مخاوف من مخاطر تهدد «وحدة السودان واستقراره»

خبراء: كل الاحتمالات واردة بما في ذلك السيناريو السوري

جانب من احتجاجات سابقة في الخرطوم تطالب بعودة الحكم المدني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات سابقة في الخرطوم تطالب بعودة الحكم المدني (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من مخاطر تهدد «وحدة السودان واستقراره»

جانب من احتجاجات سابقة في الخرطوم تطالب بعودة الحكم المدني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات سابقة في الخرطوم تطالب بعودة الحكم المدني (أ.ف.ب)

عبر عدد من السياسيين والخبراء في السودان عن مخاوفهم من مخاطر أمنية وسياسية تمر بها البلاد حالياً، وقد تهدد وحدته واستقراره، خصوصاً في ظل انتشار السلاح بين أيدي جهات عديدة لا تزال خارج الأجهزة العسكرية والأمنية الرسمية. وأشاروا إلى أن الأزمة في السودان تتفاقم باطراد يهدد بسيناريوهات خطرة على المديين المتوسط والبعيد، ما يجعل الاحتمالات الأسوأ هي الأرجح، بما في ذلك السيناريوهان الليبي والسوري الدمويان، خصوصاً بعد فشل عودة عبد الله حمدوك رئيساً للوزراء، في تهدئة المخاوف وتقليل المهددات الأمنية في البلاد.
فقد وجد حمدوك بعد عودته لمكتبه مياهاً كثيرة مرت تحت الجسر، فالشارع السياسي الذي كان يؤيده بشده تخلى عنه، وخرجت مرجعيته السياسية عن المشهد، ولم تفلح القوى المؤيدة لإجراءات الجيش في 25 أكتوبر (تشرين الأول)، التي عدها الكثيرون «انقلاباً عسكرياً»، في توفير مرجعية سياسية مؤثرة له تتيح تكوين حكومته والمضي قدماً في الانتقال. ورغم مرور نحو الشهر على اتفاق 21 أكتوبر بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، فقد فشل حتى الآن في تكوين حكومته الجديدة، ولا تزال احتمالات قدرته على «لملمة» الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشيها البلاد شديدة الضعف.
- مستشار رئيس الوزراء
يقول مستشار رئيس الوزراء الإعلامي فيصل محمد صالح، إن الانقلاب فشل في تحقيق أهدافه، مثلما فشل اتفاق حمدوك - البرهان في معالجة الأزمة، وبذلك يصبح الباب مفتوحاً أمام كل الاحتمالات. ووصلت المبادرات المحلية لتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع إلى طريق مسدودة، وانتهت بأن أصبحت جزءاً من المعسكر الموالي للجيش، فيما يصعد الشارع السياسي مواكبه واحتجاجاته المستمرة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي دون توقف.
وقال المحلل السياسي صالح عمار، إن الشارع والحراك الشعبي المناوئ لحكم العسكر هو العامل الأساسي الذي يحكم تطور الأوضاع في البلاد، وإن المواكب المتزامنة مع الذكرى الثالثة للثورة السودانية التي اندلعت في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018، ستعطي مؤشراً رئيسياً تبني عليه القوى الأساسية موقفها. ورأى عمار أن أي تعامل عنيف مع الاحتجاجات قد يدفع المجتمع الدولي للتحرك بصورة أكثر فاعلية ضد سلطة الأمر الواقع في الخرطوم، قائلاً إن «الأطراف الفاعلة الأساسية في حيرة من أمرها، والشارع السياسي متقدم عليها، أما الجيش فقد نفذ نصف انقلاب، وتحالف الحرية والتغيير غير متماسك، وحمدوك في وضع ضعف ويعيش حالة توهان». ورغم رهانه على قوة الجماهير والقوة الناعمة، فإن عمار يرى أن الشارع لا يمكن أن يحسم وحده المعركة، ويقول إن «تجارب التاريخ تقول ذلك، والبلاد من ناحية استراتيجية تعيش حالة خطر محدق، وهي تعاني هشاشة ظلت تتفاقم باطراد».
