«هلا 96» إذاعة سودانية شبابية مُنعت عن الكلام لستة أسابيع بأمر من السلطات

مدير الإنتاج في إذاعة "هلا 96" السودانية يجلس في مكتبه في مقر المحطة بالعاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)
مدير الإنتاج في إذاعة "هلا 96" السودانية يجلس في مكتبه في مقر المحطة بالعاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

«هلا 96» إذاعة سودانية شبابية مُنعت عن الكلام لستة أسابيع بأمر من السلطات

مدير الإنتاج في إذاعة "هلا 96" السودانية يجلس في مكتبه في مقر المحطة بالعاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)
مدير الإنتاج في إذاعة "هلا 96" السودانية يجلس في مكتبه في مقر المحطة بالعاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)

أوقفت السلطات السودانية بث إذاعة «هلا 96» الشبابية مدة 46 يوما بعد الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد في 25 أكتوبر (تشرين الأول).
يقول خالد يحيى مدير الإنتاج في هذه الإذاعة السودانية في مقرها المطل على فرع النيل الأزرق في الخرطوم لوكالة الصحافة الفرنسية، «بعد إيقاف الإذاعة راودني شعور الشخص الذي كانت لديه القدرة على النطق وفجأة توقفت... إنه شعور مؤلم».
وكان قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان نفذ انقلابا عسكريا في السودان في الخامس والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) عندما حل كل مؤسسات السلطة الانتقالية وأطاح بشركائه المدنيين الذين كان يتقاسم معهم السلطة بموجب اتفاق أبرم العام 2019 عقب إطاحة عمر البشير. ومنذ ذلك الحين، تشهد شوارع العاصمة وبعض الولايات احتجاجات مستمرة تطالب بالحكم المدني.

وتزامنا مع قرارات البرهان، أوقف الجيش بث إذاعات الموجات القصيرة ومن بينها «هلا 96» و«مونت كارلو» و«بي بي سي»، كما اعتقل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والكثير من أعضاء حكومته والسياسيين، إلا أن حمدوك عاد إلى السلطة بموجب اتفاق سياسي أبرم في الحادي والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) لم يرض الجميع ووصفه البعض بأنه «خيانة».
وتتولى السلطة في السودان حكومة انتقالية حتى إجراء الانتخابات العامة في يوليو (تموز) 2023.
ورفضت وزارة الإعلام تجديد رخصة الخدمة العربية لإذاعة «مونت كارلو» التي تبث من باريس فيما حظرت الخدمة العربية لهيئة «بي بي سي».
وقال أبي عبد الحليم مدير البرامج في إذاعة «هلا 96»، «عادت جميع الإذاعات إلى العمل بعد مرور أسبوعين (على الانقلاب) باستثناء هلا وبي بي سي ومونت كارلو».

وأوضح عبد الحليم أنه «عندما سألنا السلطات عن السبب، تمت إحالتنا إلى ضابط جيش قال إنه لديه توجيهات من جهات عليا بسبب خط الإذاعة»، في إشارة إلى رفض المحتوى.
وسمح لإذاعة «هلا 96» باستئناف البث الخميس.
تأسست إذاعة «هلا 96» في العام 2014 في ظل حكم البشير وتبث برامجها يوميا على مدار الساعة، وتتمحور على قضايا السياسة والثقافة والرياضة والمنوعات.
وأشار عبد الحليم إلى أن الإذاعة توقفت عن بث برامجها الاعتيادية عندما بدأت الاحتجاجات الشعبية ضد البشير «ورحنا نبث الأغاني الوطنية والحماسية، لكننا لم نتعرض للإيقاف إلا مرة واحدة مدتها 24 ساعة».
ويعمل في الإذاعة 35 من الصحافيين ومقدمي البرامج والفنيين والإداريين كلهم دون سن الأربعين.
وحسب الإحصاءات الرسمية في السودان، يمثل الشباب أو من هم دون سن الأربعين نسبة 68 في المائة من التعداد الكلي لسكان البلاد والذي يبلغ نحو 48 مليون نسمة.

والأربعاء، نظم عشرات الصحافيين السودانيين وقفة احتجاجية أمام مبنى الإذاعة ورفعوا لافتات كتب عليها «لا لاعتقال الأثير» و«أطلقوا حرية هلا 96».
وطوال حكم البشير ظل السودان يقبع في المرتبة 174 من أصل 180 في مؤشر منظمة «مراسلون بلا حدود» لحرية الصحافة. وعقب الإطاحة بالبشير تحسن ترتيب السودان الذي احتل المرتبة 159 في المؤشر.
وفي بيان أصدرته الشهر الماضي، أشارت المنظمة الدولية إلى أن «الصحافيين السودانيين في حالة حصار منذ يوم وقوع الانقلاب وهذا ما يضع السودان في حالة عزلة عن العالم».
والأسبوع الماضي، قدم أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة تقريره إلى مجلس الأمن الدولي قال فيه إن «الحكومة السودانية في حالة عداء مع الصحافيين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».