«جمهوريو» فرنسا... إرث يميني معتدل ارتبط بشخصيات وطنية أبرزها شارل ديغول

ديغول  -  شيراك  -  ساركوزي
ديغول - شيراك - ساركوزي
TT

«جمهوريو» فرنسا... إرث يميني معتدل ارتبط بشخصيات وطنية أبرزها شارل ديغول

ديغول  -  شيراك  -  ساركوزي
ديغول - شيراك - ساركوزي

شكّلت الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة، التي انتهت بفوز الرئيس إيمانويل ماكرون على منافسته مرشحته اليمين المتطرف مارين لوبن، دليلاً دامغاً على التراجع الكبير الذي تعاني منه القوتان الكلاسيكيتان «المعتدلتان» يميناً ويساراً... أي اليمين الجمهوري الديغولي واليسار الاشتراكي الذي أعاد بناءه فرنسوا ميتران.
والحقيقان، أن الجنرال شارل ديغول وفرنسوا ميتران تركا بصماتهما على السياسة الفرنسية لعقود، حاضرَين أو غائبَين، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية... وعبر عمر «الجمهورية الخامسة» التي أسسها عملياً شارل ديغول.
حزب «الجمهوريون» الذي تطمع فاليري بيكريس إلى إعادته «حزب سلطة» طبيعياً بعد تراجع جاذبيته خلال العقدين الأخيرين، هو عملياً وريث «الديغولية» والتجسيد الفرنسي لمفاهيم «الديمقراطية المسيحية» المتوائمة مع الروح الوطنية من دون تشنج أو غلوّ أو عنصرية. إنه الموازي الفرنسي للديمقراطيين المسيحيين الألمان والإيطاليين (قبل تضعضع حزبهم وتشتته في إيطاليا) وتيار «الأمة الواحدة» المعتدل في حزب المحافظين البريطاني.
الحزب أُعيد تأسيسه تحت مسماه الحالي «الجمهوريون» يوم 30 مايو (أيار) 2015 في أعقاب إعادة تأسيس وتسمية حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» الذي كان قد أسس بدوره عام 2002 تحت قيادة الرئيس الأسبق جاك شيراك، أشهر ورثة الديغولية السياسة. وحتى بعد الانتخابات التشريعية (النيابية) عام 2017 ظل حزب «الجمهوريون» ثاني أكبر كتلة في «الجمعية الوطنية» (مجلس النواب الفرنسي)، بعد حزب الرئيس ماكرون «الجمهورية إلى الأمام!».
أما على الصعيد العقائدي، فقد تأثر الحزب بماضيه التراكمي ونزعات الشخصيات البارزة التي قادتها، وعلى رأسها بعد شيراك الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي (تولى الرئاسية بين2007 و2012). ولذا؛ فثمة من يعتبر أن ثمة أطيافاً داخل «الجمهوريون» تتراوح بين تيار ليبرالييي يمين الوسط وتيار اليمين المحافظ اجتماعياً واقتصادياً. والحقيقة، أن فكرتَي تغيير الاسم من «الاتحاد من أجل حركة شعبية» وتغيير البنية التنظيمية للحزب أطلقهما ساركوزي بعد عودته لترؤس الحزب، وذلك خلال نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014، وأقر الأمر في مايو 2015 بعد أخذ ورد ولغط شديدين.

في يوليو (تموز) عام 2016، أعلن ساركوزي اعتزامه الاستقالة من زعامة الحزب من أجل الترشح مجدداً لرئاسة الجمهورية، مرشحاً عن اليمين في انتخابات 2017 الرئاسية. وفي سبيل اختيار «الجمهوريون» مرشحهم الرسمي لتلك المعركة الانتخابية تقرر تنظيم انتخابيات أولية بين الطامحين للترشح بين زعماء الحزب، وبالفعل نظمت هذه الانتخابات الأولية التي خصص فيها حق التصويت لناشطي الحزب في نوفمبر 2016 وخاضها 7 من زعمائه وقادته، وبينهم إلى جانب ساركوزي رؤساء حكومات ووزراء سابقون، أما السبعة فهم: فرنسوا فييون، وآلان جوبيه، ونيكولا ساركوزي، وجان فرنسوا كوبيه، وناتالي كوسيوسكو - موريزيه، وبرونو لومير، وجان فريديريك بواسون.
ويومها انتهت الانتخابات الأولية بتصدّر فييون مجموعة المتنافسين، جامعاً أكثر من 44 في المائة من الأصوات، تلاه جوبيه بـ28.6 في المائة. وبالتالي، تأهل الرجلان، وهما من رؤساء الحكومات، إلى التصفية الثانية الحاسمة التي فاز بها فييون بـ66.5 في المائة من الأصوات. وبناءً عليه؛ تبنى الحزب ترشيحه عنه. غير أن فييون أخفق خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية عام 2017، التي تصدرها ماكرون ومارين لوبن، ومن ثم، بعد تأهل المتصدرين للجولة الحاسمة، فاز ماكرون بأصوات الوسط ويسار الوسط واليسار ودخل قصر الإليزيه رئيساً لفرنسا.
أما معركة الترشيحات الأخيرة لانتخابات 2022، التي شهدت فوز فاليري بيكريس بترشيح «الجمهوريون»، فإن الصراع الحاسم دار بينها وبين إريك لاسيوتي، الذي وقف خلفه غلاة اليمين المتشدد، لكن باقي أجنحة الحزب المعتدلة أيدت بيكريس ففازت بالترشيح. وما يستحق الذكر، أن بيكريس، بهذا الإنجاز، غدت أول امرأة تمثل اليمين الكلاسيكي تتأهل لخوض الانتخابات الرئاسية في فرنسا. وما يستحق الذكر، أنه دُعي نحو 140 ألف منتسب إلى التصويت لاختيار مرشح الحزب إلكترونياً.
هذا، ووفق بعض وكالات الأنباء، جاء في تعليق لرئيس «الجمهوريون» كريستيان جاكوب قوله السبت الفائت «إننا نخطو الخطوة الأولى على الطريق التي ستؤدي بنا إلى الانتصار». وأردف على وقع تصفيق الناشطين في مقر الحزب «لقد وجد اليمين نفسه مجدداً، إنه شعبي ومتضامن... مع فريق فرنسي فعلي مستعد لقيادة بلادنا».



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»