بري: «اتفاق الطائف» عبّد الطريق وأوقف الحرب بين اللبنانيين

دعا إلى تطبيقه «مع قليل من المرونة»

الرئيس نبيه بري مستقبلاً وزير الداخلية بسام مولوي أمس (الوطنية)
الرئيس نبيه بري مستقبلاً وزير الداخلية بسام مولوي أمس (الوطنية)
TT

بري: «اتفاق الطائف» عبّد الطريق وأوقف الحرب بين اللبنانيين

الرئيس نبيه بري مستقبلاً وزير الداخلية بسام مولوي أمس (الوطنية)
الرئيس نبيه بري مستقبلاً وزير الداخلية بسام مولوي أمس (الوطنية)

لا تزال فرص انعقاد مجلس الوزراء معدومة؛ بسبب الخلافات حول إجراءات المحقق العدلي القاضي طارق البيطار الذي جزم رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس بأن «الثنائي الشيعي»؛ المتمثل في «حزب الله» و«حركة أمل»، لا يسعى لإقصائه، و«ما نريده فقط العودة إلى القانون والدستور»، لافتاً إلى أن «عاملين في غرف سوداء تدير هذا الملف، نسفوا التوافق مع البطريرك الماروني بشارة الراعي لحل هذه القضية».
وقال بري أمام وفد من «نقابة محرري الصحافة»، استقبله أمس، إنه على استعداد «للصعود مشياً على الأقدام إلى قصر بعبدا لمقابلة رئيس الجمهورية ميشال عون، إذا شعرت بوجود إيجابيّة لإيجاد حلّ للأزمة التي نعيشها»، في إشارة إلى الأزمة السياسية المتفاقمة، وفشل المبادرات في تحقيق أي خرق على هذا الصعيد كي يتمكن مجلس الوزراء من استئناف جلساته.
وقال بري إن أغلب ما نعاني منه في لبنان أسبابه داخلية ومن «عندياتنا»، و«هو لم يحصل في يوم أو أيام أو سنة؛ إنما منذ إقرار (الطائف) عام 1989»، لافتاً إلى أنه «معروف من لم يؤيد (الطائف) ولم يطبق لا القانون ولا الدستور».
وحول مصير «اتفاق الطائف» وما يحكى عن انتهاء صلاحياته، قال بري: «علينا ألا ننسى أن (الطائف) قد عبّد الطريق وأوقف الحرب بين اللبنانيين. نعم هناك ملاحظات عليه؛ هو اتفاق يمكن تطويره أو تعديله، لكن علينا أولاً أن نطبقه، وعلى البعض أن يقتنع أن لبنان لا يمكن أن يتطور إذا بقينا طائفيين. الحفاظ على الطوائف شيء؛ والطائفية شيء آخر»، وسأل: «هل الجميع مستعد لتطبيق كل ما هو منصوص عليه في (اتفاق الطائف)؛ لا سيما البنود الإصلاحية، من إقرار قانون انتخابات خارج القيد الطائفي، وإنشاء مجلس شيوخ، وتشكيل (الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية؟)»، ودعا إلى تطبيق اتفاق الطائف «مع قليل من المرونة».
وقال: «هناك عشرات القوانين؛ أكثر من 75 قانوناً، لم تطبق، لا في هذا العهد، ولا في العهود التي سبقته»، لافتاً إلى «القانون الخاص بالكهرباء التي سببت هدراً تجاوز 45 في المائة من نسبة العجز في مالية الدولة»، وهو قانون صدر قبل 10 سنوات، إضافة إلى «الهيئة الناظمة التي تطالب بها كافة الوفود الدولية والمنظمات الراغبة بتقديم المؤازرة والدعم للبنان؛ حتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طالب بها».
وإذ أكد بري أن الانتخابات النيابية «حاصلة ضمن المهلة الدستورية، ولا مناص من إجرائها»، تطرق إلى الشأن الإصلاحي والدور الرقابي لمجلس النواب، وقال إن المجلس النيابي في المبدأ «هو الذي يجب أن يحاسب السلطة التنفيذية؛ لكن للأسف هذا يمكن أن يحصل لو أننا لسنا في بلد طائفي، أما في لبنان والحال على هذا النحو من الطائفية والمذهبية؛ فكيف يمكن أن تستقيم الأمور؟»، وسأل: «لقد أنجز مجلس القضاء الأعلى في هذا العهد تشكيلات قضائية ولم توقع؛ لماذا؟» وقال: «لو كان هناك مجلس قضاء أعلى يمارس دوره لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من تطييف وتمذهب في القضاء».
وانتقل إلى التحقيقات في ملف تفجير المرفأ، مؤكداً أن «حزب الله» و«حركة أمل» لا يريدان تطييف القضاء، و«لا تطيير البيطار»، مشدداً على أن «ما نريده فقط العودة إلى القانون والدستور». وقال: «هذا ما قلته للبطريرك الراعي، فليطبقوا بنود ومواد الدستور، خاصة في الموضوع المتعلق بانفجار المرفأ»، موضحاً أن «مطلبنا كان ولا يزال ممارسة كل سلطة لصلاحياتها في هذا الإطار. لقد أعطى القانون حقاً خاصاً لمحاكمة القضاة، وأعطى حقاً لمحاكمة النواب والرؤساء والوزراء. لماذا لم يتم الالتزام بهذه القواعد والأصول؟ ولتبقَ خارج هاتين المؤسستين بقية الصلاحيات له على كل لبنان».
وأضاف: «لقد تم التوافق على هذه العناوين مع البطريرك، وعلمت وأعلنها غبطته أن الرؤساء أيضاً التزموا، لكن تم الانقلاب على هذا التوافق وتطييره». وأشار بري إلى أن «من نسف هذا التوافق هم العاملون في الغرفة السوداء التي تدير العمليات في هذه القضية». ودعا رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود إلى حسم هذا الموضوع.
وفي الشأن المتصل بموضوع قانون «الكابيتال كونترول» وودائع الناس في المصارف، قال بري إنه «غير مستعد لتشريع أي شيء حتى لو اتهموا المجلس النيابي بالتمرد، قبل تأمين ودائع الناس كاملة حتى آخر قرش، فلا مصارف من دون ودائع، وهذا ما أبلغته حرفياً لحاكم (مصرف لبنان)». وقال إن لبنان «ليس بلداً مفلساً رغم انعدام السيولة»، لافتاً إلى أن «لبنان لا يزال يملك كل أصوله وقطاعاته. لبنان يحتوي على بلوكات نفطية وغازية مهمة». وقال: «المطلوب فقط أن نبادر وأن نثبت بالنوايا الصادقة أننا عازمون على الاستثمار في هذه الثروة التي يخطئ من يظن أن أحداً في العالم لا يريد للبنان الاستفادة منها، ناهيك عن ثروة لبنان المغترب».



