عباس يضغط لمفاوضات مع إسرائيل تبدأ بـ«ترسيم الحدود»

الفلسطينيون يرفضون محاولة تحويل الدعم الاقتصادي والأمني إلى مسار بديل عن السياسي

فلسطينيون خلال مشاركتهم في تشييع جميل أبو عياش (31 عاماً) الذي قُتل أول من أمس أثناء مواجهات مع القوات الإسرائيلية ببلدة بيتا شمال الضفة الغربية (أ.ف.ب)
فلسطينيون خلال مشاركتهم في تشييع جميل أبو عياش (31 عاماً) الذي قُتل أول من أمس أثناء مواجهات مع القوات الإسرائيلية ببلدة بيتا شمال الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

عباس يضغط لمفاوضات مع إسرائيل تبدأ بـ«ترسيم الحدود»

فلسطينيون خلال مشاركتهم في تشييع جميل أبو عياش (31 عاماً) الذي قُتل أول من أمس أثناء مواجهات مع القوات الإسرائيلية ببلدة بيتا شمال الضفة الغربية (أ.ف.ب)
فلسطينيون خلال مشاركتهم في تشييع جميل أبو عياش (31 عاماً) الذي قُتل أول من أمس أثناء مواجهات مع القوات الإسرائيلية ببلدة بيتا شمال الضفة الغربية (أ.ف.ب)

