اجتماع مفاجئ بين ماكرون والرئيس الانتقالي لمالي

باريس تعمل على منع باماكو من الاستعانة بمرتزقة «فاغنر» الروسية

تدريب فرنسي - مالي مشترك في قاعدة ميناكا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
تدريب فرنسي - مالي مشترك في قاعدة ميناكا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

اجتماع مفاجئ بين ماكرون والرئيس الانتقالي لمالي

تدريب فرنسي - مالي مشترك في قاعدة ميناكا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
تدريب فرنسي - مالي مشترك في قاعدة ميناكا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

في مطلع العام 2013، سارعت فرنسا برئاسة فرنسوا هولاند إلى إرسال قواتها إلى مالي لمنع التنظيمات الإرهابية من «النزول» من شمال ووسط البلاد باتجاه العاصمة باماكو، في إطار عملية عسكرية سميت «عملية سيرفال». وفي مطلع العام التالي، تحولت «سيرفال» إلى «برخان». وبعد 7 سنوات، ما زالت «برخان» المشكّلة من أكثر من 5 آلاف رجل مرابطة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، فيما تتكاثر الأسئلة داخل فرنسا حول مصير «برخان» والفترة الزمنية المرتقبة لبقائها في منطقة الساحل، إضافة إلى كلفتها البشرية والمادية.
ولذا قرر الرئيس الفرنسي، في شهر يونيو (حزيران) الماضي، خفض عدد قواته إلى النصف وتعديل مهماتها وحصرها بملاحقة التنظيمات الإرهابية والتركيز على ما يسمى «المثلث الحدودي»، «أي بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر» حيث تتركز العمليات العسكرية. إضافة إلى ذلك، شدّد إيمانويل ماكرون على ضرورة انخراط أوروبا أكثر فأكثر إلى جانب «برخان» عبر قوة الكوماندوز المشتركة، المسماة «تاكوبا»، التي تعني «السيف»، مع الطلب من إدارة الرئيس جو بايدن الاستمرار في تقديم العون اللوجيستي والاستخباري للقوة بفضل مسيراتها المنطلقة من قاعدة جوية أميركية شمال النيجر. وأخيراً، تركز باريس على ضرورة توفير مزيد من الدعم التدريبي والتسليحي والمالي للقوة الأفريقية المشتركة لبلدان الساحل الخمسة «مالي، تشاد، بوركينا فاسو، النيجر، موريتانيا».
بيد أن ما حفز على تعديل خططها أمران؛ الأول، عجز السلطات المحلية؛ خصوصاً في مالي، عن الاستفادة من الحضور العسكري الفرنسي ومن إنجازاته الميدانية لجهة إعادة توفير خدمات الدولة العامة واستمالة ولاء المواطنين. والثاني، الانقلابان العسكريان اللذان عرفتهما مالي في أقل من عام. الأول حصل في أغسطس (آب) 2020 وأطاح بالسلطة المدنية ممثلة برئيس الجمهورية إبراهيم بوبكر كيتا، والثاني في شهر مايو (أيار) من العام المنتهي الذي أطاح بالحكومة التي عيّنها الانقلابيون، وبنتيجتها أعلن أسيمي غوتا نفسه رئيساً للمرحلة الانتقالية واعداً بإجراء انتخابات عامة تعود بموجبها السلطات إلى حكومة مدنية، وهو ما طالبت به فرنسا ومعها مجموعة بلدان غرب أفريقيا.
بيد أن القشة التي قصمت ظهر البعير لها عنوانان: تنديد باماكو بقرار باريس «سحب قواتها» من مالي، والكشف عن وجود تفاوض بين باماكو و«مجموعة فاغنر» الروسية للمرتزقة لإرسال عدة آلاف من أفرادها إلى مالي، بحيث تكون بديلاً عن القوة الفرنسية المنسحبة. وجاء أعنف هجوم على باريس على لسان رئيس الوزراء المالي شوغيل كوكالا مايغا، من على منبر الأمم المتحدة يوم 25 سبتمبر (أيلول) الماضي؛ حيث أعلن أن «الوضع الجديد المترتب على نهاية (برخان)، يضع مالي أمام أمر واقع (جديد)، ما يعني التخلي عنا ويقودنا إلى استكشاف الوسائل التي تمكننا من المحافظة على أمننا بشكل مستقل ومع شركاء آخرين». وأضاف أن المطلوب «ملء الفراغ المترتب على ترك إخلاء عدة قواعد لبرخان شمال البلاد». واتهم مايغا باريس بالعمل بشكل انفرادي دون التشاور مع سلطات بلاده. ولاكتمال المشهد، تتعين الإشارة إلى وجود حملة شبه منظمة ضد الحضور الفرنسي في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، واتهام باريس بالهيمنة على هذه البلدان، واستلاب قرارها الوطني.