مصر ترفض وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر ترفض وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)

تزامناً مع تأكيد دعمها وحدة الصومال وسيادته، أعلنت القاهرة رفضها وجود أي طرف «غير مشاطئ» في البحر الأحمر. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي مشترك، الاثنين، مع نظيره الصومالي أحمد معلم فقي: «البحر الأحمر للدول المشاطئة له، ولا يمكن القبول بتواجد أي طرف غير مشاطئ له».

وأضاف عبد العاطي، في المؤتمر الذي عقد بالقاهرة عقب جلسة مباحثات ثنائية مع معلم فقي، إن «المباحثات تطرقت إلى القمة الثلاثية لتركيا والصومال وإثيوبيا في أنقرة»، مشيراً إلى «توافق الرؤى على عدم المساس بأرض الصومال وسيادته ووحدة أراضيه وسلامتها».

وأعلنت تركيا، أخيراً، نجاح جهود الوساطة التي أطلقتها في يوليو (تموز) الماضي، في عقد اتفاق بين الصومال وإثيوبيا، وصفه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأنه «تاريخي»، ينهي، بشكل مبدئي، عاماً من التوتر بين مقديشو وأديس أبابا، بدأ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي عقب «مذكرة تفاهم» وقَّعتها إثيوبيا مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي يمنح إثيوبيا منفذاً بحرياً. وهو الاتفاق الذي رفضته الصومال والجامعة العربية.

جلسة مباحثات موسعة بين مصر والصومال برئاسة وزيرَي خارجية البلدين (الخارجية المصرية)

بدوره، قال وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، في المؤتمر الصحافي، إن «إعلان أنقرة لبَّى مطالب بلاده وأكد أن الحكومة الفيدرالية الصومالية الجهة الوحيدة التي تمتلك الحق في إبرام الاتفاقيات مع الجهات الخارجية».

وأضاف أن «إعلان أنقرة أنقذ المنطقة كلها من انفجار خطير كاد أن يحرق مصالح الجميع»، مستطرداً: «لم يكن من مصلحة أحد انفجار صراع آخر في منطقة القرن الأفريقي، في وقت تعجّ المنطقة بصراعات وأزمات كبيرة».

