إصابة 4 جنود أتراك في مواجهات مع حزب العمال الكردستاني

إردوغان: هجوم «أغري» يهدف لنسف مناخ السلام في بلدنا

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال افتتاحه لعدد من المشاريع الخدمية في ولاية صقاريا أمس (موقع وكالة الأناضول)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال افتتاحه لعدد من المشاريع الخدمية في ولاية صقاريا أمس (موقع وكالة الأناضول)
TT

إصابة 4 جنود أتراك في مواجهات مع حزب العمال الكردستاني

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال افتتاحه لعدد من المشاريع الخدمية في ولاية صقاريا أمس (موقع وكالة الأناضول)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال افتتاحه لعدد من المشاريع الخدمية في ولاية صقاريا أمس (موقع وكالة الأناضول)

أدان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشدة الهجوم الذي استهدف جنودًا أتراكًا أمس، في بلدة ديادين بولاية أغري، شرق البلاد، وأسفر عن إصابة أربعة، قائلاً: «أدين بشدة الهجوم الذي شنه التنظيم الإرهابي الانفصالي الهادف إلى نسف مناخ السلام في بلدنا، وتقويض مسيرة السلام الداخلي، وهم بهذا الهجوم قد اعتدوا على قوات أمننا التي تعمل بتفانٍ من أجل بسط الأمن لشعبنا الأبي».
جاء ذلك في كلمة إردوغان خلال افتتاح عدد من المشاريع الخدمية في ولاية صقاريا، حيث أوضح أن «الاشتباكات لا تزال متواصلة، والجنود الأتراك يشتبكون مع 25 إرهابيًا»، مضيفًا: «هذا الحزب المعروف (في إشارة إلى حزب الشعوب الديمقراطي) يسعى إلى جمع الأصوات من خلال ممارسات ذلك التنظيم الإرهابي الانفصالي (في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني بزعامة عيد الله أوجلان)، وإن كانوا ينادون بالديمقراطية، والحقوق والحريات الأساسية فطريق ذلك لا يكون عبر السلاح، بل صناديق الاقتراع»، حسبما نقلت وكالة «الأناضول» التركية.
وتطرق إردوغان إلى مسألة تغيير نظام الحكم في تركيا إلى النظام الرئاسي، مشيرا إلى أن الحاجة لدستور جديد، ونظام رئاسي في تركيا، خرجت من كونها خيارًا لتتحول إلى ضرورة، لافتًا إلى أن النظام الحالي لا يستطيع أن يقود تركيا أكثر من ذلك.
وأصيب أربعة جنود أتراك بجروح أمس خلال مواجهات في جنوب شرقي البلاد مع ناشطين في حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية كما أعلن الجيش. وأفاد بيان عسكري بأن الجيش أرسل مروحيات وطائرات استطلاع ووحدة كوماندوز إلى منطقة أغري (جنوب شرق) الحدودية مع إيران حيث المواجهات مستمرة. وبحسب الجيش التركي توجه الجنود إلى منطقة ديادين بعد أن تبلغوا بأن «مهرجانا» سيقام فيها للترويج «للمنظمة الإرهابية الانفصالية»، التعبير الذي تستخدمه تركيا للإشارة إلى حزب العمال الكردستاني. وأفاد بيان الجيش الذي نشر على موقعه الإلكتروني وأشار إلى إصابة أربعة جنود بأن متمردي حزب العمال فتحوا النار على الجنود الذين ردوا بالمثل. وجاء في البيان أنه «تم إرسال طائرات استطلاع ومروحيات قتالية ووحدة كوماندوز إلى المكان» حيث «المواجهات مستمرة».
ووصف صلاح الدين دمرداش، زعيم حزب الشعب الديمقراطي الموالي للأكراد والذي يتوسط بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني، الاشتباكات بأنها «تطور محزن ومقلق»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال في تصريحات للتلفزيون: «يجب إجراء تحقيق مفصل لمعرفة ما حدث بالضبط».
وبدوره، وصف نائب رئيس الوزراء يالشين اكدوغان، ممثل الحكومة في عملية السلام، الاشتباكات بأنها «هجمات إرهابية». وكتب في تغريدة على «تويتر» أنه «لا يمكن تعريض إرادة الشعب للخطر بسبب ضغوط سياسية وأعمال عنف. إن فتح النار ستكون له انعكاسات سلبية».
وتشهد منطقة جنوب شرقي الأناضول منذ 1984 تمردا انفصاليا مسلحا أطلقه حزب العمال الكردستاني وأوقع 40 ألف قتيل. لكن أعمال العنف باتت نادرة منذ أن أطلقت أنقرة في 2012 مفاوضات مع زعيم حزب العمال المسجون عبد الله أوجلان لوضع حد للنزاع الكردي.
وفي نهاية مارس (آذار) كرر أوجلان عزمه على إلقاء السلاح، ولم يعد حزب العمال يطالب بالاستقلال بل بحكم ذاتي واسع لأكراد تركيا الـ15 مليونا (20 في المائة من السكان). إلا أن هناك مؤشرات على أن عملية السلام تتعثر في الأشهر الأخيرة مع استعداد القوى السياسية في تركيا للانتخابات التشريعية التي ستجرى في 7 يونيو (حزيران) المقبل.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».