أحزاب ترفض «مصادرة» حق اللييبين في اختيار رئيسهم

أعلنت عن تخوفها من عرقلة الاستحقاق المرتقب

TT

أحزاب ترفض «مصادرة» حق اللييبين في اختيار رئيسهم

أعربت أحزاب وكتل سياسية ليبية عن تخوفاتها من محاولة بعض الأطراف عرقلة الانتخابات الرئاسية والنيابية، المقررة في 24 من الشهر الحالي، محذرة من «عواقب الإقدام على ذلك»، و«تبعات مصادرة حق الشعب في اختيار من يمثله، ويتولى مهام سلطة إدارة الدولة». ويُفترض أن تجرى الانتخابات قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لكن إلى الآن لم تُصدر المفوضية العليا القوائم النهائية للمرشحين للبدء في الحملات الانتخابية للمتنافسين. ودعت مجموعة من الأحزاب والكتل السياسية في ليبيا، أمس، إلى ضرورة انتخاب رئيس للبلاد من الشعب «دون مماطلة أو عرقلة»، حفاظاً على المسار الديمقراطي ووحدة البلاد، وتنظيم السلطات التنفيذية، لافتين إلى أن هذا الاستحقاق «سيمنع تكرار مأساة الخلط بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، التي عانت منها ليبيا طوال العقد الماضي».
ووقّعت هذه الأحزاب والكتل السياسية على بيان، نبهت فيه إلى أن «أي محاولة داخلية، أو خارجية لعرقلة انتخاب رئيس للبلاد ستمثل تكريساً لهذا الواقع، الذي لا يقبل به الشعب»، وزادت من تحذيرها، مؤكدة أن أي تأجيل أو تأخير «لن يخلق ظروفاً أفضل، وسوف يكون مدعاة لزيادة تعقيد المشهد، ويبعد احتمال تنفيذ الانتخابات».
وجاءت هذه التحذيرات غداة مطالبة 17 عضواً بـ«ملتقى الحوار السياسي» الليبي، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، و«مؤتمر برلين» بسرعة التدخل لتصحيح مسار العملية السياسية في البلاد، التي رأوا أنها «أوشكت على الانهيار»، كما دعوا إلى تغيير طاقم البعثة الأممية لدى البلاد «لارتباط بعض أفرادها بأطراف الصراع». وفيما يتعلق باعتصام بعض المواطنين بمحيط المفوضية العليا للانتخابات في العاصمة طرابلس، أدانت الأحزاب والكتل السياسية بشدة «التعدي على المفوضية وعرقلة عملها»، مشيرة إلى أنها لن تقبل «المساس باستقلالية القضاء ولا تهديده، أو محاولة التأثير عليه». ورأت أن المشكلة «نابعة من عدم الالتزام بالقوانين والتحايل عليها، وعدم احترامها، ومأساة الوطن نابعة من الطمع في نهب ثرواته، وتضارب مصالح المجموعات المسلحة غير المنضبطة، واستمرار نفوذ الأجسام السياسية، التي فقدت شرعيتها وأفسدت المشهد السياسي».
ورأت هذه الأحزاب والكتل أنه «أصبح جلياً أن شرعية كل الأجسام التنفيذية والتشريعية الحالية باتت منتهية، وأن ثقة الشعب بها تزعزعت، ولا يمكن القبول باستمرارها بعد نهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، متوعدة بأن «محاولات إطالة عمر هذه الأجسام لن يمر مرور الكرام؛ وذلك لكي لا يزداد الوضع السياسي تعقيداً مستقبلاً، ويكون مدعاة لانتشار العنف، والاقتتال من جديد لا قدر الله». ورحّب الموقعون على البيان، ومن بينهم أحزاب «الحركة الوطنية» و«المدني الديمقراطي»، بإعادة تكليف الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ويليامز مستشارةً للأمين العام للأمم المتحدة، وأكدوا على أهمية «وقوف المجتمع الدولي مع ليبيا ومساندته لوحدتها وسيادتها، واستقرارها بإخراج القوات الأجنبية و(المرتزقة) ودعمه لخيار المسار الديمقراطي، وعودة الحق للشعب كمصدر للسلطات». منبهين إلى ضرورة «ألا تكون هذه المساندة مخالفة لإرادة الشعب، أو متماهية مع مجموعات تريد الاستئثار بالسلطة، وتفسد المشهد السياسي». وقالت المحامية أمل بوقعيقيص إن العيب ليس في المفوضية؛ «لكن في القوانين الانتخابية، التي وضعها مجلس النواب، وأجهض بها حلم الشعب في تجديد الشرعية السياسية»، متهمة المبعوث الأممي المستقيل يان كوبيش بأنه «ضرب بخريطة الطريق عرض الحائط».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.