راهب سابق يشيّد كاتدرائية من المواد المعاد تدويرها قرب مدريد (صور)

خوستو غاليغو بيديه أمام الكاتدرائية (أ.ف.ب)
خوستو غاليغو بيديه أمام الكاتدرائية (أ.ف.ب)
TT

راهب سابق يشيّد كاتدرائية من المواد المعاد تدويرها قرب مدريد (صور)

خوستو غاليغو بيديه أمام الكاتدرائية (أ.ف.ب)
خوستو غاليغو بيديه أمام الكاتدرائية (أ.ف.ب)

على مدى ستة عقود، بنى خوستو غاليغو بيديه «كاتدرائية» قرب مدريد مدفوعاً بإيمانه الشديد، لكن لم يُكتب له رؤية هذه المنشأة المصنوعة من الخردة والمواد المعدة للتلف مُنجزة بالكامل بعد وفاته أخيراً عن عمر قارب قرناً.
هذا الراهب السابق الذي وُصف بأنه «مجنون» عند إطلاقه مشروعه واضطر لترك الرهبنة بسبب إصابته بالسل، توفي نهاية الشهر الفائت عن 96 عاماً، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وبُنيت «كاتدرائية خوستو» على أرض شاسعة في ميخورادا ديل كامبو، لكنها لا تحظى باعتراف السلطات الدينية المحلية كدار عبادة. وتبلغ مساحتها حالياً 4700 متر مربع، فيما صحن الكنيسة يمتد على طول 50 متراً وعرض 20 متراً وارتفاع 35 متراً، مع اثني عشر برجاً مشيداً بالأسلوب القوطي أو البيزنطي.
وكرس خوستو غاليغو لهذا المشروع أكثر من نصف حياته، واستخدم أحجاراً محطمة وعبوات دهان أو معلبات ليتقدم بالبناء متراً بعد متر، من دون أي خطة.
وروى خوان كارلوس أرويو المهندس والمعماري الذي تدرس شركته «كالتر إنخينييريا» صلابة البناء، لوكالة الصحافة الفرنسية أخيراً أن المهندس المعماري البريطاني الشهير نورمان فوستر قال لغاليغو خلال زيارة المكان بعد تلقي جائزة أميرة أستورياس: «أنت أحق مني بهذه الجائزة».

وبعدما أوهنه المرض في السنوات الأخيرة، ترك خوستو مهمة استكمال ورشة عمره إلى منظمة «رسل السلام» الخيرية التابعة للأب أنخيل، وهو رجل دين معروف جداً في إسبانيا أخذ هذه المهمة على عاتقه.
بدأ خوستو المولود سنة 1925 في ميخورادا ديل كامبو في كنف عائلة مزارعين، تشييد هذا المحفل المكرس لـ«عذراء بيلار» في سن السابعة والعشرين بعدما اضطر لترك حياة الرهبنة والعودة إلى قريته.

وتقع الكاتدرائية في شارع أنتونيو غاودي (1852 - 1926) باني كنيسة «ساغرادا فاميليا» التي لم تنته ورشة تشييدها حتى اليوم بعد نحو 140 عاماً على بدئها في برشلونة.
وكان خوستو يمقت هذا المهندس المعماري الشهير لأنه أراد تقليد الطبيعة فيما كان جل ما يريده تشييد معبد روماني.
ويقول خوان كارلوس أرويو إن كاتدرائية ميخورادا ديل كابمو ستكون «أشبه بالأسلوب القوطي على الصعيد المعماري، بسبب أناقتها ومستواها المعماري»، لكنها ستشبه خصوصاً «أسلوب خوستو».

وواجهت هذه المنشأة أوضاعاً مناخية صعبة طوال فترة بنائها، وفق أرويو الذي يبدي اقتناعه بأنها لن تحتاج إلا إلى «تدخلات جراحية بسيطة».
ويبدو الأمر مفاجئاً بالنظر إلى المواد المستخدمة. ويوضح أرويو «اليوم باتت إعادة التدوير رائجة، لكن (خوستو) استخدمها قبل ستة عقود عندما لم يكن أحدهم يتحدث عن الموضوع» و«أنشأ أسلوباً جمالياً جذاباً».



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.