وليس سراً أن باريس شعرت بـ«الخيانة» إزاء ما حصل في باماكو. وسريعاً جداً، نددت بالانقلاب الأول والثاني ودفعت مجموعة بلدان غرب أفريقيا للتحرك والضغط على مجموعة الضباط، وعلى رأسها الكولونيل أسيمي غوتا. وكانت باريس قد سارعت إلى وقف التعاون الميداني بين قواتها وبين القوات المالية، وهو ما تراجعت عنه لاحقاً، وأفهمت الانقلابيين أن الاستعانة بميليشيا فاغنر سيعني رحيل القوات الفرنسية. ويعي الجميع أن رحيل «برخان» سيعني حتماً رحيل الأوروبيين ونهاية عملية «تاكوبا» وترك مالي مكشوفة أمام التنظيمات الإرهابية.
وسط هذه الأجواء التي أقلّ ما يقال فيها إنها «غير مريحة» لفرنسا، تتم زيارة الرئيس ماكرون إلى مالي التي أعلن عنها قصر الإليزيه أمس. وسيصل ماكرون إلى هذا البلد في إطار التقليد الفرنسي الذي يقول إن رئيس الجمهورية يحرص على زيارة قوات بلاده المنتشرة خارج فرنسا خلال أعياد نهاية العام. ومن المقرر أن يصل ماكرون يوم الأحد إلى باماكو، ويبقى في مالي حتى يوم الثلاثاء. وسيلتقي، إلى جانب المشاركة في احتفال عيد الميلاد للقوة الفرنسية في قاعدة غاو، بالرئيس المؤقت أسيمي غوتا في العاصمة المالية بحيث يكون ذلك أول اجتماع من نوعه بين المسؤولين.
ثمة 3 موضوعات رئيسية ينتظر أن تطرح، وهي على التوالي؛ مستقبل القوة الفرنسية وإعادة انتشارها، والاستحقاق الانتخابي المقرر في شهر فبراير (شباط)، والاتصالات القائمة مع «فاغنر». وللتذكير، فإن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فرضوا على «فاغنر»، بحجة القيام بأعمال تضرّ بالاستقرار في كثير من الدول الأفريقية «فيما يزيد على 20 بلداً، منها جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا ومالي...»، وفي أوكرانيا، وعلى 3 شركات و8 أشخاص مرتبطين بها، عقوبات مالية، ومنع المسؤولين عنها من الدخول إلى أراضي الاتحاد الأوروبي.
في ملف إعادة الانتشار، تخلت «برخان» عن 3 قواعد شمال مالي «كيدال، تساليت، تمبوكتو» التي خرجت منها أول من أمس. وبعد 6 أشهر، سيكون عدد القوة الفرنسية في منطقة الساحل قد تراجع من 5200 رجل إلى ما بين 2500 و3000 رجل. وباريس ليست معنية بتغيير خطتها التي أقرت على أعلى المستويات السياسية والعسكرية. وما زالت فرنسا تؤكد أنها «لا تترك مالي، ولا تتخلى عنها، وإنما تعمد إلى عملية إعادة انتشار وتغيير طبيعة عملها الميداني»، وأن الوضع في مالي لا يمكن مقارنته قطعاً بما حصل للأميركيين في أفغانستان.
في المقابل، فإن باريس، في ملف الانتخابات، تقف وراء مجموعة غرب أفريقيا التي هددت يوم 12 من الشهر الحالي بفرض عقوبات إضافية على المسؤولين في مالي، في حال لم يلتزموا بالموعد المبدئي لحصولها. وأخيراً، فإن ماكرون سيعمد إلى ممارسة ضغوط قوية على أسيمي غوتا بخصوص مجموعة فاغنر التي يعدّها الغربيون بالغة الارتباط بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وذراعه العسكرية التي يحركها من أوكرانيا إلى سوريا وليبيا وأفريقيا. ومن المرجح أن يشهر ماكرون سيف انسحاب «برخان» تماماً، ومعها القوة الأوروبية «تاكوبا» التي تضم حاليا 900 رجل، نصفهم من الفرنسيين، والتخلي عن توفير الدعم الأمني والاقتصادي لمالي، والتهديد بفرض عقوبات اقتصادية فرنسية وأوروبية، وربما دولية، على مالي.
تعكس الأصداء الصحافية في بلدان الساحل «المفاجأة» التي أحدثها الإعلان عن اجتماع ماكرون - غوتا، بالنظر للعلاقات المتوترة منذ البداية بين الطرفين. لكن الواضح أن باريس لا يمكنها التخلي عن مالي وتركها لمصيرها، إذ إن لديها مصالح سياسية واقتصادية وتجارية هناك، والتخلي عنها سيضعف موقعها وصورتها ومصداقيتها، ليس في مالي وحدها، بل في بلدان الساحل وكثير من البلدان الأفريقية الأخرى.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.