الأزمة اللبنانية تضع الطلاب والمعلمين في خندق واحد

إضراب مفتوح لمتعاقدي المدارس الرسمية

TT

الأزمة اللبنانية تضع الطلاب والمعلمين في خندق واحد

يجلس الطالب اللبناني جاد (14 سنة) على كنبة غرفة الجلوس في صبيحة يوم دراسي، بيده هاتفه، يلعب ببعض الألعاب الإلكترونية ويقلب بين وسائل التواصل الاجتماعي، في حين تشطاط أمه غضباً، وتعبر عن ندمها الشديد لنقل ابنها من المدرسة الخاصة إلى الرسمية، حسبما تخبر «الشرق الأوسط».
وتقول هيام: «كنت متخوفة من خطوة نقل جاد إلى المدرسة الرسمية، خصوصاً أنه بات من المعروف أنها عرضة في أي لحظة للإضراب»، وتضيف: «أنهى جاد صف (البروفيه) العام الماضي، ونظراً للوضع الاقتصادي المتأزم والغلاء الفاحش، خاطرنا بنقله إلى الرسمية، لكننا أخطأنا كان يجب أن يبقى في مدرسته الخاصة لأنه سيخسر عامه الدراسي بسبب الإضراب المفتوح».
وكانت هيام وزوجها بصدد نقل الابنة الأصغر إلى المدرسة الرسمية العام المقبل، بعد أن تنهي كأخيها صف البروفيه، وفقاً لهيام، لكنها تستدرك بالقول: «أن نجوع أفضل من أن يخسر أولادي مستقبلهم وعلمهم... السنة المقبلة مدارس خاصة حتماً».
وتنفذ روابط التعليم الرسمي في لبنان إضراباً في المدارس والثانويات والمهنيات ودور المعلمين والإرشاد، وتنظم تحركات مع الاتحاد العمالي العام، في الشمال وبيروت وجبل لبنان، والجنوب والبقاع، عازية السبب إلى الانهيار المستمر للأوضاع الاقتصادية وتردي الأوضاع الاجتماعية والصحية، وبسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، في ظل عدم ضبط سعر صرف الدولار. كذلك ارتفاع كلفة النقل والإفلاس المقبل على جميع المؤسسات الضامنة، ما يهدد صحة الجميع.
وكانت اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي أول من أعلن الإضراب بتاريخ 6 ديسمبر (كانون الأول)، دفاعاً عن حقوق الأساتذة والقطاع التعليمي، وما زالت مستمرة بإضرابها المفتوح رفضاً لأي مساومة على الحقوق.
ورغم قلقها مما ستؤول إليه الأمور في بلد مفلس لا يبرع بغير الوعود، لا تلوم هيام الأساتذة على إضرابهم ولا تعتبر أنهم يأخذون الطلاب رهينة كما يقول البعض، وتقول: «أليس الأستاذ رب عائلة أيضاً؟ الظروف قاسية على الجميع وهم محقون بمطالبهم. الكارثة وقعت عليهم وعلى الأهالي والطلاب. كلنا في خندق واحد».
وتوضح رئيسة «اللجنة الفاعلة للأستاذة المتقاعدين في التعليم الأساسي» نسرين شاهين لـ«الشرق الأوسط»، أن «إضراباً من نوع آخر كان قد بدأ منذ نحو شهر، فكلما تعذر على أحد الأساتذة دفع أجرة المواصلات امتنع عن الذهاب إلى المدرسة، ثم تحول الإضراب على صعيد بعض المدارس بأكملها بسبب ضيق أحوال الأساتذة وتعذر ذهابهم إلى المدارس، حينها اتخذنا القرار بالإضراب المفتوح في 6 ديسمبر».
وتقول شاهين: «عندما اتخذنا القرار بالإضراب رفض نصف الأساتذة الموضوع لأنه كما هو معلوم رابطة الأساتذة مسيّسة في لبنان وكانت تحارب الأساتذة المتعاقدين، كما أن البعض تخوف من حرمانه من حوافز البنك الدولي التي هي عبارة على 90 دولاراً شهرياً، تحسب على سعر منصة صيرفة».
وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أعلن منح مساعدة اجتماعية للعاملين في القطاع العام، ومن ضمنهم أساتذة الملاك في المدارس الرسمية، على شكل دفع مساعدة اجتماعية مقدارها نصف راتب يُعطى عن شهري نوفمبر وديسمبر قبل عيدي الميلاد ورأس السنة، على ألا تقل عن مليون ونصف مليون ليرة وألا تزيد على 3 ملايين ليرة.
وكان وزير التربية في حكومة رئيس الوزراء السابق حسان دياب، طارق المجذوب، قد وعد مع بداية العام الدراسي بتأمين ما يلزم من قرطاسية، وفي شكل مجاني، لتلامذة الحلقتين الأولى والثانية للتعليم الرسمي، في كل لبنان، بالإضافة إلى لوازم غرف الصف، وتركيب طاقة شمسية، وتأمين أموال من الجهات المانحة للمصاريف التشغيلية للمدارس والثانويات والمعاهد الرسمية.
وعن تلك التقديمات، توضح شاهين أن «الأمر توقف على القرطاسية وكتب الحلقتين الأولى والثانية في بعض المدارس»، لافتة إلى أن المشكلة الكبرى وهي المواصلات لم تؤمن.
وتأسف شاهين لأن «طلاب المدارس الرسمية يعيشون في ظروف سيئة جداً داخل الصفوف بسبب البرد وعدم وجود وسائل تدفئة، وساعات التقنين الطويلة للكهرباء»، وتلفت إلى أن «مدارس فترة بعد الظهر تفتح أبوابها لمدة ساعتين فقط وتقفل عند حلول الظلام، بسبب عدم توفر الإنارة، وعدم تأمين مادة المازوت لتشغيل مولدات الكهرباء».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.