماضي

TT

11 مليون يمني حصلوا على مساعدات غذائية الشهر الماضي

أظهرت بيانات المنظمات الإغاثية العاملة في اليمن أن أكثر من 11 مليون شخص حصلوا على مساعدات غذائية عامة خلال الشهر الماضي حيث تم توزيع أكثر من 100 ألف و300 طن متري من المواد الغذائية العينية و24.800 طن متري من قسائم السلع وبمبلغ 15.9 مليون دولار أميركي على شكل تحويلات نقدية.
غير أن تصعيد ميليشيا الحوثي وخصوصاً في محافظة مأرب وموجة النزوح المتكاملة تبين حاجة هذه المنظمات لمبلغ 812.7 مليون دولار أميركي لتغطية الاحتياجات من شهر ديسمبر (كانون الأول) وحتى مايو (أيار) 2022.
وبحسب هذه البيانات استهدف برنامج الأغذية العالمي 11.1 مليون شخص للحصول على مساعدات غذائية عامة. ومن بين هؤلاء، تم استهداف 7.9 مليون شخص بالمساعدات الغذائية العينية، واستهدف 1.9 مليون شخص بقسائم سلع، وحصل أكثر من 1.3 مليون شخص على مساعدات نقدية.
وفقاً لآخر تحديث للأمن الغذائي لبرنامج الأغذية العالمي، يبلغ متوسط معدل استهلاك الغذاء غير الكافي على الصعيد الوطني في اليمن 43 في المائة، أعلى من عتبة 40 في المائة وهي نسبة «مرتفعة للغاية»، حيث لا يزال معدل استهلاك الغذاء غير الكافي أعلى بشكل ملحوظ في المناطق الواقعة تحت سيطرة الشرعية حيث تصل النسبة إلى 50 في المائة، مقارنة بالمناطق الخاضعة لسلطات الحوثيين بنسبة 39 في المائة.
ومع استمرار التصعيد العسكري في محافظات مأرب وشبوة والبيضاء في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ذكرت المنظمات الأممية أن عدد النازحين في هذه المحافظات الثلاث ارتفع إلى أكثر من 73 ألف شخص، وتمكن برنامج الأغذية العالمي في منتصف نوفمبر من استعادة الوصول وإتمام عمليات التسليم إلى نقطة توزيع المواد الغذائية المتبقية في مديرية العبدية، والتي تعذر الوصول إليها بسبب الوضع الأمني المتقلب لما يقرب من شهرين. وذكر برنامج الأغذية العالمي أنه يقوم حالياً بمراجعة حالة الضعف لنحو 133 ألف و500 نازح داخلي في محافظة مأرب، بالتزامن مع عملية التحقق هذه، يجري برنامج الأغذية العالمي جولة ثانية من توزيع المواد الغذائية على النازحين، حيث تم تقديم المساعدة لما يقرب من 102 ألف و600 نازح حتى نهاية الشهر الماضي.
وبموجب هذه البيانات فإنه واعتباراً من أوائل عام 2021، يقدر أن 16.2 مليون شخص، أي أكثر من 50 في المائة من سكان اليمن، يعانون من انعدام الأمن الغذائي. ومن بين هؤلاء يقدر أن 47 ألف شخص يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة في المرحلة الخامسة. كما زادت محدودية الوصول إلى الغذاء بسبب عدة عوامل، بما في ذلك الصراع المستمر، وتأثيرات الدخل المنخفض، وانخفاض قيمة العملة اليمنية، وعدم اليقين بشأن الوصول إلى موانئ البحر الأحمر اليمنية، وحجم الأسرة الكبير، ومعدلات البطالة المرتفعة، وعدم انتظام أو عدم دفع رواتب العديد من موظفي الخدمة المدنية.
وبحسب تقرير التنمية البشرية لعام 2020 يُصنف اليمن على أنه بلد منخفض الدخل مع عجز غذائي يحتل المرتبة 179 من بين 189 دولة، وتشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 50 في المائة من السكان يعيشون في فقر، وأنه يتم استيراد أكثر من 90 في المائة من الغذاء.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.