قال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، اقترح على الولايات المتحدة ومصر والأردن وأطراف الأخرى أن يبدأ الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي بمفاوضات فورية لـ«ترسيم الحدود»، في ضوء أن التوصل إلى حدود واضحة للدولتين سيسمح بتسوية بقية القضايا النهائية.
وأضاف المصدر: «سيطرح الرئيس عباس ذلك على وزير الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، الذي يلتقيه الأسبوع المقبل في رام الله، من بين قضايا أخرى مهمة ستشملها المباحثات». وتابع: «سيقول الرئيس لغانتس إن إجراءات بناء الثقة ودعم السلطة ليست بديلاً بأي حال من الأحوال عن مفاوضات سياسية، وإنه سيضطر فعلاً إلى اتخاذ إجراءات إذا لم تنخرط الحكومة الإسرائيلية في مثل هذه المفاوضات».
وأكد المصدر الفلسطيني أن الرئيس عباس «سيبلغ غانتس بأن خطته التي أطلقها في خطابه في الأمم المتحدة ستكون موضع تنفيذ إذا أصرت الحكومة الإسرائيلية الحالية على اتباع مسار بعيد عن مفاوضات سياسية، لأنه لا يمكن استمرار الوضع على ما هو عليه، ولا مبرر لبقاء السلطة بهذه الطريقة».
وكان عباس قد أطلق مبادرة، في سبتمبر (أيلول) الماضي، في خطابه في الأمم المتحدة، وأعطى خلالها إسرائيل مهلة عام من أجل إنهاء احتلالها، أو أنه سيتخذ إجراءات. وسيناقش المجلس المركزي، وهو أعلى هيئة تشريعية فلسطينية، خيارات متعددة، في حال انعقاده في اجتماع مرتقب بداية الشهر المقبل. ويوجد أمام القيادة الفلسطينية خيارات عدة، منها وقف اتفاقات مع إسرائيل، وتعليق الاعتراف بها، وإنهاء المرحلة الانتقالية عبر إعلان دولة تحت الاحتلال، والتحلل من قرارات الشرعية الدولية، وكل ذلك سيتم درسه وبحثه بتأنٍ خلال اجتماع المجلس المركزي الذي سيكون على جدول أعماله أيضاً ترتيب الأوراق داخل منظمة التحرير وملء الشواغر.
ويلتقي عباس غانتس الأسبوع المقبل، بصحبة وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي، عيساوي فريج، الذي يعد قناة الاتصال مع السلطة الفلسطينية. وقال عيساوي إن الزيارة تهدف إلى «تعزيز السلطة الوطنية الفلسطينية» و«التهدئة على خلفية موجة من الهجمات الإرهابية».
ومن المتوقع أن يتم خلال اللقاء بحث المقترحات بشأن الأمن والتعاون الاقتصادي. وسيكون هذا ثاني لقاء لغانتس مع الرئيس عباس منذ أداء الحكومة الإسرائيلية الحالية القسم في يونيو (حزيران) الماضي.
والتقى عباس غانتس في أواخر أغسطس (آب) الماضي، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، في لقاء خصص لكسر الجمود في العلاقات بين الطرفين. ومنحت إسرائيل السلطة بعد هذا اللقاء جملة من التسهيلات، لكنها تجاهلت مطالب فلسطينية سياسية أو أمنية.
وفي اللقاء بينهما، وعد غانتس عباس بتسهيلات تشمل خدمات إنترنت من الجيل الرابع (جي 4) في مستقبل قريب، ومنح عشرات آلاف الفلسطينيين حق لم الشمل، والسماح بدخول 15 ألف عامل آخر إلى إسرائيل، وبناء وحدات سكنية في منطقة «ج»، وكذلك تحويل الشركات الفلسطينية التي تعمل مع إسرائيل إلى نظام محوسبة رقمي بطريقة تضمن عائدات ضريبية للسلطة تصل إلى 10 ملايين شيكل سنوياً. لكن غانتس تجاهل طلبات بإعادة تسليم جثامين عشرات من جثث الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل، ووقف اقتحام المناطق الفلسطينية المصنفة (أ)، والعمل على وقف عنف المستوطنين بالضفة، وإعادة صياغة اتفاقيات باريس الخاصة بتنظيم العلاقات الاقتصادية بين الطرفين.
ويتبنى غانتس فكرة أنه يجب تعزيز وتقوية السلطة الفلسطينية، وتنفيذ إجراءات لبناء الثقة والدعم الاقتصادي، وصولاً إلى السلام الاقتصادي، وهو العرض الوحيد الذي تؤمن به الحكومة الإسرائيلية الحالية، أو تقدر عليه.
وفي وقت سابق، قال نفتالي بنيت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن حكومته تعارض بشدة إقامة دولة فلسطينية، وإن إنشاء كيانات شبيهة بالدولة لا ينجح، كما أنه لا يوجد في المنطقة من يعتقد أن من الممكن الذهاب حالياً إلى عملية تفاوض للسلام، حسب رأيه.
وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن دولاً إقليمية مررت لعباس فعلاً رسائل مفادها أن الوضع الآن لا يسمح بإطلاق عملية سياسية بسبب تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية، وهي رسالة مررتها كذلك الإدارة الأميركية، لهذا قرر عباس التصعيد، وقدم مبادرة تقوم على إطلاق مفاوضات أو التصعيد.
ويوجد خلاف بين واشنطن وإسرائيل حول التعامل مع الملف الفلسطيني، لكنه ليس إلى حد الضغط على إسرائيل لإطلاق عملية سلام. ويقول الإسرائيليون إن التسهيلات التي تمنحها حكومة بنيت للفلسطينيين تهدف -ضمن أشياء أخرى- إلى كسب ود واشنطن الغاضبة، ومن أجل ضمان بقاء السلطة وتقويتها. وتقوية السلطة واحدة من بين توصيات مهمة قدمها، أمام المجلس الوزاري المصغر لشؤون السياسة والأمن في الحكومة (الكابينيت)، رئيس «الشاباك» الجديد، رونين بار، الذي التقى عباس كذلك في وقت سابق، وطلب من حكومته العمل على تقوية السلطة، وحذر من انهيارها.
ونقل كبار مسؤولي الجيش الإسرائيلي الذين قدموا لمحة عامة للوزراء خلال الاجتماع الرسالة نفسها، وقالوا أيضاً إنه ينبغي اتخاذ إجراءات لتقوية السلطة الفلسطينية.
والتقى غانتس بفريج، قبل اللقاء المرتقب مع عباس الأسبوع المقبل. وبحسب القناة (12) الإسرائيلية، سيكون على طاولة النقاش «تقوية محمود عباس والسلطة الفلسطينية حتى لا تتعزز (حماس) في الضفة الغربية، ومقترحات اقتصادية وأمنية تهدف إلى إضعاف (حماس)».
وأضافت القناة أنه ستطرح على طاولة المفاوضات مقترحات عدة للتعاون الأمني والاقتصادي من شأنها مساعدة السلطة في عملياتها اليومية. لكن عباس يريد -كما يقول الفلسطينيون- شيئاً آخر.
وقال المصدر الفلسطيني المطلع: «كل ما تقدمه إسرائيل هو جزء من الطلبات التي نعدها ضرورية، وهي ملزمة بها من أجل بناء الثقة، لكن المطلوب هو دفع حل سياسي للأمام، وليس اقتصادياً أو أمنياً أو أي شيء آخر».
ويحاول عباس دفع حل سياسي للأمام، وقد زار من أجل ذلك روسيا والأردن وقطر ودولاً أخرى. وطلب عباس لقاءات أيضاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، ووزير الخارجية يائير لبيد، لكن لم يتضح إذا ما كان لبيد سيستجيب فعلاً لطلب مصري بلقاء عباس، وسينضم لغانتس في زيارته لرام الله. ويرفض بنيت حتى الآن اللقاء مع عباس، باعتبار أنه لا جدوى منه في الظروف الحالية.



بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.