انقسامات حادة داخل فصائل «حشد المرجعية»

على خلفية اتهام بعض قادتها بـ«الفساد»

TT

انقسامات حادة داخل فصائل «حشد المرجعية»

يبدو أن الانقسامات الحادة التي كانت حاضرة دائما داخل هيئة «الحشد الشعبي» وخاصةً بين بعض الفصائل الموالية لإيران من جهة، وتلك الموالية لمرجعية النجف من جهة أخرى، امتدت هذه المرة لتكون حاضرة بين صفوف «فرقة العباس» القتالية أحد أبرز فصائل «حشد العتبات» أو ما يسمى أحيانا بـ«حشد المرجعية» المؤلف من أربع قوى رئيسية هي فرقتا «الإمام علي» و«العباس» القتاليتان، ولواءا «علي الأكبر، و«أنصار المرجعية». وتعددت وجهات النظر بشأن الانقسام القائم بين من يرى أنها محاولات لـ«تفكيك فرقة العباس وحلها»، وآخر يرى أن الأمر يتعلق بحقوق مالية وقضايا فساد تحوم حول عناصر قيادية.
وكان الحشد المرجعي انفصل بشكل شبه تام قبل أكثر من عام عن مظلة «الحشد الشعبي» وارتبط بالقائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء، بسبب الخلافات والتقاطعات الحادة التي كانت وما زالت قائمة بينه وبين ما بات يعرف بـ«الفصائل الولائية» داخل الحشد التي لا تخفي ولاءها للمرشد الإيراني علي الخامنئي وتلتزم عقائديا بأحكامه الدينية، خلافا لحشد العتبات الذي يلتزم بفتاوى وأحكام المرجع الأعلى علي السيستاني.
ومنذ يومين يواصل العشرات من عناصر «فرقة العباس» اعتصامهم أمام مجمع العلقمي في محافظة كربلاء وظهر أحد العناصر في «فيديو» مصور وهو يوجه مناشدة عاجلة إلى المرجع الشيعي الأعلى يطالب فيها بإنصاف «المجاهدين» وفي عنصر آخر يقال إنه أحد ضباط استخبارات الفرقة، وهو يطالب بالإنصاف أيضاً، ويتهم جهات لم يسمها داخل الفرقة باستخدام «الجيوش الإلكترونية» في تشويه سمعتهم واتهامهم بالانشقاق عن الفرقة. وفي حين تقول بعض المصادر القريبة من «فرقة العباس»، إن «هدف الاعتصام الحصول على بعض الحقوق المالية لعناصر بعض ألوية الفرقة»، تروج المنصات القريبة من الفصائل الولائية لمسألة أن الاعتصام والانقسام أساسه المطالبة بإقالة قائد «فرقة العباس» ميثم الزيدي على خلفية تهم بالفساد، الأمر الذي نفاه إعلام الفرقة واعتبر أن الأمر لا يتجاوز حدود «إثارة الفوضى» وبدفع من أطراف لم يسمها.
وقال إعلام «فرقة العباس» في بيان: «لقد دأبت فرقة العباس القتالية أن تلتزم بالأطر الشرعية والقانونية في أوقات الحرب وفي أصعب المواقف القتالية ضد العدو الداعشي فضلا عن أوقات السلم، لكن للأسف أن بعض الأشخاص يحاولون التحريض على الفوضى، إذ فيهم سماعون للفتنة وللباطل ولعل من يغذي ذلك من خارج الفرقة». وشدد على أن «الفرقة ستقوم باتخاذ الإجراءات القانونية والعسكرية وتحت أنظار القائد العام للقوات المسلحة».
وفي مقابل بيان الفرقة، تداولت مواقع ومنصات خبرية بيانا ينسب إلى المعتصمين من عناصر الفرقة في كربلاء، اتهموا فيه قائدها بالتضليل. وقال بيان المعتصمين: «لا يخفى على أحد أن قيادة فرقة العباس ع القتالية ونخص بالذكر ميثم الزيدي تجيد كثيرا لعبة الإعلام والتضليل والتلاعب بالألفاظ وتجيد تزييف الحقائق، أما نحن المعتصمين هذا اليوم أو المعترضين والممتعضين من سياسات الزيدي وطريقة إدارته للفرقة وتعامله مع المجاهدين لا نجيد سوى الجهاد والدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات ولا دخل لنا بالمناكفات التي يحاول الزيدي جرنا إليها، لسنا مدعومين من أحد من خارج الفرقة واعتصامنا كان قرارنا».
وتابع أن «مطالبتنا لقيادة هيئة الحشد الشعبي للتدخل نابعة من كون الهيئة هي الغطاء الرسمي والدستوري لمجاهدي الحشد الشعبي وعليهم أن يؤدوا واجبهم تجاهنا ويعملون على إنصافنا». وتعهد المعتصمون بتقديم ملفات فساد مدعومة بالأدلة الإدارية الرسمية إلى القضاء. كما وجهوا دعوة إلى القائد العام للقوات المسلحة لإنصافهم من «حالة القمع» التي يمارسها قائد الفرقة ميثم الزيدي ضدهم، على حد تعبير البيان.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).