الاحتفالات بذكرى الثورة تؤجج غضب الشارع التونسي

بين مؤيد لقرارات الرئيس سعيد الاستثنائية ورافض لاستمرار العمل بها

جانب من مظاهرات العاصمة التونسية أمس رفضاً لاستمرار العمل بالقرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات العاصمة التونسية أمس رفضاً لاستمرار العمل بالقرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد (أ.ف.ب)
TT

الاحتفالات بذكرى الثورة تؤجج غضب الشارع التونسي

جانب من مظاهرات العاصمة التونسية أمس رفضاً لاستمرار العمل بالقرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات العاصمة التونسية أمس رفضاً لاستمرار العمل بالقرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد (أ.ف.ب)

أحيت تونس، أمس، الذكرى الـ11 لاندلاع الثورة في ظل انقسام حاد وسط التونسيين، بين مؤيد للرئيس قيس سعيد ولقراراته الاستثنائية، وبين رافض للسقف الزمني الذي وضعه يوم 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ومتهِم لمؤسسة الرئاسة بـ«تمطيط القرار الاستثنائي ليصبح مؤبداً، وانقلاب الرئيس على الدستور وتفرده بالسلطة».
ومنذ الساعات الأولى لصباح أمس، تجمع مئات التونسيين وسط العاصمة للتعبير عن غضبهم من استمرار الوضع الاستثنائي، فيما عبّر مؤيدو الرئيس في المقابل عن غضبهم تجاه المنظومة القديمة، التي يتهمونها بالفساد وإفشال كل مشاريع التنمية والتشغيل في تونس.
ومن خلال جولة ميدانية أجرتها «الشرق الأوسط»، كانت التعزيزات الأمنية مكثفة وسط العاصمة، وفي حين تم السماح لمؤيدي الرئيس سعيد بالتجمع أمام المسرح البلدي وسط العاصمة، تم منع المسيرات التي نظّمتها أحزاب «الجمهوري» و«التكتل من أجل العمل والحريات»، و«التيار الديمقراطي» من الوصول إلى الشارع الرئيسي للعاصمة، وهو ما تسبب في ارتفاع منسوب غضب المعارضة.
ومع ذلك نفّذت الأطراف السياسية الرافضة لقرارات الرئيس سعيد مسيرات احتجاجية، انطلقت من قنطرة الجمهورية بالعاصمة، وطغت عليها شعارات مناوئة لقرارات الرئيس ومنتصرة للثورة التونسية، فيما غابت أجواء الاحتفال بِعيد الثورة في صفوف المحتجين وحضرت في مقابلها شعارات غاضبة. وبعد ذلك حاول المحتجون الدخول إلى شارع الحبيب بورقيبة، لكن قوات الأمن وضعت حواجز لمنع حصول اشتباكات بين المناصرين والرّافضين لقرارات الرئيس سعيد.
وقال غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي، إن قوات الأمن التي تمركزت في شارع باريس بالعاصمة، منعت مسيرة حزبه من التقدم إلى شارع الحبيب بورقيبة للتظاهر والتعبير عن مواقفه. وندد الشواشي بما سمّاه «توظيف وزارة الداخلية لقمع المتظاهرين»، على حد تعبيره. وأضاف غاضباً: «سنحاسب وزير الداخلية وسنحاكمه».
في المقابل، تجمع مئات التونسيين المساندين لقرارات الرئيس سعيد في مسيرات، ودعوا لاستكمال المسار التصحيحي للثورة التونسية، من خلال محاسبة الفاسدين وتطهير القضاء. ورفع المشاركون في هذه المسيرات شعارات مساندة لرئيس الدولة، ورافضة لمواصلة السياسات المعتمدة ما قبل 25 يوليو (تموز)، ومن بين تلك الشعارات: «لن ندفع ديون المنظومة الفاسدة»، و«معك إلى النهاية في محاربة الفساد»، و«داعمون لمسار 25 يونيو التصحيحي»، و«سعيد لست وحدك».
وقال بعض المشاركين إنهم يتحركون دون خلفية سياسية، مؤكدين أن مطلبهم الأساسي «تحقيق الكرامة للتونسيين من خلال تنمية عادلة بين جميع الجهات، وتشغيل العاطلين عن العمل، وخفض الأسعار».
وشهدت الأسابيع الماضية تزايد عدد الأطراف والأحزاب الرافضة للمسار التصحيحي، الذي يقوده الرئيس سعيد، لتشمل حراك «مواطنون ضدّ الانقلاب»، وحركة «النهضة»، و«تنسيقية القوى الديمقراطية»، التي تضم أحزاب «التيار» و«الجمهوري»، و«التكتل الديمقراطي» و«حراك «14-17» بسيدي بوزيد، إلى جانب عدد من المنظمات وهياكل المجتمع المدني وشخصيات مستقلة.
ويرى مراقبون أن المناخ السياسي المتأزم حالياً في تونس لا يسمح بتحقيق أي خطوة نحو التطور الاقتصادي، أو الاجتماعي أو السياسي، فيما يتمسك الكثير منهم بضرورة تنقية هذا المناخ، من خلال تعديل الدستور، وتغيير النظام السياسي. علاوة على تنقيح المنظومة القانونية للانتخابات، التي تشمل القانون الانتخابي، وقانون الأحزاب والجمعيات.
على صعيد متصل، نفّذ عدد من المعطلين عن العمل وقفة احتجاجية أمس في ساحة محمد البوعزيزي في مدينة سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية، للمطالبة بحقهم في التشغيل، وللاحتجاج على قرار إلغاء قانون التشغيل الاستثنائي (عدد 38) من الرئيس التونسي.
وقالت حياة العمامي، المنسقة الجهوية لاتحاد أصحاب الشهادات المعطلين، إن المحتجين يرفضون قرار إلغاء قانون التشغيل الاستثنائي، ويطالبون ببدائل تمكّنهم من الحق في العمل.
في غضون ذلك، دعا راشد الغنوشي، بصفته رئيساً للبرلمان المعلقة أنشطته، إلى إجراء حوار وطني شامل، يهدف إلى تحديد مستقبل تونس، وقال إن الخروج من الأزمة التي تعمقت في البلاد «لن يكون إلا بالإلغاء الفوري للإجراءات الاستثنائية»، حسبما ورد في بيان يحمل توقيع الغنوشي، الذي رأى أن خطاب الرئيس في 13 من هذا الشهر «جاء لتمديد الخروج عن الدستور، والحكم الفردي، وهو ما يعمّق الأزمة السياسية في البلاد ويزيد من انعكاساتها المالية والاقتصادية والاجتماعية السلبية، ويفاقم من عزلة تونس الدولية»، على حد تعبيره.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.