غوتيريش يناشد واشنطن وطهران العودة إلى الاتفاق النووي

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد تلقي كلمة في مجلس الأمن أمس (الأمم المتحدة)
المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد تلقي كلمة في مجلس الأمن أمس (الأمم المتحدة)
TT

غوتيريش يناشد واشنطن وطهران العودة إلى الاتفاق النووي

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد تلقي كلمة في مجلس الأمن أمس (الأمم المتحدة)
المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد تلقي كلمة في مجلس الأمن أمس (الأمم المتحدة)

ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كلاً من واشنطن وطهران العودة إلى التزاماتهما طبقاً للقرار 2231 الصادر بعد الاتفاق النووي لعام 2015، على أن تقوم الولايات المتحدة «برفع أو إلغاء» عقوباتها وأن «تتراجع» إيران عن الانتهاكات التي اتخذتها منذ يوليو (تموز) 2019 على خلاف التزاماتها النووية. ورأى أنه «ينبغي معالجة المسائل التي لا تتصل بالخطة من دون المساس بالمحافظة على الاتفاق وإنجازاته».
وعرض أعضاء مجلس الأمن خلال جلسة عقدها أمس لتقريره نصف السنوي الثاني عشر الذي قدمه غوتيريش حول تطبيق القرار 2231، الخاص بخطة العمل المشتركة حول البرنامج الإيراني، مؤكداً أنه على الرغم من الصعوبات التي تواجه تنفيذ الاتفاق النووي يبقى «أفضل خيار متاح» لتحقيق أهداف عدم الانتشار والدبلوماسية المتعددة الأطراف والأمن الإقليمي. وإذ عبر عن «تفاؤله» بالاتصالات الدبلوماسية الجارية تيسيراً لعودة واشنطن وطهران إلى «تنفيذ الخطة والقرار على نحو كامل وفعلي»، معتبراً أنه «ينبغي ألا يكون الانفتاح الدبلوماسي الساعي إلى تنفيذ الخطة بالكامل انفتاحاً غير محكوم بأجل». وإذ حض إيران والولايات المتحدة على «البناء على القرار 2231 على نحو كامل في أقرب وقت ممكن»، ناشد واشنطن أن «تقوم برفع أو إلغاء جزاءاتها المبينة في الخطة»، مطالباً طهران بأن «تتراجع عن الخطوات التي اتخذتها منذ يوليو (تموز) 2019 والتي تعهدت بأنها خطوات يمكن التراجع عنها». وأسف لمواصلة إيران «الحد من تنفيذ ما يقع عليها من التزامات متصلة بالمجال النووي»، مشيراً إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية وثقت استمرار طهران في القيام بنشاطات البحث والتطوير في مجال إنتاج معدن اليورانيوم، كما أنها «لم تتمكّن من التحقق» من مجموع مخزون اليورانيوم المخصب في إيران، علماً أنها قدرت أن هذا المخزون بلغ في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 ما قدره 2489.7 كيلوغرام (أي أعلى من الحد الأقصى البالغ 202.8 كيلوغرام)، بما يشمل 113.8 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة و17.7 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة.
ودعا غوتيرش إيران أيضاً إلى أن «تنظر بعناية في دواعي القلق الأخرى التي أثارها المشاركون في الخطة والدول الأعضاء الأخرى في ما يتعلق بالقرار 2231، وأن تعالجها»، مستدركاً أنه «ينبغي معالجة المسائل التي لا تتصل بالخطة من دون المساس بالمحافظة على الاتفاق وإنجازاته».
ولاحظ غوتيريش في تقريره أنه «لم تُقدّم أي مقترحات جديدة إلى مجلس الأمن ليُوافق عليها عن طريق قناة المشتريات منذ 21 يونيو (حزيران) الماضي»، معتبراً أنها «لا تزال تشكل آلية حيوية لتوفير الشفافية وبناء الثقة». وإذ ذكر بمطالبة مجلس الأمن لإيران بـ«ألا تقوم بأي نشاط يتصل بالصواريخ الباليستية المعدّة لتكون قادرة على إيصال الأسلحة النووية، بما في ذلك عمليات الإطلاق باستخدام تكنولوجيا من هذا القبيل للصواريخ الباليستية، أشار إلى تلقيه رسائل إحداها مشتركة من المندوبين الدائمين الألماني والفرنسي والبريطاني والثانية من المندوبة الأميركية والثالثة من المندوب الإسرائيلي عن إجراء إيران اختبارات إطلاق بما يشكل انتهاكاً للقرار 2231، في إشارة إلى تجربة إطلاق مركبة فضائية من طراز «سيمرغ»، وصواريخ باليستية متوسطة المدى من طراز «خرمشهر».
وذكر بأحكام القرار 2231 في ما يتعلق بالصواريخ الباليستية ومنظومات المركبات الجوية غير المأهولة القادرة على بلوغ مدى يساوي أو يتجاوز 300 كيلومتر، مشيراً إلى أنه استجابة لدعوة وجهتها المملكة العربية السعودية، سافر وفد من الأمانة العامة إلى الرياض في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 لفحص حطام صواريخ باليستية وطائرات مسيرة من مخلفات هجمات شنها الحوثيون على ينبع والرياض والدمام وجدة خلال العام الماضي وهذا العام، أكد أن الأمانة العامة «تحلل حاليا جميع المعلومات المجمعة»، موضحاً أنه «يعتزم تقديم تقرير عن الاستنتاجات التي نتوصل إليها إلى مجلس الأمن في الوقت المناسب».


مقالات ذات صلة

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال التصويت على مشاريع قرارات بشأن القضية الفلسطينية (إ.ب.أ)

غالبية أممية ساحقة تطالب بوقف فوري للنار في غزة

أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية ساحقة الوقف الفوري للنار في غزة مؤكدة على دعم وكالة «الأونروا» وسط اعتراضات أميركية وإسرائيلية.

علي بردى (واشنطن)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
المشرق العربي صورة ملتقطة في 4 ديسمبر 2020 في جنيف بسويسرا تظهر غير بيدرسن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

مبعوث الأمم المتحدة يندد ﺑ«وحشية لا يمكن تصورها» في سجون نظام الأسد

قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا إن الفظاعات التي شهدها سجن «صيدنايا» ومراكز الاحتجاز الأخرى في سوريا، تعكس «الوحشية التي لا يمكن تصورها» التي عاناها السوريون.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.