«النقد الدولي» يطالب السياسيين اللبنانيين بالتوافق على الخطة الاقتصادية

الرئيس نجيب ميقاتي خلال اجتماعه أمس مع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في لبنان (الوطنية)
الرئيس نجيب ميقاتي خلال اجتماعه أمس مع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في لبنان (الوطنية)
TT

«النقد الدولي» يطالب السياسيين اللبنانيين بالتوافق على الخطة الاقتصادية

الرئيس نجيب ميقاتي خلال اجتماعه أمس مع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في لبنان (الوطنية)
الرئيس نجيب ميقاتي خلال اجتماعه أمس مع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في لبنان (الوطنية)

أعرب وفد صندوق النقد الدولي أمس عن استعداده لمساعدة لبنان على برنامج متكامل يمكنه من مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة، ويشمل برنامج التعافي الإصلاحات في المالية العامة، وقطاع المصارف ومصرف لبنان، والإصلاحات الهيكلية، والسياسة النقدية.
وبدأت بعثة صندوق النقد الدولي أمس جولتها على المسؤولين اللبنانيين، للبحث في «برنامج التعافي» والاتفاق على تفاصيله الأساسية، وضمت البعثة المدير المساعد لصندوق النقد تانوس أرفانيتيس، والرئيس الجديد لبعثة الصندوق في لبنان إرنستو ريغو راميريز ومسؤولين آخرين.
وأكد أرفانيتيس للرئيس اللبناني ميشال عون «استعداد الصندوق للاستمرار في مساعدة لبنان على وضع برنامج متكامل يمكنه من مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة»، لافتاً إلى أن «مثل هذا البرنامج يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف الحكوميين والسياسيين والتوافق فيما بينهم لدعم الخطة الاقتصادية الشاملة والمتكاملة التي تعيد الثقة بالواقع الاقتصادي اللبناني».
وعدد الأسس التي يفترض أن تستند إليها هذه الخطة، مشدداً على «ضرورة الإسراع في العمل»، واضعاً «إمكانات الصندوق في تصرف لبنان لهذه الغاية».
وأكد الرئيس اللبناني «التزام لبنان بوضع خطة إصلاحية قابلة للتنفيذ والتعاون مع صندوق النقد الدولي من أجل إقرارها بسرعة من خلال المحادثات التي ستجري بين الجانبين اللبناني والدولي».
وأطلع الرئيس عون الوفد على «المراحل التي قطعتها عملية الوصول إلى بدء التحقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان لتحديد الخسائر والمسؤوليات تمهيداً لتوزيع هذه الخسائر»، لافتاً إلى «العراقيل التي وضعت في طريق هذا العمل الإصلاحي الضروري، إضافة إلى متابعته التدقيق المالي الجاري من مؤسستي التدقيق «أوليفر وإيمان» و«KPMG».
وشدد على «إعطاء الأولوية للمسائل الاجتماعية والصحية ومواجهة حالات الفقر، والمضي في إصلاح البنى التحتية في البلاد مثل الكهرباء والاتصالات وإعادة تأهيل مرفأ بيروت، فضلاً عن المشاريع المائية والسدود وغيرها، من دون تجاهل ما لقطاع الخدمات من أهمية في الاقتصاد اللبناني، إضافة إلى قطاعي الصناعة والزراعة».
وأكد عون أن بعثة صندوق النقد الدولي «ستكون على تواصل دائم مع المسؤولين اللبنانيين المعنيين للوصول إلى توافق على بنود الخطة الإصلاحية التي ستحقق تدريجياً النهوض الاقتصادي الموعود».
وكان وفد الصندوق الدولي برئاسة راميريز، قد زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السراي، وتم البحث في إطار الاتفاق على برنامج التعافي والتفاصيل الأساسية التي سيشملها، وهي: المالية العامة، قطاع المصارف، مصرف لبنان، الإصلاحات الهيكلية، والسياسة النقدية. وأبدى الوفد الاستعداد لمساعدة لبنان في التوصل إلى اتفاق للخروج من أزمته الحالية.
وكانت حكومة الرئيس حسان دياب قد أقرت في 30 أبريل (نيسان) من العام الماضي خطتها الاقتصادية - المالية وتضمنت إصلاحات طالت إدارة الدولة، والسياسة المالية، والقطاع المالي، والمصرف المركزي، والحساب الجاري، وميزان المدفوعات. وبدأت المفاوضات مع ممثلي صندوق النقد الدولي في مايو (أيار) من العام الماضي، لكن برز اختلاف في الأرقام المتعلقة بالقطاع المالي والمصرفي بين أرقام مصرف لبنان وأرقام وزارة المالية.
وتوقفت المفاوضات مع استقالة حكومة حسان دياب في أغسطس (آب) من عام 2020 وتستكمل الآن حكومة ميقاتي المفاوضات مع صندوق النقد للتوصل إلى اتفاق على برنامج التعافي.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.