سرقة ذخائر من قاعدة تكشف فساداً في الجيش الإسرائيلي

العرب حذروا من تسريب السلاح إلى عصابات الجريمة

TT

سرقة ذخائر من قاعدة تكشف فساداً في الجيش الإسرائيلي

في الوقت الذي يتفاقم فيه العنف والإجرام في المجتمع العربي، وتوجيه الاتهام بأن هناك مئات ألوف قطع السلاح منتشرة بين المواطنين العرب، مصدر الغالبية الساحقة منها في الجيش الإسرائيلي، كشف النقاب، أمس (الخميس)، عن سرقة نحو 150 رصاصة بندقية «إم 16» من قاعدة عسكرية إسرائيلية في الشمال.
تمت السرقة قبل شهر، في قاعدة «عين زيتيم» العسكرية، شمال مدينة صفد، لكن الجيش تكتم عليها، واعتبر جنرال سابق هذه السرقة «أخطر ما حصل للجيش الإسرائيلي من فساد في السنوات الأخيرة». وقال: «هذه ليست سرقة من مخزن عادي في معسكر جيش، إنما هي سرقة من مستودعات مخصصة للطوارئ أو للحرب على جبهة القتال، ما يجعلها تمس بالمجهود الحربي». وأفاد مراسل موقع «واللا» الإلكتروني، أمير بوحبوط، بأن قاعدة «عين زيتيم» نفسها، تعرضت للسرقة أيضاً قبل نحو شهرين، وسجلت السرقة ضد مجهول. وأعلنت حركة «تورات لحيما» (عقيدة قتالية) اليمينية، أن سرقات الذخيرة والأسلحة من المعسكرات تعتبر قضية فساد كبرى داخل الجيش الإسرائيلي، ويتم تكرارها باستمرار، لأن الجيش يتهاون ولا يجري التحقيقات اللازمة والإجراءات للجم الظاهرة، ولا يكترث لحقيقة أن هذا العتاد يصب لدى عصابات الإجرام العربية في إسرائيل، التي تشتريه من اللصوص اليهود، أو ترسل لصوصاً خاصاً بها لنهبه من المعسكرات. وقالت إنه «في الوقت الذي يتحدث فيه الجيش عن عنف المستوطنين في الضفة الغربية، يقوم ضباطه الفاسدون بتزويد الأسلحة والذخيرة للطابور العربي الخامس، الذي يعمل من داخل إسرائيل ضد دولة إسرائيل؛ فالجيش الإسرائيلي، المكلف بحماية إسرائيل ويصرف في هذا السبيل مليارات الدولارات، يقوم بتقوية أعداء إسرائيل من داخلها». وادعت المنظمة أن «العرب يقيمون جيشاً مدججاً بالأسلحة، يعمل اليوم في نشر العنف في المجتمع العربي ويمهد لحرب قومية».
المعروف أن القادة السياسيين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، يحذرون طول الوقت، من أن الجيش الإسرائيل هو مصدر السلاح المنتشر في المجتمع العربي. ويطرحون شكوكاً إزاء هذه الظاهرة، ويتهمون الشرطة وقوى الأمن بأنها تشجع العرب على ممارسة العنف ضد بعضهم البعض. ويقولون إن «هذه الأسلحة، التي تغرق الشارع العربي بالدماء ستنتقل حتماً إلى الشارع اليهودي. عندها ستتحرك الشرطة، ولكن تحركها سيكون متأخراً».
وتفيد الإحصائيات الرسمية بأن هناك تصاعداً مقلقاً في العنف والجريمة في إسرائيل عموماً، وفي الوسط العربي بشكل خاص، خلال السنوات الأخيرة. ومنذ عام 2010 قتل في إسرائيل 898 مواطناً، منهم 651 عربياً، أي بنسبة 72 في المائة، مع أن العرب يشكلون نسبة 19 في المائة من السكان. وقد بقي عدد جرائم القتل بين اليهود الإسرائيليين منذ عام 2016 ثابتاً نسبياً: 38 في عام 2016، و44 في 2017، و35 في 2018، و36 في عامي 2019 و2020، بحسب الشرطة الإسرائيلية. ومع ذلك، فقد ارتفع عدد ضحايا العنف بين العرب، خلال نفس الفترة باطراد: 64 في عام 2016، و67 في 2017، و71 في 2018، و89 في 2019، و96 في عام 2020. هذا ونشرت صحيفة «هآرتس» تحقيقاً في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وجدت فيه أن كثيراً من جرائم القتل التي راح ضحيتها مواطنون عرب، لم يتم حلها: 22 في المائة فقط من جرائم القتل في البلدات العربية أسفرت عن لوائح اتهام حتى شهر نوفمبر 2020، مقابل 53 في المائة في الوسط اليهودي.
ووفقا لدراسة أجرتها منظمة «مبادرات إبراهيم»، فإن 60.5 في المائة من مواطني إسرائيل العرب يؤكدون أنهم فقدوا الشعور بالأمان الشخصي في بلداتهم بسبب العنف، علماً بأن هذه النسبة تصل إلى 13 في المائة فقط بين اليهود.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».