وأضاف: «الاقتصاد أيضاً مهدد بانهيار سريع من دون حلول تلوح في الأفق، ولا أحد يدري ما يحدث منذ الآن حتى يوم 19 ديسمبر، ولا إلى أين تسير الأوضاع».
واستبعد عمار إمكان تقديم تنازلات من قبل المكون العسكري لحل الأزمة، لا سيما أنهم يملكون أوراقاً رئيسية في اللعبة، قائلاً: «هم أنفسهم غير متوافقين، وهناك احتمال صدام بين مكوناتهم. وتقول المعلومات العامة إن هناك تياراً متشدداً داخلهم، لكن من الذكاء عليهم تقديم تنازلات لأنهم في موقف ضعيف، ولأنهم حققوا بعض ما كانوا يطمحون لتحقيقه، بما يمكنهم من تقديم التنازلات».
- انهيار اقتصادي
وحذر من انهيار سياسي واقتصادي وشيك يهدد وحدة البلاد، «ففي ظل وجود جيوش متعددة، وقطاع عريض من الشعب يرفض السلطة، وفي ظل إغلاق أبواب الحوار بين الفرقاء، وانتهاء المبادرة المدنية باتفاق البرهان وحمدوك المرفوض جماهيرياً، تصبح الحاجة ملحة لمبادرة دولية أو إقليمية».
وأضاف: «لكن للأسف، لا تلوح في الأفق مبادرة دولية لأن المجتمع الدولي مثقل بأعباء كثيرة أخرى، منها النزاع في إثيوبيا».
من جهته، رأى مستشار رئيس الوزراء الإعلامي السابق، فايز السليك، أن السودان يواجه سيناريوهات مفتوحة تحتمل مواجهات بين الشعب من جهة وقيادة الجيش والقوى الحليفة لها من جهة أخرى. وقال: «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير يقود جزءاً من الشارع، لكن غالب الشارع تجاوز هذا التحالف، وهو نفسه بحاجة لقيادة. مشكلة تحالف الحرية والتغيير أنه سيفقد الشارع وثقته فيه مجدداً إذا اتجه نحو التفاوض مع الجيش».
ويوضح أن أحد السيناريوهات المحتملة أن يتجه قائد الجيش والمجموعة المؤيدة له نحو «انقلاب ثانٍ، لأن الانقلاب الأول رضخ تكتيكياً للضغوط الشعبية والدولية، لكن ربما بعد إكمال إحراق حمدوك شعبياً وسياسياً فربما يمكنهم إكمال الانقلاب الثاني». وأضاف: «قد لا ينهي الانقلاب الثاني المواجهة بين المجموعة الانقلابية والشارع السياسي، وقد يتطور الأمر لمواجهة مسلحة تعيد للأذهان السيناريو السوري».
- مواجهات مسلحة
ويتوقع السليك أن تشهد البلاد مواجهات مسلحة ناتجة عن حالة التشظي الناتجة عن عدم إكمال الترتيبات الأمنية مع الحركات المسلحة ودمج الجيوش المتعددة، وقد ينتقل سيناريو دارفور إلى بقية أنحاء البلاد بما في ذلك العاصمة الخرطوم «وهذا سيناريو شبيه بالسيناريو الليبي». أما السيناريو الثالث فيتمثل في ازدياد الضغوط الشعبية والدولية على الأطراف كلها، بحيث يفتح الأفق المسدود بين المجموعات المتصارعة حالياً، «وهو السيناريو المفضل، ونأمل في أن ينتصر الشعب في النهاية، وهذا يتطلب اتخاذ مواقف مرنة لأن الموقف الشعبي الحالي الرافض للتفاوض والشراكة والشرعية يمثل حالة عدمية قد تعيد إنتاج السيناريو السوري في السودان». واستطرد قائلاً: «على القوى السياسية تقديم رؤية مقنعة للشارع، تحول دونه والوقوع في شباك الرومانسية الثورية، وللوصول إلى مصفوفة تسلم السلطة للمدنيين وتقود البلاد حتى الانتخابات، مع تحقيق العدالة الانتقالية».
ويرجح عمار أن تكون دوافع ما تشهده البلاد من صراعات هي «جريمة فض الاعتصام، والجرائم التي تلت سقوط نظام الإسلاميين، لا سيما أن عدد القتلى بعد سقوط النظام أكبر من الذين قتلوا أثناء الثورة».
وأضاف: «هناك خوف من مترتبات التحقيق في جريمة فض الاعتصام، وتحديد المسؤولين عنها، وهذا يجعل البعض يطمعون في الاستمرار في السلطة لحماية أنفسهم».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.