الكشف عن مجازر غير معروفة من أيام النكبة الفلسطينية

بعضها نُفّذ لغرض الترحيل وبعضها الآخر لغرض السرقة والنهب

كشف تحقيق صحافي إسرائيلي عن حصول مجازر غير معروفة ضد الفلسلطينيين من أيام النكبة. وفي الصورة، فلسطينيان خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية قرب كفر قدوم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
كشف تحقيق صحافي إسرائيلي عن حصول مجازر غير معروفة ضد الفلسلطينيين من أيام النكبة. وفي الصورة، فلسطينيان خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية قرب كفر قدوم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

الكشف عن مجازر غير معروفة من أيام النكبة الفلسطينية

كشف تحقيق صحافي إسرائيلي عن حصول مجازر غير معروفة ضد الفلسلطينيين من أيام النكبة. وفي الصورة، فلسطينيان خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية قرب كفر قدوم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
كشف تحقيق صحافي إسرائيلي عن حصول مجازر غير معروفة ضد الفلسلطينيين من أيام النكبة. وفي الصورة، فلسطينيان خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية قرب كفر قدوم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

رغم نشر مئات القصص عن مجازر ارتكبتها المنظمات الفلسطينية الصهيونية المسلحة في أيام النكبة الفلسطينية عام 1948، كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، شهادات ووثائق جديدة، قالت إنها تنشر للمرة الأولى، حول مجازر أخرى غير معروفة.
وقالت الصحيفة العبرية، في تحقيق مشترك مع «معهد عكفوت» (معهد اقتفاء الأثر)، إن الشهادات والوثائق التي بدأت تتراكم وتتكشف شيئاً فشيئاً، يمكن أن تشكل صورة أوسع عن المجازر التي نفذتها المنظمات الصهيونية، حتى عندما تحولت إلى جيش دولة يسمى «جيش الدفاع الإسرائيلي»، في ذلك الوقت. وأكدت أنه ما من شك في أن القيادة السياسية علمت أن مجزرة دير ياسين، التي نفذت في أبريل (نيسان)، وكان غرضها تخويف الفلسطينيين ودفعهم إلى الرحيل، لم تكن المجزرة الوحيدة وأن مجازر أخرى لا تقل فظاعة وقسوة نفذت في بلدات أخرى.
واستند تقرير الصحيفة بالأساس إلى رسائل ومذكرات كتبها الجنود ولم تنشر، إلى جانب بروتوكولات للأحزاب ومصادر أخرى عسكرية وسياسية سرية للغاية. وقدم التقرير عدة أمثلة عن المجازر المكتشفة حديثاً، وبينها: مجزرة نفذت في قرية الرينة المحاذية للناصرة، والتي احتلت في شهر يوليو (تموز) 1948، حيث تم اعتقال 14 شخصاً بالقرب من القرية وقتلهم بذريعة أنهم يعملون في التهريب. وكشفت شهادات عن مجزرة ارتكبت في قرية البرج على طريق القدس، والتي أقيمت على أنقاضها مدينة «موديعين» الإسرائيلية. وحسب الوثائق التي عثر عليها في أرشيف «يد يعاري»، بقي في القرية أربعة مسنين، حيث احتجز الجيش الإسرائيلي سيدتين، إحداهما مريضة، ورجلاً في منزل تم قصفه بقذيفة دبابة لكن القذيفة لم تصب المنزل، قبل أن يطلقوا النار عليهم ويقتلوهم ويحرقوا جثثهم، وعندما عاد المسن الرابع إلى القرية، أخبروه بأنه تم نقل الثلاثة إلى مستشفى رام الله، إلا أنه لم يقتنع، فأطلقوا عليه أربع رصاصات وقتلوه.
وأوردت الصحيفة تفاصيل جديدة عن مجزرة قرية «الحولة»، تستند إلى وثيقة مصدرها الأمين العام للحزب الشيوعي الإسرائيلي، النائب في البرلمان شاؤول ميكونس، الذي قدم استجواباً لرئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه ديفيد بن غوريون حول قتل عصابة «الإيتسيل» الإرهابية 35 عربياً رغم قيامهم بتسليم أنفسهم وهم يرفعون الرايات البيضاء. وتشير الوثيقة إلى أنه تم اقتيادهم كأسرى، من بينهم كبار في السن وأطفال، وأجبروا على حفر حفرة وتم دفعهم بقوة داخلها وطعنهم بالرماح وإطلاق الرصاص عليهم وقتلهم. وفي مكان آخر، كان 14 طفلاً يلعبون وتم إطلاق الرصاص عليهم، كما تعرضت فتاة (19 عاماً) للاغتصاب ببشاعة من قبل عصابة «إيتسيل»، قبل طعنها. وفي مجزرة أخرى، تم احتجاز 15 فلسطينياً داخل منزل وطلب منهم أن يقفوا بصف واحد وتم إعدامهم رمياً بالرصاص، وقد تم التأكد من موتهم بإطلاق الرصاص عليهم مرة أخرى.
ولفت التحقيق الصحافي إلى أن «المجازر استهدفت الفلسطينيين العزل، مسنين ونساءً وأطفالاً»، وأن «العمليات العسكرية نفذت في الشمال والجنوب، وخلال ثلاثة أيام احتل الجيش الإسرائيلي الجليل». وأشار إلى شهادة الشيخ طاهر الطبري، ابن بلدة طبريا الذي استقر في الناصرة بعد النكبة، ويقول فيها إن المجازر لم تستهدف فقط الترحيل؛ فقد نفذ بعضها لأن الجنود سرقوا الفلسطينيين. وقال إنه شخصياً استمع لشهادات عديدة من عائلات تعرضت لسرقة الأموال التي كانت بحوزتها، والتي قدرت بالمئات من عملة «الليرة» في حينه. وأضاف الطبري «خلال 30 ساعة تم احتلال عشرات القرى العربية في الشمال، وآلاف العرب هجروا من بيوتهم وقراهم، وغالبيتهم لم يشاركوا في الحرب مع جيش الإنقاذ العربي. هؤلاء دفعوا ثمن النكبة بالفتات من المال الذي تبقى لهم».
وأوضح تحقيق «هآرتس» أن 120 ألف فلسطيني بقوا في منطقة الشمال بعد احتلالها، من بينهم كبار السن والنساء والأطفال، والذين بات مصيرهم بيد الجيش الإسرائيلي، حيث ارتكبت بحقهم مجازر وجرائم حرب بشعة.



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».