أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس الثلاثاء أن الولايات المتحدة ستوسع علاقاتها العسكرية والاقتصادية مع شركائها في جنوب شرقي آسيا؛ رداً على محاولات الصين المتزايدة للهيمنة على منطقة المحيطين الهندي والهادئ وبهدف وقف «أعمالها العدوانية» هناك.
وحدد الوزير الأميركي معالم استراتيجية الرئيس جو بايدن حيال هذه المنطقة الحيوية في خطاب ألقاه خلال وجوده في إندونيسيا، وهي محطته الأولى في جولة تشمل أيضاً ماليزيا وتايلاند، ساعياً إلى إعادة ضبط العلاقات وإعادة تأكيد نفوذ الولايات المتحدة في آسيا بعد الاضطرابات وعدم القدرة على التنبؤ في حقبة الرئيس السابق دونالد ترمب. وسعى كبير الدبلوماسيين إلى تسليط الضوء على الأهمية المتزايدة لجنوب شرقي آسيا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، علما بأن إدارته مضطرة للتعامل مع أزمات أخرى لا تعد ولا تحصى، من إيران إلى روسيا.
وقال بلينكن إن واشنطن ستعمل مع الحلفاء والشركاء «للدفاع عن النظام القائم على القواعد»، مؤكداً أنه يجب أن يكون للدول الحق في «اختيار مسارها الخاص». وأضاف أن «لهذا السبب هناك الكثير من القلق - من شمال شرقي آسيا إلى جنوب شرقي آسيا، ومن نهر ميكونغ إلى جزر المحيط الهادئ - في شأن الأعمال العدوانية» للصين. واتهم المسؤولين الصينيين بأنهم «يدعون أن البحار المفتوحة ملكهم» و«يشوهون الأسواق المفتوحة عبر دعم الشركات الحكومية» و«يرفض الصادرات أو يلغون الصفقات مع الدول التي لا تتفق مع سياساتهم». ورأى أن «دول المنطقة تريد تغيير هذا السلوك - ونحن نفعل ذلك أيضاً»، معلناً أن الولايات المتحدة «مصممة على ضمان حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي». وقال إن إدارة بايدن ملتزمة الحفاظ على السلام والازدهار في المنطقة، وستفعل ذلك من خلال تعزيز التحالفات الأميركية، وإقامة علاقات جديدة، وضمان احتفاظ الجيش الأميركي «بميزته التنافسية». وقال إن «التهديدات تتطور، يجب أن يتطور نهجنا الأمني معها»، مضيفاً «سنتبنى استراتيجية تجمع بشكل وثيق كل أدوات القوة الوطنية لدينا - الدبلوماسية والعسكرية والاستخبارات - مع تلك الخاصة بحلفائنا وشركائنا». وأكد أن ذلك سيشمل ربط الصناعات الدفاعية الأميركية والآسيوية ودمج سلاسل التوريد والتعاون في الابتكار التكنولوجي. واعتبر أن تصرفات الصين هناك تهدد حركة تجارة تزيد قيمتها على ثلاثة تريليونات دولار كل عام. غير أن الوزير الأميركي شدد في الوقت ذاته أيضاً على أن «الأمر لا يتعلق بمنافسة بين منطقة محورية للولايات المتحدة أو منطقة محورية للصين - منطقة المحيطين الهندي والهادئ هي منطقتها الخاصة»، مؤكداً أن واشنطن تريد تجنب النزاع هناك.
وتطالب بكين بالسيادة الكاملة تقريباً على كل بحر الصين الجنوبي الغني بالموارد، في ظل مطالبات متنافسة من أربع دول في جنوب شرقي آسيا، بالإضافة إلى تايوان. وتتهم بكين بأنها تنشر مجموعة من المعدات العسكرية بما في ذلك صواريخ مضادة للسفن وأرض جو هناك، علما بأنها تجاهلت قرار المحكمة الدولية لعام 2016 الذي أعلن أن مطالبتها التاريخية على معظم المياه لا أساس له.
كذلك قال بلينكن إن واشنطن تريد ضمان «السلام والاستقرار في مضيق تايوان»، في ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين في شأن الجزيرة التي تنعم بالديمقراطية والحكم الذاتي، والتي تدعي الصين أنها أراضيها وتعهدت باستعادتها يوماً ما بالقوة إذا لزم الأمر.
وفي وقت لاحق، وقع بلينكن ثلاث اتفاقات مع وزيرة الخارجية الإندونيسية رينو مارسودي، بما في ذلك اتفاق يمتد حتى عام 2026 وتنص على تعاون بحري، بما في ذلك تعزيز التدريبات البحرية المشتركة بين الولايات المتحدة وإندونيسيا. وقال إن «الأمر يتعلق بتعزيز قوتنا حتى نتمكن من الحفاظ على السلام، كما فعلنا في المنطقة منذ عقود». ولم يخض في مزيد من التفاصيل لكن الإدارة أحدثت ضجة في وقت سابق من هذا العام بالموافقة على اتفاق ينص على إنتاج أستراليا غواصات تعمل بالطاقة النووية.
وأكد أن الولايات المتحدة «ستقيم علاقات أقوى» مع حلفائها الخمسة في المنطقة: أستراليا واليابان والفلبين وكوريا الجنوبية وتايلاند، بموازاة إنشاء شراكة أقوى مع رابطة دول جنوب شرقي آسيا، آسيان، التي يشعر عدد من أعضائها بالتهديد من جانب الصين. وقال بلينكن: «لطالما كان لرابطة أمم جنوب شرقي آسيا القوية والمستقلة دور محوري في معالجة الأزمات العاجلة والتحديات الطويلة المدى». وسمى بشكل خاص الحكام العسكريين لميانمار الذين استولوا على السلطة في فبراير (شباط) الماضي وما تلا ذلك من قمع ضد المتظاهرين.
وتواجه دول المنطقة مهمة صعبة بشكل متزايد تتمثل في محاولة الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من الصين باعتبارها الشريك التجاري الرئيسي، وكذلك مع الولايات المتحدة لأنها حيوية للحفاظ على أمن المنطقة. ولكن روسيا تحاول أيضاً تأكيد نفوذها في المنطقة. وتردت العلاقة بين الولايات المتحدة والصين بسبب مجموعة من القضايا من الأمن السيبراني والتفوق التكنولوجي إلى حقوق الإنسان في هونغ كونغ وشينجيانغ. وواصل بايدن إلى حد كبير موقف ترمب المتشدد حيال الصين، واصفاً القوة الآسيوية بأنها التحدي الأبرز للولايات المتحدة.
واقتصرت ملاحظات بلينكن على المحيطين الهندي والهادئ والصين على الرغم من أنه بدأ رحلته الخارجية الحالية في بريطانيا في اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع الذي وجه تحذيراً شديد اللهجة إلى روسيا في شأن أوكرانيا خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
ولكن بعدما أجرى محادثات مع بلينكن الاثنين، التقى الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو أمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف.
ولدى سؤاله عن سبب عدم سعيه إلى لقاء باتروشيف، أجاب بلينكن أن كبيرة دبلوماسية الإدارة لأوروبا كارين دونفريد ستسافر إلى موسكو في الأيام المقبلة لإيصال الرسالة الحازمة التي وردت خلال اجتماع مجموعة السبع.
بلينكن لمواجهة «الأعمال العدوانية» للصين في منطقة الهندي والهادئ
استراتيجية الولايات المتحدة تشمل تعزيز العلاقات العسكرية والاقتصادية مع الحلفاء
بلينكن لمواجهة «الأعمال العدوانية» للصين في منطقة الهندي والهادئ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة