السياسة تختلط بالاقتصاد في زيارة الرئيس الجزائري لتونس

تبون يصطحب معه نصف حكومته تأكيداً على أهمية العلاقات الثنائية

الرئيس قيس سعيد (يمين) مستقبلاً نظيره الجزائري عبد المجيد تبون في العاصمة تونس أمس (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (يمين) مستقبلاً نظيره الجزائري عبد المجيد تبون في العاصمة تونس أمس (أ.ف.ب)
TT

السياسة تختلط بالاقتصاد في زيارة الرئيس الجزائري لتونس

الرئيس قيس سعيد (يمين) مستقبلاً نظيره الجزائري عبد المجيد تبون في العاصمة تونس أمس (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (يمين) مستقبلاً نظيره الجزائري عبد المجيد تبون في العاصمة تونس أمس (أ.ف.ب)

احتفى الرئيس التونسي قيس سعيد بنظيره الجزائري عبد المجيد تبون، لدى وصوله على رأس وفد كبير، بعد ظهر أمس، في زيارة دولة إلى تونس تكتسب أهميتها للبلدين من اختلاط الجوانب السياسية فيها مع الملفات الاقتصادية، في ظل التطورات الإقليمية التي تشهدها منطقة المغرب العربي.
وأقيم استقبال «أخوي ورسمي» للرئيس تبون في مطار تونس قرطاج الدولي تقدّمه الرئيس سعيد وكبار المسؤولين في الدولة التونسية وممثلي السلك الدبلوماسي العربي المعتمد بتونس. وأظهر هذا الاستقبال، على ما قالت «وكالة الأنباء الجزائرية»: «عمق العلاقات التاريخية الاستراتيجية التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين».
وتأتي هذه الزيارة في توقيت تونسي سياسي دقيق للغاية، غداة إعلان سعيد خريطة طريق سياسية، وتحديد موعد لإجراء استفتاء حول الإصلاحات السياسية وموعد لانتخابات تشريعية، ما أثار مواقف سياسية متباينة داخلياً، ويُخشى أن تُقرأ الزيارة دعماً جزائرياً له ضد خصومه ومنافسيه.
وكان الجانب الجزائري يخطط لأن تكون هذه الزيارة في فبراير (شباط) المقبل، إذ يكون التاريخ المشترك بين البلدين حاضراً بقوة، من خلال إحياء ذكرى أحداث ساقية سيدي يوسف الحدودية، التي تعرضت لقصف فرنسي للقرية، في الثامن من فبراير (شباط) 1958، يوم امتزجت الدماء التونسية بالجزائرية.
ويرى مراقبون أن هذه الزيارة قد تُفهم في تونس على أن الجزائر تقف في ظهر قيس سعيّد، وتدعم توجهه السياسي، في ظل تباين المواقف وميل كثير من الطيف السياسي نحو الرفض لمخطط الرئيس التونسي والتنبيه إلى خطورة التفكيك والنسف اللذين يمارسهما قيس سعيّد للأرضية السياسية ولمنجزات دستور 2014، وسعيه لفرض بدائل «التصعيد القاعدي»، الذي يشبه في بنيته السياسية نموذج اللجان الشعبية التي قاد بها العقيد الراحل معمر القذافي ليبيا المجاورة.
ولا تريد الجزائر، وفق مراقبين، مناكفة سعيد لئلا يندفع للنوم عند من تصفهم الجزائر بـ«محور باريس وأشقاء السوء».
وكان الرئيس الجزائري شدد في وقت سابق على أهمية زيارته إلى الجارة الشرقية، وكشف أنّ وفد بلاده سيضم «نصف عدد الطاقم الحكومي»، في إشارة إلى البعد الاستراتيجي الذي تراه الجزائر في تونس.
واعتبر الرئيس تبون في تصريحات سابقة أن «ما يمس تونس يمس الجزائر»، وأبدى امتعاضه مما سماه «تدخل أطراف دولية» لم يسمها في محاولة تشكيل الحكومة التونسية الجديدة.
ومن المنتظر التوقيع على مجموعة من اتفاقيات التعاون تشمل قطاعات اقتصادية عدة، مثل الطاقة والصناعة والتجارة والأشغال العمومية والمالية والمناجم والنقل والصحة.
وكان البلدان عبَّرا عن رغبتهما في تحقيق «الاندماج والتكامل بين البلدين والتنسيق الاستراتيجي بينهما»، وتنمية «المناطق الحدودية واستكمال المشروعات الاندماجية في البلدين من أجل تعزيز دعائم التنمية المندمجة التي يطمح البلدان إلى تحقيقها، وفقاً للرؤية المشتركة لقائدي البلدين».
وأول من أمس، أعلنت تونس المصادقة على اتفاق قرض من الجزائر بقيمة 300 مليون دولار.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».