ميركل ذاهبة اليوم إلى القراءة... والنوم

قادة أحزاب الاشتراكيين والخضر والليبراليين أمس خلال توقيع اتفاق الائتلاف الحكومي الذي سيتسلم الحكم بعد رحيل أنجيلا ميركل عن المستشارية اليوم (أ.ف.ب)
قادة أحزاب الاشتراكيين والخضر والليبراليين أمس خلال توقيع اتفاق الائتلاف الحكومي الذي سيتسلم الحكم بعد رحيل أنجيلا ميركل عن المستشارية اليوم (أ.ف.ب)
TT

ميركل ذاهبة اليوم إلى القراءة... والنوم

قادة أحزاب الاشتراكيين والخضر والليبراليين أمس خلال توقيع اتفاق الائتلاف الحكومي الذي سيتسلم الحكم بعد رحيل أنجيلا ميركل عن المستشارية اليوم (أ.ف.ب)
قادة أحزاب الاشتراكيين والخضر والليبراليين أمس خلال توقيع اتفاق الائتلاف الحكومي الذي سيتسلم الحكم بعد رحيل أنجيلا ميركل عن المستشارية اليوم (أ.ف.ب)

حتى الساعات الأخيرة قبل أن تغادر منصبها، بقيت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل منشغلة بمهامها الرسمية، تتصل بزعماء العالم من مكتبها داخل مقر المستشارية الألمانية قبل أن تغادره اليوم للمرة الأخيرة وتسلمه لخليفتها أولاف شولتز المستشار الألماني الجديد.
وشاركت ميركل ليل الاثنين باجتماع عبر الهاتف مع الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسي حكومة بريطانيا بوريس جونسون وإيطاليا ماريو دراغي، تناول التطورات في أوكرانيا والحشد العسكري الروسي على حدودها.
وتغادر ميركل منصبها بعد 16 عاماً و15 يوماً، لتتقاعد في سن الـ67، وتكون قد حكمت لبضعة أيام أقل من مرشدها هلموت كول الذي وحد ألمانيا وحكمها لـ16 عاماً و26 يوماً. وتترك ميركل خلفها هموماً سياسية بقيت عالقة، من الأزمة الأوكرانية - الروسية إلى أزمة «كورونا» التي طغت على عاميها الأخيرين في السلطة. ولكن رغم ذلك، فهي تغادر السياسة من دون عودة، كما أكدت في آخر مقابلة أدلت بها قبل شهر تقريباً لقناة «دويتشه فيله» حين قالت: «لن أكون وسيطاً في النزاعات السياسية، لقد قمت بذلك لسنوات طويلة، 16 عاماً قضيتها كمستشارة». ما الذي ستقوم به إذن بعد تقاعدها؟ تجيب: «القراءة والنوم».
وبالفعل، بدءاً من اليوم ستتمكن ميركل من القراءة والنوم من دون أن تؤرقها أزمات بلادها والعالم؛ فهي تنقل اليوم هذه المهام لخليفتها شولتز الذي كان نائبها طوال السنوات الأربع الماضية، بعد أن يصوت البرلمان الفيدرالي (بوندستاغ) رسمياً على تسميته مستشاراً. وفي حفل رمزي صغير في مقر المستشارية الذي يقع مقابل مبنى البرلمان، تنقل ميركل السلطة بعد الظهر إلى شولتز، وتغادر بهدوء مقر المستشارية للمرة الأخيرة. فحفل وداعها الصاخب أُقيم الأسبوع الماضي، بحفل غنائي وأوركسترا ضخمة أدت 3 أغنيات من اختيارها، ودموع بقيت محبوسة في عينيها.
وهكذا تطوي ألمانيا نهائياً اليوم حقبة ميركل وتفتح حقبة جديدة تقودها فيها حكومة يرأسها الاشتراكيون بمشاركة حزبين آخرين هما الخضر والليبراليون، لتصبح المرة الأولى التي تشكل في ألمانيا حكومة تضم 3 أحزاب. ووقع أمس زعماء الأحزاب الثلاثة على الاتفاق الحكومي الطموح الذي جاء في 177 صفحة، وتحدث شولتز ورئيسا الحزبين الآخرين للصحافيين ليعلنوا ولادة الحكومة الجديدة.
وسمى شولتز نائباً له زعيم حزب الخضر روبرت هابيك الذي تسلم أيضاً منصب وزارة الاقتصاد وحماية البيئة، فيما تسلم زعيم حزب الليبراليين كريستيان ليندر منصب وزير المالية. وانتقلت وزارة الخارجية من الحزب الاشتراكي إلى الخضر وتسلمتها للمرة الأولى سيدة هي أنالينا بيربوك، الزعيمة المشتركة لحزب الخضر والمرشحة الخاسرة لمنصب المستشار. وحرص شولتز على التأكيد أن حكومته ستعكس صورة التوازن في المجتمع، وسيكون نصفها من النساء اللواتي أوليت لهن أبرز الحقائب في الحكومة، من الخارجية إلى الدفاع والداخلية.
وسجلت الحكومة الجديدة أيضاً تسلم أول ألماني من أصل تركي لحقيبة وزارية هي الزراعة التي سيرأسها تشيم أوزدمير من حزب الخضر. وأوليت حقيبة الصحة المهمة لطبيب مختص في علم الوبائيات من الحزب الاشتراكي هو كارل لاوترباخ الذي صعد إلى النجومية خلال أزمة «كورونا» بسبب استضافة القنوات الألمانية بشكل دائم له للنصح حول التعاطي مع الفيروس.
وعلى رأس أجندة الحكومة الجديدة مكافحة وباء «كورونا»، إذ يستعد شولتز لطرح إجبارية التلقيح على البرلمان للتصويت عليه قبل نهاية العام، رغم الجدل الكبير الذي قد يتسبب به جعل اللقاحات إجبارية. وكانت حكومة ميركل قد كررت مراراً بأنها لن تجعل اللقاحات إجبارية وأنها عوض ذلك تعتمد على إقناع المترددين بأخذ اللقاح. وتعد نسبة الملقحين في ألمانيا من الأدنى في الدول الغربية وهي لا تتجاوز الـ 68 في المائة.
كما تعهدت الحكومة الجديدة باعتماد سياسات بيئية جريئة لمكافحة التغير المناخي، وجعل البلاد أقل «بيروقراطية» لجهة التسريع في المكننة وتحديث بنية الاتصالات. ورغم أن ألمانيا هي أكبر اقتصاد في أوروبا، فهي تعاني من بطء كبير في التحديث وما زالت مؤسسات الدولة تعتمد بشكل واسع على جهاز «فاكس» مثلاً، ويعد الإنترنت لديها من الأضعف في أوروبا الغربية.
وتبنى الائتلاف الحكومي كذلك سياسات طموحة تتعلق بالهجرة والاندماج، وتضمن الاتفاق الحكومي العمل على إلغاء قانون التخلي عن الجنسية الأصلية قبل الحصول على الألمانية وتقليص مهلة التقدم للحصول على الجنسية من 8 سنوات إلى 5 سنوات. إضافة إلى مقترحات أخرى لدمج المهاجرين، مثل إلغاء حق منح الجنسية فقط لمن هم مرتبطون بألمانيا بـ«الدم» أي أن أحد الوالدين ألماني، والسماح للمولودين في البلاد بالحصول على الجنسية، ما يمنح آلاف اللاجئين السوريين حق الحصول على الجنسية فوراً.
ومع تسلم الاشتراكيين الحكومة، سيجلس حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي قادته ميركل لـ20 عاماً، في صفوف المعارضة للمرة الأولى منذ عام 2005، ومنذ تخلي ميركل عن قيادته عام 2018، يكافح الحزب للعثور على زعيم بديل يقوده، خصوصاً بعد خسارته التاريخية للانتخابات العامة. وقد جرب زعيمين حتى الآن منذ تخلي ميركل عن قيادته، وهو يبحث حالياً عن ثالث يكون قادراً على توحيده وإعادته إلى السلطة.



رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
TT

رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

انتقدت رئيسة المحكمة الجنائية الدولية، الولايات المتحدة وروسيا، بسبب تدخلهما في تحقيقات المحكمة، ووصفت التهديدات والهجمات على المحكمة بأنها «مروعة».

وقالت القاضية توموكو أكاني، في كلمتها أمام الاجتماع السنوي للمحكمة الذي بدأ اليوم (الاثنين)، إن «المحكمة تتعرض لتهديدات بعقوبات اقتصادية ضخمة من جانب عضو دائم آخر في مجلس الأمن، كما لو كانت منظمة إرهابية»، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وأضافت: «إذا انهارت المحكمة، فإنّ هذا يعني حتماً انهيار كلّ المواقف والقضايا... والخطر على المحكمة وجودي».

وكانت أكاني تشير إلى تصريحات أدلى بها السيناتور الأميركي، ليندسي غراهام، الذي سيسيطر حزبه الجمهوري على مجلسي الكونغرس الأميركي في يناير (كانون الثاني) المقبل، والذي وصف المحكمة بأنها «مزحة خطيرة»، وحض الكونغرس على معاقبة المدعي العام للمحكمة.

القاضية توموكو أكاني رئيسة المحكمة الجنائية الدولية (موقع المحكمة)

وقال غراهام لقناة «فوكس نيوز» الأميركية: «أقول لأي دولة حليفة، سواء كانت كندا أو بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا: إذا حاولت مساعدة المحكمة الجنائية الدولية، فسوف نفرض ضدك عقوبات».

وما أثار غضب غراهام إعلان المحكمة الجنائية الدولية الشهر الماضي، أن قضاة المحكمة وافقوا على طلب من المدعي العام للمحكمة كريم خان بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، والقائد العسكري لحركة «حماس» بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية فيما يتصل بالحرب المستمرة منذ ما يقرب من 14 شهراً في غزة.

وقوبل هذا القرار بإدانة شديدة من جانب منتقدي المحكمة، ولم يحظَ إلا بتأييد فاتر من جانب كثير من مؤيديها، في تناقض صارخ مع الدعم القوي الذي حظيت به مذكرة اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي، على خلفية تهم بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

كما وجهت أكاني، اليوم (الاثنين)، أيضاً انتقادات لاذعة لروسيا، قائلة: «يخضع كثير من المسؤولين المنتخبين لمذكرات توقيف من عضو دائم في مجلس الأمن».

وكانت موسكو قد أصدرت مذكرات توقيف بحق كريم خان المدعي العام للمحكمة وآخرين، رداً على التحقيق في ارتكاب بوتين جرائم حرب بأوكرانيا.