مأرب تدخل جبهة الصراع من بوابة صرواح.. والجيش الموالي للشرعية يتدخل

طيران التحالف يقصف تجمعات الحوثيين في معاشيق وإب وصعدة وصنعاء * مصادر حقوقية يمنية: صالح ورط الحوثيين وخسروا سياسيا وعسكريا وأخلاقيا

الدخان يتصاعد من مبان في محافظة إب أمس استهدفتها غارة جوية من التحالف (رويترز)
الدخان يتصاعد من مبان في محافظة إب أمس استهدفتها غارة جوية من التحالف (رويترز)
TT

مأرب تدخل جبهة الصراع من بوابة صرواح.. والجيش الموالي للشرعية يتدخل

الدخان يتصاعد من مبان في محافظة إب أمس استهدفتها غارة جوية من التحالف (رويترز)
الدخان يتصاعد من مبان في محافظة إب أمس استهدفتها غارة جوية من التحالف (رويترز)

فجر المسلحون الحوثيون، أمس، في اليمن جبهة جديدة في الصراع العسكري الدائر في معظم محافظات البلاد، إذ اندلعت مواجهات مسلحة في مديرية صرواح بين رجال القبائل، من جهة، والميليشيات الحوثية، من جهة أخرى، وأكدت مصادر محلية سقوط قتلى وجرحى في المواجهات، وقالت المصادر ل«الشرق الأوسط» إن «اللواء العسكري (312) المرابط في المنطقة، شارك في القتال إلى جانب رجال القبائل، وإن رجال القبائل تمكنوا من أسر عدد من المقاتلين الحوثيين»، وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أصدر قرارا، الثلاثاء الماضي، قضى بتعيين اللواء الركن عبد الرب الشدادي، قائدا للمنطقة العسكرية الثالثة، قائدا للواء 312 المرابط في صرواح، وتعد مأرب من المحافظات اليمنية التي أعلنت تأييدها للشرعية في اليمن، ممثلة في الرئيس هادي، وقالت مصادر قبلية في مأرب إن «طيران التحالف استهدف بغاراته موقعا للميليشيات الحوثية في منطقة براقش بمديرية مجزر، وفي السياق ذاته»، قالت مصادر قبلية بصنعاء إن قبائل بني ضبيان (خولان) أعلنت تأييدها للشرعية وتعهدت بالدفاع عنها، وذكرت المصادر أن المئات من مقاتلي القبيلة توافدوا، أمس، على مطارح قبائل مأرب للانضمام إلى المقاتلين هناك.
وفي التطورات في عدن، أكدت مصادر ميدانية، اعتقال المقاومة الشعبية في عدن لعدد من القناصة التابعين لتحالف الحوثي – صالح في مدينة عدن، ويعاني سكان عدن والمدن والمحافظات الجنوبية من انتشار القناصة الذين ينتمون لقوات الحرس الجمهوري الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، في الوقت الذي قصف طيران التحالف مواقع قرب قصر معاشيق الرئاسي في عدن، والتي يتمركز فيها الحوثيون، وقالت مصادر ميدانية ل«الشرق الأوسط» إن معارك أقرب إلى حرب الشوارع دارت، أمس، في حي كريتر بين المقاومة الشعبية وعناصر الميليشيا الحوثية وجنود صالح، وذلك بعد فرار تلك الميليشيا والجنود من القصف الذي استهدف قصر الرئاسة، وذكرت المصادر أن أحياء كريتر تعرضت لقصف عنيفة وعشوائي من قبل الحوثيين واستهدف القصف المنازل، وجاء هذا القصف ردا على قصف قوات التحالف لمواقع الميليشيا.
وذكرت المصادر أن الميليشيات تقلص وجودها في حي المعلا بصورة كبيرة، وباتت محصورة، في الوقت الذي أكدت مصادر محلية في محافظة تعز ل«الشرق الأوسط» أن المعسكرات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، أرسلت، أمس، تعزيزات عسكرية قدرت بمئات المقاتلين وعشرات الدبابات والتي أقامت معسكرا في منطقة مثلث العند والكائن قرب قاعدة العند العسكرية المهمة والتي فر منها الحوثيون، قبل أيام، تحت وطأة الضربات الجوية لقوات التحالف، وتمكنت هذه التعزيزات من الوصول إلى تلك المنطقة القريبة من عدن، رغم الكمائن التي يقوم مسلحو القبائل بنصبها لتلك التعزيزات على طريق تعز – عدن.
وفي المشهد السياسي في الساحة بعدن، ما زال المواطنون يتساءلون عن طبيعة الأسباب الكامنة وراء شن الحوثيين لحرب على الجنوب ومشاركتهم الرئيس المخلوع في ذلك، وتؤكد هذه الأوساط أن الأسباب التي ساقها الحوثيون بشأن محاربتهم للإرهاب واهية، لأنهم وفروا له الغطاء للسيطرة على محافظة حضرموت، وقال محمد قاسم نعمان، رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، عضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل ل«الشرق الأوسط» إنه نستطيع القول إن الحوثيين أقحموا المشاركة في هذا العدوان على الجنوب وعلى مدينة عدن من قبل