ذوو الاحتياجات الخاصة يتظاهرون في الخرطوم مطالبين بالحكم مدني

TT

ذوو الاحتياجات الخاصة يتظاهرون في الخرطوم مطالبين بالحكم مدني

سيّر ذوو الاحتياجات الخاصة موكباً نوعياً حاشداً وسط العاصمة السودانية «الخرطوم» للتعبير عن رفضهم للانقلاب العسكري على الحكم المدني في البلاد الذي نفذه قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وحل بموجبه الأجهزة الانتقالية في البلاد.
وانطلق الحشد الذي شارك فيه المئات من أمام المجلس القومي لذوي الإعاقة إلى تقاطع شارع المك مع شارع البلدية، بالخرطوم، إذ نفذوا وقفة احتجاجية، رفعوا خلالها لافتات ورددوا شعارات مناوئة للانقلاب العسكري.
وقتل محمد عيسى ماكور، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، برصاصة في الرأس أبان تصاعد الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، ويعد من أوائل القتلى في ديسمبر (كانون الأول) 2018، وسقط خلال الاحتجاجات ضد البشير، والانقلاب الذي نفذه قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، مئات القتلى والمصابين.
وقالت منى قاسم من ذوي الاحتياجات الخاصة لـ«الشرق الأوسط»: خرجنا في موكب سلمي ضد الانقلاب العسكري والاتفاق السياسي الموقع بين قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، ونعتبره امتداداً للإجراءات الانقلابية التي انقضت على الشرعية الدستورية في البلاد.
وأضافت: «إن وقفتنا اليوم لرفض العنف الذي تمارسه القوات النظامية ضد المتظاهرين السلميين، والذي تسبب في زيادات الإعاقات».
وقالت إن ذوي الإعاقة جزء من الشعب السوداني، وليسوا فئة منفصلة، وخروجهم اليوم من أجل عودة الحكم المدني الذي يحفظ حقوقهم المهضومة في الأنظمة العسكرية التي حكمت البلاد منذ الاستقلال.
وأضافت: اخترنا الاحتفال باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الذي يصادف 3 من ديسمبر (كانون الأول) من كل عام، بتنظيم موكب سلمي نسبة للظروف التي تمر بها البلاد، وتعبيراً عن رفضنا للانقلاب العسكري.
وشارك في التظاهرات أصحاب الإعاقات البصرية والذهنية والحركية والسمعية، بالإضافة إلى العشرات من مصابي الثورة والانقلاب العسكري الذين تعرضوا لإصابات جسيمة في مناطق متفرقة من الجسم تسببت للكثير منهم بإعاقات دائمة. وشهدت أحداث فض الاعتصام أمام القيادة العامة في 3 من يونيو (حزيران) 2019، حادثة بشعة، إذ تعرض، عمار الدريردي، من ذوي الإعاقة الذهنية المركبة (الذهنية والسمعية) إلى الاعتقال والتعذيب بواسطة الأجهزة الأمنية، تسببت في وفاته.
ورفع الآلاف من المتظاهرين في مليونية 6 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي الأعلام البنفسجية تضامناً مع ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين شاركوا بفعالية في كل الاحتجاجات التي شهدتها البلاد.
وحمّل ذوو الإعاقة لافتات تطالب بالدولة المدنية الدولة، وتحث المتظاهرين على مواصلة الاحتجاجات حتى سقوط الانقلاب العسكري. وعبر المئات من المتظاهرين عن رفضهم الاتفاق السياسي الذي وقعه قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، في 21 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.