ووجّه فقي الشكر لمصر، وقال: «نحن هنا لننسب الفضل لأهله، حيث كان لموقف مصر الشجاع أثره البالغ في صناعة الأرضية التي مهَّدت للإعلان، ودعم ثبات الموقف الصومالي». وأضاف: «لقد حققنا مطالبنا المشروعة بالتدافع الدبلوماسي، وسنحفظ لمصر فضلها في هذا النضال المثمر».

وأبدت مصر رفضاً حاسماً للاتفاق الإثيوبي مع «أرض الصومال». وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عقب لقائه نظيره الصومالي يناير الماضي، أن الصومال دولة عربية، ولها حقوق طبقاً لميثاق الجامعة العربية، في الدفاع المشترك ضد أي تهديد له. وأضاف أن القاهرة لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو المساس بأمنه، قائلاً: «محدش (لا أحد) يجرّب مصر ويحاول (أن) يهدّد أشقاءها، خصوصاً لو أشقاؤها طلبوا منها الوقوف معهم».

وأشار عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، إلى أن «دعم مصر للصومال ساهم في تحسين موقفه في مواجهة الأزمة الناجمة عن مذكرة التفاهم، كما أرسل رسالة لإثيوبيا مفادها أن القاهرة لن تقبل بانتهاك سيادة الصومال».

وقال الحفني لـ«الشرق الأوسط»: «إن مصر حريصة على الأمن والاستقرار في القرن الأفريقي وكان هذا الهدف من القمة الثلاثية التي عُقدت أخيراً في أسمرة بمشاركة رؤساء مصر والصومال وإريتريا».

واتفق معه نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية ومساعد وزير الخارجية الأسبق السفير صلاح حليمة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر لديها علاقات تاريخيّة مع الصومال تطورت أخيراً في مجالات عدة، وكان لهذه العلاقات دور مهم في دعم موقف الصومال ودفع إثيوبيا للقبول بجهود الوساطة التركية التي أبطلت نتائجها (مذكرة التفاهم)».

وتوافقت القاهرة ومقديشو، بحسب بيان مشترك عقب الاجتماع، على «ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية»، مشيرين إلى أنه «سيتم عقد دورات مباحثات مُتعاقبة تُخصَّص لمحاور استراتيجية مُحددة تشمل المحور السياسي، والاقتصادي والتجاري، والأمني والعسكري، والثقافي والتعليمي، وبناء القدرات».

وبحسب البيان المشترك بين القاهرة والصومال، أكد الجانبان «أهمية الإسراع في تشكيل البعثة الأفريقية الجديدة للدعم والاستقرار في الصومال (AUSSOM)»، ناشد الوزيران شركاء الاتحاد الأفريقي من أجل «توفير التمويل اللازم والمستدام للبعثة الجديدة أخذاً في الاعتبار تأثير الاضطرابات في القرن الأفريقي والبحر الأحمر على حركة التجارة والملاحة الدوليتين، ولمساندة جهود الجيش الوطني الصومالي في مكافحة الإرهاب وصيانة مقدرات الدولة».

كما أعاد وزير الخارجية الصومالي التأكيد على «تطلع بلاده نحو تحقيق مشاركة مصرية نوعية وفعالة بالبعثة الجديدة بما يساعد على تحقيق أهدافها بالنظر إلى القدرات العسكرية المصرية المتطورة وخبراتها الممتدة في مكافحة الإرهاب، وكذلك خبراتها في دعم بناء مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى التعاون العسكري الثنائي بين البلدين وفقاً لبروتوكول التعاون العسكري الموقّع بين البلدين في أغسطس (آب) الماضي، بحسب البيان.

في هذا السياق، أكد وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، خلال المؤتمر الصحافي، التزام بلاده بكل الاتفاقيات التي أبرتهما مع مصر، وأوضح أنه ونظيره المصري أكَّدا خلال المباحثات، «ضرورة وضع حد للأزمات في المنطقة، التي باتت تتزايد وتستفحل بشكل مرعب». ولفت إلى «تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الدفاع والأمن، خصوصاً مشاركة مصر بقوات حفظ السلام الأفريقية».

وأكد عبد العاطي، خلال المؤتمر الصحافي، أن «مصر ستشارك في البعثة الأمنية التابعة لمجلس السلم والأمن الأفريقي في الصومال بناءً على طلب الحكومة الصومالية، وترحيب من مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي».

من جانبه، أوضح الحفني أن «قوة حفظ السلام هدفها الحفاظ على الأمن والسلم في الصومال، ومشاركة مصر فيها تتماشى مع سياستها الرامية لحفظ الاستقرار في القرن الأفريقي تزامناً مع تأهيل الكوادر الصومالية».