بحاح.. من الإقامة الجبرية إلى الرجل الثاني في اليمن

بحاح.. من الإقامة الجبرية إلى الرجل الثاني في اليمن
TT

بحاح.. من الإقامة الجبرية إلى الرجل الثاني في اليمن

بحاح.. من الإقامة الجبرية إلى الرجل الثاني في اليمن

ينتمي خالد بحاح إلى محافظة حضرموت، بجنوب شرقي اليمن، وكان يشغل منصب مندوب اليمن في الأمم المتحدة، قبل أن تتم تسميته رئيسا لحكومة الكفاءات التي شكلها ولم تستمر في عملها سوى 3 أشهر، واصطدمت بتحركات الحوثيين الانقلابية على سلطة وشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، وخضع الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس حكومته خالد بحاح وعدد كبير من أعضاء الحكومة للإقامة الجبرية منذ 22 يناير (كانون الثاني) المنصرم، عقب تقديمه لاستقالته إلى الرئيس هادي الذي بدوره استقال من منصبه في رسالة إلى البرلمان، قبل أن يتراجع عن استقالته عندما تمكن في 21 فبراير (شباط) الماضي من مغادرة إقامته الجبرية في صنعاء، في عملية ما زالت غامضة حتى الآن، وتوجه إلى عدن.
وكان الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي أصدر، أمس، قرارا بتعيين نائب له، وسمى هادي المهندس خالد محفوظ بحاح، رئيس الحكومة اليمنية، نائبا له مع الاحتفاظ بمنصبه رئيسا للوزراء، وجاء تعيين بحاح بعد أيام من وصوله إلى السعودية وبعد أقل من شهر على رفع الحوثيين الإقامة الجبرية عنه وعن عدد من وزرائه في حكومة الكفاءات، وغادر بحاح اليمن، الشهر الماضي، عقب رفع الإقامة الجبرية، إلى الولايات المتحدة، وأكد قبيل مغادرته أنه سوف يعود في الوقت المناسب، وأكدت مصادر في الساحة اليمنية أن قرار تعيين بحاح «جاء في الوقت المناسب» وأن بحاح «يحظى بتوافق من كل القوى السياسية اليمنية، نظرا لمهنيته العالية في قيادة الحكومة اليمنية قبل الانقلاب الحوثي على السلطة».
وحظي بحاح باحترام كبير في الساحة اليمنية ودول الإقليم والعالم، نظرا لهدوئه وعقلانيته وفهمه لطبيعة الأوضاع السياسية والاقتصادية للبلاد، وحسب مقربين منه، فقد كانت لديه مشاريع اقتصادية كبيرة لإخراج اليمن من أزماته المتلاحقة، غير أن الأزمات السياسية وتسارع مسلسل التمرد الحوثي، قضى على تلك المشاريع، ويقول أحد المقربين من بحاح لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم يخضع لابتزاز الحوثيين خلال فترة الإقامة الجبرية أو إغراءاتهم له ورفض، بشكل قوي، رئاسة حكومة تسيير أعمال وفضل الإقامة الجبرية عليها أو السجن».
وكانت «الشرق الأوسط» الصحيفة الوحيدة التي تحدث إليها بحاح عندما زارته في منزله بصنعاء في 15 مارس (آذار) الماضي، قبل يومين من رفع الإقامة الجبرية عنه، وقال حينها بحاح إن «على المجتمع اليمني القيام بتحركات شعبية وشبابية من أجل أخذ زمام المبادرة وإنهاء كل الأوضاع غير الطبيعية. وذكر أن مركز الحكم في اليمن معلول وسيظل معلولا لفترة طويلة»، في إشارة إلى العاصمة صنعاء، ودعا أبناء الأقاليم والمحافظات اليمنية إلى الانتباه إلى أقاليمهم ومحافظاتهم والعمل على تنميتها وبنائها والحفاظ عليها، في ظل الظروف الراهنة. وأشار إلى أن الهرم مقلوب في اليمن، فالاهتمام لم يبدأ بالأسفل، المديريات ثم المحافظات ثم المركز، لكنه انصب على المركز وهو العاصمة صنعاء. وقال إن «المركز كعادته يكون أنانيا، لكن على أبناء الأقاليم الاهتمام بها»، حسبما نشر في «الشرق الأوسط» في 16 مارس الماضي.
وخالد محفوظ بحاح من مواليد عام 1965، في الديس الشرقية بحضرموت ودرس في عدن وعمل في شركات خاصة وتسلم عددا من المناصب الحكومية، منها وزيرا للنفط وسفيرا لليمن لدى كندا وغيرها من المهام الحكومية، قبل اختياره رئيسا لحكومة الكفاءات في أكتوبر (تشرين الأول) 2014، ولم تعمل حكومته سوى بضعة أشهر، وتعتقد أوساط يمنية أن تعيين بحاح، في الوقت الراهن، يمثل أهمية قصوى كونه ينتمي إلى المحافظات الجنوبية وسوف يساهم في حمل بعض المهام الملقية على عاتق هادي في المرحلة الراهنة والمراحل المقبلة، خاصة بعد الانتهاء من التمرد الحوثي وبدء مرحلة إعادة الإعمار.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.