الجيش الإسرائيلي يعلن اكتمال بناء الجدار الضخم حول غزة

TT

الجيش الإسرائيلي يعلن اكتمال بناء الجدار الضخم حول غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس (الثلاثاء)، الانتهاء رسمياً من بناء الجدار الضخم حول قطاع غزة، الذي يمتد فوق الأرض وتحتها بطول 65 كيلومتراً، في مراسم رسمية شارك فيها وزير الدفاع بيني غانتس وقادة الجيش والمخابرات وشخصيات جماهيرية من سكان البلدات اليهودية في المنطقة. وقال غانتس إن «هذا الجدار يضع حاجزاً بين حركة حماس والسكان الإسرائيليين ويمنح الأخيرين شعوراً بالأمن».
والجدار، الذي بدئ العمل فيه خلال ولاية بنيامين نتنياهو عام 2018، يرتفع نحو 6 أمتار فوق الأرض وعدداً سرياً من الأمتار تحت الأرض. وقد بني كله في الجهة الإسرائيلية من الحدود، ويمتد قسم منه إلى البحر المتوسط، مقابل شواطئ غزة. وهو يحتوي على أجهزة استشعار لاكتشاف عمليات حفر أنفاق تحته.
وتم استخدام مليوني متر مكعب من الباطون المسلح و140 طناً من ألواح الحديد والفولاذ. ونصبت فوقه مئات الكاميرات وعشرات الرادارات. واستغرق إنجازه 3 سنوات ونصف السنة بعمل امتد طيلة النهار والليل، وقام بإنجازه 1200 عامل ومهندس. ويمتد قسم منه إلى البحر المتوسط، مقابل شواطئ غزة.
وقال غانتس: «هذا العائق، وهو مشروع تكنولوجي وعملاني، ذو أهمية عليا، يسلب حماس إحدى قدراتها التي حاولت تطويرها، ويضع جداراً حديدياً، مجسات وإسمنتاً، بينها وبين سكان الجنوب. وبهذا الجدار، نوفر سوراً دفاعياً لسكان الجنوب، وليس أقل من ذلك شعوراً بالأمن الشخصي الممكن ويسمح لهذه المنطقة الجميلة بمواصلة النمو». وأضاف: «روتين الحياة هنا هو انتصارنا الكبير، وهو العدو الأكبر للمنظمات الإرهابية. وسنستمر في الاستعداد من أجل تحييد قدرات حماس كافة لاستهداف مواطني إسرائيل، مع التأكيد على تهديد القذائف الصاروخية الموجودة في الهداف حالياً، من داخل أراضي القطاع». وهدد غانتس بـ«أننا سنفعل أي شيء من أجل منع ضخ خبرات وتكنولوجيا إيرانية إلى غزة، وسنستمر في تشويش وإحباط أي محاولة من جانب حماس لتشغيل أذرعها في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أو في إسرائيل».
واعتبر «أن مطالب إسرائيل من أجل تغيير الواقع في غزة، بسيطة وواضحة وهي: وقف الإرهاب، ووقف تعاظم قوة حماس، وهدوء طويل المدى، وإعادة الأبناء (الأسرى الإسرائيليين في القطاع). ونعمل ليل نهار من أجل تحقيق ذلك، والعمليات جارية طوال الوقت فوق وتحت سطح الأرض. وأنصح حماس بأن تنشغل بدفع هذه المواضيع وليس بتهديدات فارغة».
المعروف أن قرار بناء هذا الجدار اتخذ عام 2014، عندما تمكن عدد من المسلحين من حركة حماس من اختراق الحدود إلى إسرائيل عبر نفق من القطاع.
وقد حاول هؤلاء اختطاف جنود إسرائيليين. واعترضت قيادة الجيش يومها على المشروع، لكن نتنياهو أصر عليه. ورصد له موازنة مليار شيقل، زادت خلال العمل إلى 1.5 مليار شيقل (نصف مليار دولار تقريباً). ويوم أمس، تغيب نتنياهو عن حفل تدشين الجدار وحضره رئيس أكان الجيش، أفيف كوخافي، والمدير العام لوزارة الدفاع، الجنرال أمير أيشل، الذي أشغل في حينه منصب قائد سلاح الجو.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.