الرئيس السابق علي عبد الله صالح وتوابع نظامه ونجح في توريطهم في المشاركة في هذه الجريمة ليقطع دابر تلك العلاقة التي حاول الحوثيون أثناء مؤتمر الحوار نسجها مع الجنوبيين المشاركين في مؤتمر الحوار وعبروا من خلالها على دعمهم لمطالب الجنوبيين، ويؤكد نعمان أن المتابع لتطورات المشهد اليمني يصل إلى نتيجة وهي ضعف خبرات الحوثيين في العمل السياسي واستنادهم إلى خبراء إيرانيين ولبنانيين ليسوا ملمين بالوضع اليمني ولديهم خبرات نظرية في السياسة مع خبث ودهاء علي صالح ومن لف لفه من بقايا نظامه المتعفن، إنهم قد تورطوا في الدخول إلى هذا المستنقع بتوسعهم في المحافظات وخصوصا المحافظات الجنوبية ومدينة عدن بوجه خاص، وأشار الحقوقي اليمني إلى أن الحوثيين تورطوا أكثر في المشاركة بالجرائم الإنسانية المتمثلة باستهداف المدنيين ومنازلهم ومساكنهم وبذلك نجدهم قد خسروا عسكريا وسياسيا وأخلاقيا.
من جهة ثانية، استأنف طيران قوات التحالف في عملية «عاصفة الحزم»، أمس، ضرباته على الكثير من المحافظات اليمنية، فقد استهدف القصف بعض المواقع العسكرية في العاصمة صنعاء، إضافة إلى مواقع كثيرة في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي، وفي محافظة إب أكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن طائرات التحالف قصفت، عصر أمس، استاد «22 مايو» الرياضي بوسط المدينة والذي يعد المركز الرئيسي لتجمع الحوثيين منذ اجتياحهم للمحافظة قبل بضعة أشهر، وذكر الشهود أن انفجارات كانت عنيفة هزت، أيضا، الصالة الرياضية في عين المكان، ودوت سلسلة من الانفجارات عقب القصف، حيث تشير المصادر المحلية إلى أن الحوثيين قاموا بتخزين كميات كبيرة من الأسلحة في تلك الصالة منذ وصولهم إلى المحافظة، وأكدت المصادر سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف ميليشيات الحوثيين في إب جراء القصف.
من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح وجماعة الحوثي، يكثفون تجنيد الشباب والمقاتلين في المناطق الشمالية ذات الكثافة السكانية، وحسب المصادر أنه وبعد أن استنفد الحوثيون وصالح مبرر وجود دواعش وتكفيريين في الجنوب لإقناع الشباب بالمشاركة في القتال، فإن تحالف الحوثي – صالح بدأ في استخدام طريقة أخرى في تجنيد الشباب وتتمثل في وعود بغنائم من الجنوب، كما حدث في حرب صيف عام 1994، عندما نهبت المحافظات الجنوبية على يد القوات الشمالية والميليشيات القبلية الموالية لها فيما عرف فيما بعد بـ«الفيد»، وحسب المصادر فإنه وضمن الوعود التي يسوقها صالح لبعض القبائل، إلى جانب النهب، تجنيد المئات أو الآلاف من أبناء القبائل في قوام القوات المسلحة والأمن بعد تحقيق الانتصار، على حد تعبير المصادر التي استقت هذه المعلومات من داخل التحالف، إلا أن هذه المصادر أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن نسبة الاستجابة لدعوة الحوثيين وصالح متدنية للغاية بسبب عدم اقتناع قطاع واسع من الشعب اليمني بمبررات الحرب ورفضهم لتدخلات إيران وتأكيدهم على أن المملكة العربية السعودية لا يمكن أن تتدخل سوى لما فيه مصلحة اليمن وليس لما يضر بالشعب اليمني.
من جهة ثانية، ما زالت عملية كشف وجود مقاتلين إيرانيين ومن حزب الله في صفوف ميليشيات الحوثيين في جنوب اليمن، تتفاعل في الساحة اليمنية، حيث اعتبر، فؤاد راشد، القيادي في الحراك الجنوبي أن ما جرى من اعتقال ضباط أجانب إيرانيين ومن حزب الله يقاتلون مع الحوثيين وعفاش في عدن ومدن الجنوب، هو من قبيل تأكيد المؤكد ذلك أن علاقة الحوثيين بهذه الجهات علاقات غير مستترة في واقع الإعلان ومد هذه الجهات بالسلاح والمال أمر معروف وكلنا نتذكر البواخر الإيرانية التي جرى ضبطها في البحار قبل سنوات محملة بالأسلحة وهي متجهة للحوثيين، وأضاف راشد لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا التدخل الأجنبي في هذه الحرب التي تشن فصولها الآن على أرض الجنوب لهو أمر مؤسف وتسقط أوراق التوت عن إيران وحزب الله بشأن عدم تدخلهما في اليمن فهما متورطان حتى النخاع وكل هذا لا يثني المقاومة الجنوبية عن تصديها للمعتدين».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.